لم تعد الفيلة مصدر خطر على المنشآت والأنفس، فقد كفلت لها الغابات حياة آمنة وأتاح لها الإنسان مجالاً للتكاثر، لكن أطماعه في جلودها وأسنانها ما زالت قائمة وقد تخلصت الفيلة من تلك المتاعب المضنية التي طالما تحملتها من الإنسان.
فقد شاركت الفيلة في الجيوش وتقدمت الغزاة والمحاربين، بل ودخلت الفيلة تاريخ التغيير الفكري للإنسان عندما قدمت إلى البيت العتيق مع القائد الحبشي أبرهمة الذي جاء بالفيل ليزيل الكعبة ويرغم العرب على تغيير موقع العبادة الذي ينطوي عليه وبتلقائية انتقال حركة التجارة إلى اليمن التي كانت مستعمرة للحبشة.
لقد احتل أبرهمة مكة المكرمة وأرغم أهلها بالتوجه إلى الجبال وقام باستفزاز سافر لساداتهم عندما ساق إبل القرشيين إلى معسكره لينظر في قياس رد فعلهم. لكن عبدالمطلب بن هاشم سيد مكة تقدم إلى مقام أبرهمة ملتمساً منه رد الإبل ولم يتطرق في حديثه معه الى الكعبة، فتعجب أبرهمة منه، إذ كيف يطالب بالإبل وينصرف عن الأهم، فظهرت كلمة عبدالمطلب المشهورة «أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه».
ضابط عسكري اسرائيلي كبير تحدث إلى صحيفة معراخوت الاسرائيلية قائلا: «إن لدى اسرائيل أسلحة مدمرة تستطيع أن تمحو بها مكة المكرمة والمدينة المنورة من الوجود» ولم يتحدث هذا الضابط لتلك الصحيفة مستعرضا أو لتخويف المحاربين، وإنما ليلعب ذلك الدور الذي لعبه الفيل إذ سيقوم بهدم الكعبة المشرفة ومسجد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه دون أن يتكلف عناء، بل إن القائد العسكري الاسرائيلي لن يقع في حرج سياسي إذ لم يضع ضمن خططه الاستيلاء على إبل مكة أو سياراتها فالتدمير سيحل بهذه الأماكن دون حرج ودون سابق إنذار. ولكن هل ستتعرض اسرائيل لما يشتبه الطير الأبابيل الذي مزق جيش أبرهمة ولم ينج منه سوى القائد الحبشي وبعض معاونيه.
إن لدى حماة الحرمين الشريفين قوة مسلحة ضاربة يصل تعداد جنودها إلى 191 ألف جندي وهو العدد الذي أبرزه معهد الدراسات الاسراتيجية في تل أبيب ضمن تقرير شامل عن القوى العربية المحيطة بالأرض المحتلة.
وأبرز هذا التقرير وجود 750 دبابة ومئات الصواريخ البالستية وغيرها وأكثر من 300 طائرة مقاتلة وبوارج بحرية وغيرها.
ومهما كان عدد المحاربين فالعدة والعتاد والتقنية وإيمان المقاتل بشرعية قتاله ومآله بعد الموت، كل تلك المعنويات والمفاهيم القتالية لا تخضع لأي مؤشر إحصائي يجعل اليهود يشعرون بالأمن والسلام عند عزمهم مهاجمة بيوت الله.
إن الاستدلال بالتاريخ خير شاهد على نجاحنا وسلامة مساعينا فلم يخسر اليهود في حرب مواجهة عسكرية بقدر ما خسروا في حربهم مع منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها القتالية.
كما سجلت مؤشرات القتلى من الجيش الاسرائيلي معدلات أعلى من تلك المؤشرات في إعداد القتلى من الاسرائيليين في الحروب العربية الاسرائيلية الأربعة.
إن الأعمال الفدائية التي تودي بالعشرات من الاسرائيليين في الملاهي الليلية ومحطات البنزين ومواقف الحافلات أو المطارات أو القطارات أو الأسواق العامة تأكيد للأثر بأن اليهود سيموتون في براثنهم وانهم لا يمكن أن يتقدموا خطوة تؤكد قوتهم. فهم من الضعف بحيث لا يستطيعون تأمين استمرار وجودهم أحياء.
إن من الأجدى للمستشارين بمعهد الدراسات الاستراتيجية في تل أبيب عدم إغراء الجنود الاسرائيليين بالقوة المزيفة فكان من الأولى إبراز مخاوف اليهود وقرار الكثير منهم العودة إلى منازلهم في أوروبا والولايات المتحدة وروسيا كما أن على المعهد الاسرائيلي أن يصدر معلومات ذات مغزى إنساني يحذر الحكومة الاسرائيلية من مغبة الاستمرار في إسقاط الطائرات المدنية ليموت يهود الهجرة المعاكسة في أعماق البحار وتختفي جثثهم في بطون الحيتان.
إن عكوف بيوت الخبرة العسكرية ومؤسسات العمل الاستخباري في البحث عن إحصائيات صحيحة أو خاطئة لأعداء القوات العربية لن يجدي نفعا ولن يوفر أمناً.. كما أن التهديد بإزالة بيوت الله عن الوجود مهزلة تجاوزها الزمن فقد وعد الله هذا البيت بالحماية وعلى من تنقصه المعرفة أن يتجه إلى صفحات التاريخ ليرى مراحل الولاية على الحرمين وانها لم تخضع في يوم ما لولاية ضعيفة. إن على اليهود البحث بكل جدية عن الحياة الآمنة فاليهود يموتون على أيدي الفلسطينيين لأنهم غصبوا أرضهم وأعانتهم القوى العظمى على هذا الاغتصاب فهم يموتون وفقاً لمؤشر عشوائي وغير مدروس، إذ يموت جندي تأثرا بجراحه ويليه مستوطن كان يقضي جزءا من وقته في شرفة منزله الذي كان يقطنه بالأمس ابن الأرض الفلسطيني الشهيد أو الهارب.
واليهود يموتون على أيدي أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية عندما يهمون بالعودة إلى مواقعهم الأصلية في اسبانيا أو أوروبا الشرقية أو الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا.
واليهود يموتون على أيدي المسيحيين الذين فقدوا سلطتهم المالية وباعوا أملاكهم لليهود قسراً في كل من الهند واليابان وجزر الهند الشرقية، واليهود ينتظرون الموت كلما هبت رياح الفتنة التي تحيط بهم من كل جانب.
إن من الخير لكل اليهود البحث عن الأمن بمعناه الحقيقي وليس بالمعنى الذي تؤمن به الدراسات الاستراتيجية الاسرائيلية ولعل الإغراء بهدم بيوت الله يضيف قائمة جديدة لمن يريد أن يساهم في تأمين حياة الإنسان على هذه الأرض. فالأمة الإسلامية الآن مدعوة لهذه المساهمة فالضمير اليهودي يتأذى من وجود بيوت الله في مكة والمدينة المنورة ويهدد بإزالتها ، فهل نحن على موعد على حرب تطهر الأرض من عناصر أعلنت حربها على الله وعلى الأمة.؟
|