قبل أن نبدأ في الإجابة على هذا السؤال علينا أن نتعرف على تنظيم القاعدة - ذلك التنظيم العسكري القتالي الغامض الذي أرغم القوى الكبرى على تحالف ضد الجبال والمغارات والأودية السحيقة في أرض أفغانستان.
شهدت مناطق الحدود فيما يسمى بمخيمات بيشاور حركة سافرة أو مستترة اختلطت فيها عوامل الغموض وعوامل الجلاء تبعا لاختلاف النوايا والتوجهات. فقد كانت الحرب الأفغانية الأولى موجهة ضد الروس فكانت العروض العقائدية مجهزة بألسنة ترمي بشررها على الشيوعية حتى ولو لم تكن تدرك معناها الحقيقي.. إذ لا بد من الوقوف ضدها لأنها عقيدة السياسة لدى الروس الذين يجب إزالتهم من أفغانستان.
وكانت قيادات من أطلقوا على أنفسهم «مجاهدون» متعددة الولاءات في مجتمع قبلي يؤمن بالسيادة العشائرية التي حققت الكثير من المكاسب وفق إرث تاريخي.
وعندما قدمت أفواج المجاهدين العرب كان لابد من استحداث قيادة خاصة بهم الى جانب قيادات الأفغان وهو ما زاد الأمور غموضاً وجلاءً في الوقت نفسه.. فقد وضحت خريطة الجهات وازدادت غموضاً مواقع تحديد القيادة ونوايا القتال. فالمقاتل الذي يقطن مع أسرته في خيمة في بيشاور يتلقى التدريب ويقاتل مع من يدفع أكثر ويؤمِّن العيش الكريم لأسرته بعد موته.. ودخل في خط الجهاد الغامض الكثير من القوى الاستخباراتية في المنطقة بما فيها اسرائيل التي أرسلت عدداً من اليهود اليمنيين للدخول في سلك الجهاد والتقرب الى قياداته في مشروع دفعوا تكاليفه وهو مشروع «إفطار صائم» في كل موسم رمضاني.
أسامة بن لادن. اليمني الأصل كان هو هدف رجال الاستخبارات الاسرائيلية الذين امتلأوا إيماناً بأن - بن لادن - اقتنع بأمانتهم وجدهم وعزمهم على الوقوف الى جانبه بحكم الوطنية العميقة.
ما هي القاعدة - وما هو تنظيمها؟
أسامة بن لادن. زعيم بارز. كان يزج بالشباب في أتون الحرب في غياهب المجهول ويغريهم ببريق قبورهم وروائحها الزكية. ولم يكن بن لادن على دراية بأصول القيادة. فقد كان فطريا يلتمس حسن النية في كل من يتعامل معه. فهو الضحية الأولى وقائد الضحايا. لقد دخل هؤلاء اليهود وغيرهم الى معسكره ووقفوا بالقرب منه وأقنعوه بأن ايمانهم لا يتزعزع بشرعية جهاده الأكبر الى أن يتم القضاء على رؤوس الشر: الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
انتهى الاتحاد السوفيتي - والآن متى تنتهي الولايات المتحدة الأمريكية؟
لقد وضع بن لادن قاعدة بيانات.. تضم أسماء الملتحقين بالقتال في معسكراته. وكان يسجل كامل المعلومات عنهم لينفذ وصاياهم بعد الموت ويغيث عائلاتهم ويرسل جثثهم الى ذويهم إذا تمكن من ذلك.. وقد ضمت هذه القائمة آلاف الأسماء وشملت كافة المعلومات بما فيها أساليب التدريب وأنواع الأسلحة وبطولاته الميدانية والقيادة التي يتبع لها.. ومن بين هؤلاء المجاهدين اليهود اليمنيون الذين قدموا للوقوف مع بن لادن بحكم الوطنية وحب الجهاد.
لقد قرر اليهود اليمنيون التوجه الى أمريكا لجمع الأموال مروراً بلندن.. وإثر استقرارهم في الولايات المتحدة الأمريكية كانوا يتحدثون مع بن لادن ليخبروه بفتح عظيم للإسلام وأنهم سوف يجعلون منه مفاجأة حميدة لينعم شيخهم بما قدمه أبناؤه أو رفقاء سلاحه من خدمة تتفق مع الهدف والمسعى.
كان اليهود اليمنيون يقومون بالتنسيق مع الموساد لتنفيذ مؤامرة 11 سبتمبر ضد مركز التجارة العالمي بعد ان أصبح بن لادن جاهزاً لتحمل المسؤولية عنها. فهو يتلقى المكالمات ويعرض خدماته على من هم في حكم أعوانه إذ يقوم بتحويل الأموال لهم باسم أحدهم ليساهموا في تنفيذ هذا المشروع.
لقد كان بن لادن على علم مسبق بالعمل لكنه ليس ذلك الشخص المدبر لعملية التفجير. ولم يكن الجهة المستفيدة من هذا العمل.
هذا هو تنظيم القاعدة.. إنه عبارة عن قاعدة بيانات لأولئك المقاتلين الذين قدموا عن حسن نية للقتال والموت في سبيل الله. وكذلك أسماء أولئك المجاهدين العاملين في أجهزة الاستخبارات المختلفة الذين قدموا بجوازات سفر مزورة وأسماء جهادية لبسوا من أجلها العمائم والثياب الفضفاضة وحملوا الأسلحة وتبنوا مشروعات خدموا فيها توجهات دولهم ضد الأمم.
لقد اختفى اليهود اليمنيون الذين يصل عددهم الى ستة أشخاص.. انتهوا من خارطة الوجود اليقيني بصفتهم الجهادية العربية المسلمة. ولم يبق سوى بن لادن وحده وصديقه سليمان أبو الغيث الذي يتخبط بعشوائية ليتحمل مسؤولية ما حدث وما سيحدث من أعمال إرهابية.
إنني أوجه اللوم لكل قيادة اسلامية وعربية غيورة وهي تراقب الأحداث في أفغانستان إبان الحرب الأفغانية الأولى وحرب تكوين طالبان، فقد كانت هناك معلومات أغلى من المال كان بالامكان الاستفادة منها وتسخيرها لخدمة مصالح دولهم أفضل من أعمال ضعيفة أحادية الجانب لم تسفر عن عظيم فائدة.
ففي أفغانستان عرب انتحاريون وماتوا في قاعدة مزار الشريف. ذبحهم التاجيك ذبح النعاج. ومات الكثير منهم بالغاز السام في سيارات مغلقة. ومن نجا منهم تخللت جسده زخات الرصاص من المتربصين له عند تصور نجاته من الغاز.
ربحت اسرائيل الكثير. فالولايات المتحدة التي تقودها الكنيسة الانجيلكانية تقدم للرب الكثير من القرابين فهم يعززون وجود شعب الله المختار عندما يمثلون بجثث العرب في أفغانستان ويتيحون لليهود في فلسطين قتل العرب وهدم منازلهم.
أين هو تنظيم القاعدة وأين أسلحته البيولوجية؟.
تنظيم القاعدة لا يعدو كونه قاعدة بيانات عادية. ولا توجد له أسرار عسكرية. فلو كان لديه قوة قتالية لكان البادىء بالقتال. قبل ان تبدأ قوات تحالف الشمال بالتوجه إليه والقضاء عليه.
أوجه اللوم من جديد للحكومات العربية والاسلامية التي تعرف هذه الحقيقة ومع ذلك تطارد كل من ورد اسمه في هذه القاعدة المعلوماتية وتخرجهم من بيوتهم وتسلمهم الى الولايات المتحدة ليروا الذل والهوان وهم لا يعرفون ما هي جريمتهم.
أوجه اللوم لأجهزة الاعلام العربية والاسلامية التي تقف متبلدة وتردد ما تسمعه دون أن يكون لها أي كلمة على أن الهدف الأساسي من هذا التجمع العسكري هو توريد الذل الى الأمة.
إن غزو العراق والحشد الذي يتم الآن جاء ليبحث عن أسلحة الدمار الشامل. فكيف يمكن إيجاد سلسلة لنسب بين بن لادن وغزو أفغانستان وتنظيم القاعدة. وامتلاك العراق أسلحة جرثومية. ليس هناك سوى رأي واحد وهو أن والدة بن لادن السورية الأصل بعثية لها صلة بحزب البعث العراقي الذي كان على صلة مستمرة بتنظيم القاعدة عبر زيارات سرية كانت تتم بين بن لادن ووالدته وفقاً لما تحدث به بعض المتابعين لابن لادن بحكم عمله.
والآن جاء دور حزب الله الذي هو الآخر له علاقة بتنظيم القاعدة وكذلك ايران. وما أجملها من مهزلة سياسية رائعة في الهزل.
في النهاية أوجه هذا السؤال: ما هو الحماس القتالي للجنود المحتشدين في قطر؟ هل سيقاتلون باسم الله أم باسم بوش أم باسم الارهاب. حقاً إن هؤلاء الجنود يعيشون تيه اليهود في صحراء سيناء عندما طردهم رمسيس الثاني من مصر.
|