القُبْسه، بضم القاف وتسكين الباء وهاء مهملة. وجمعها قبوس حسب اللسان الدارج. وقدوردلها ذكر في تاريخ ابن بشر «1» من أهمّ المصادر التاريخية لبلادنا حيث قال وهو يصف القوة الحربية بقيادة ابراهيم باشا عندما جاء غازياً ومحارباً للدرعية العاصمة الأولى لبلادنا. يقول ابن بشر «.. وكان هذا الباشا في قوة عظيمة من العساكر والأموال وآلات الحرب من القبوس والقنابر وكثرة السلاح وكثرة تتابع القوافل والجبخان وآلات العساكر. إلى أن يقول وكانت قبوسه وقنابره أمر هائل من عظم رصاصها وما تفعله في البروج والجدران والبيوت. وقيل إن رصاصة القنبرة وزنت أكثر من عشرين وزنة وذكر لي والكلام لابن بشر أن كروة الرصاصة الواحدة من مصر إلى الدرعية بلغت ثمانية أريل وذلك إن البعير لا يحمل منها إلا ستّاً».
ولعلّ العامة لم يبعدوا عن المعنى لهذه التسمية إذ وجدت في المعجم الوسيط الجزء الثاني بأن القبسه بفتح الباء والسين شعلة من النار ويقال مازرتك إلا كقبسة العجلان «زيارة سريعة» ومما سبق يتضح لنا بأن القبسه قذيفة مكوّره أي رصاصة لمدفع قديم لهدم الحصون والأسوار لدخول المحاربين .
وفي متحفي مجموعة كاملة من هذه القذائف من الصغير ومتوسط الحجم والكبير «أنظر الصورة» وهي أنواع منها ما هو كتلة حديدية وغير مجوّفة أي لا يكون بداخلها ذخيرة من البارود وهذا النوع عادة ما يكون من المتوسط ومن الصغير الحجم أي بحجم البرتقالة المتوسطة تقريبا.
أما الأحجام الكبيرة فهي تملأ بذخيرة البارود لمضاعفة خطرها عندما يدفعها أيضا البارود بواسطة المدفع لتخرج كتلة من اللهب لتنفجر مرة أخرى بعد ارتطامها بما سددت إليه من أسوار أو مبان أو أبراج وكأنها في هذه الحالة انفجرت مرتين الأولى من المدفع والثانية بعد الارتطام.
وبعضهم يسميها بالقلة بتشديد اللام ومن الأدعية القديمة لكبار السن على المخطئ .. «جعلك القلة اللّي كبر راسك» وكأنهم بذلك يعنون الكبيرة الحجم التي هي تقريبا بحجم رأس الإنسان.
وقد ورد لها ذكر في الشعر الشعبي حيث يقول الشاعر القديم من قصيدة:
وادرج القلّه على خوان العهد جعلها حال عليهم إلى عادوا تعيد |
ويذكر القلة أيضا الشاعر عبد الله الوني من قصيدة:
يوم بندر يلوح القصر بالقلّة «2» والغنادير ينخن ماضي الأفعال |
وكانت هذه القذائف المفرغة من ذخيرتها متوفرة في الماضي إذ كنا ونحن صغار نلعب بها وكذلك كان أجدادنا يستعملونها مع وحدات الوزن القديم بعد معادلتها مع الأوزان الأساسية حيث كانت تؤدي الغرض المطلوب وذلك لندرة وحدات القياس في الماضي وكما يقال الحاجة تفتق الحيلة.
هذا ما جال بخاطري أوثق لأداة القبسه «3» أو القلة أو الرصاص وإن اختلفت التسمية فالمعنى والغرض واحد لهذه الأداة التراثية والتي صنفتها ضمن الأدوات الحربية القديمة.
هامش:
«1» عنوان المجد في تاريخ نجد للعلامة المحقق عثمان بن بشر. الناشر مكتبة الرياض الحديثة.
«2» الربيعية .. من سلسلة هذه بلادنا من مطبوعات الرئاسة العامة لرعاية الشباب للأستاذ عبد العزيز بن راشد السيندي 1414ه 1994م.
«3» الاطلاع على عشر قطع من هذه القذائف لزوم البحث العلمي . مصدرها متحفي الخاص.
ص ب 31187 الرياض 11497 |