تحدث في الساحة التشكيلية كما في غيرها من ساحات العطاء والابداع بعض الاشكاليات سواء على المستوى الفردي أو التي يشترك فيها أطراف متعددة وعادة ما تكون هذه الاشكالات ناتجة من رؤية طرحها شخص ما أو فنان ما في موضوع له مساس بنتاج أو أسلوب أو تجربة فنان آخر وقد يكون هذا الرأي يحتمل الاجتهاد الصائب أحيانا أو جاء بدافع «رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي» وبالتالي يكون هذا المنتقد بضم الميم يهدف الى التوجيه والتقويم إلا ان ما يحدث من ردة فعل من الطرف الآخر تجاه هذا الموقف يكون في الغالب قاسيا وشديداً يصل في أغلب الاحيان الى التجريح والهجوم الشخصي والمهاترات غير المقبولة وبالتالي يحدث الصراع والجدل الذي قد يطول ويطول وقد يجر معه أطراف أخرى دفعها الفضول للمشاركة وتأجيج الموقف أو الانحياز الى طرف ضد الآخر وبالتالي يصل الأمر إلى فرقة وتناحر وجدل بيزنطي لا يخدم الساحة التشكيلية بأي شكل من الأشكال وقد يقول أحدهم ان هذا الجدل أو هذا الصراع له ايجابياته مثل ما له من سلبيات كأن يثير هذا الجدل فضول الآخرين البعيدين عن الساحة التشكيلية ومعطياتها أي أنه نوع من الاثارة الايجابية التي تحرك ركود الساحة وقد يلوي أعناق أطراف أخرى محايدة لمتابعة هذا الجدل والوقوف على ما يجري في هذه الساحة الابداعية سواء سلبا أو ايجابا إضافة الى ان مثل هذا الجدل وهذا الصراع قد يؤدي الى حث الهمم للمجابهة ومقارعة الحجة بالحجة وفق ما يتكئ عليه كل طرف من ثقافات ومحاور نقاشية مختلفة ومن هنا فإن المتابع لما يحدث يجد ما بين هؤلاء وهؤلاء معطيات جدلية وخطابات لها مردود ايجابي أيضا.. خلاصة القول ان الرأي مطلوب والمجادلة بالحسنى مطلوبة أيضا لأن الجدل الموضوعي والمناقشة والحوارات الواعية لها ايجابياتها على الساحة، أما أن يصل الأمر إلى اجترار أمور بعيدة عن الموقف أو القضية والخروج عن النص والجنوح الى الاسفاف وسقط الكلام والتجريح الشخصي فهذا هو المنحى الأكثر إيلاما وهذا هو الجدل الباهت خاصة ان محور القضية هو الفن التشكيلي ذلك النبع الابداعي الجميل الذي يدعو إلى الجمال وادراكه في كل نواحي الحياة لما يحمله من مضامين رائعة أداء وتقنية وفكراً صاغها الفنان التشكيلي بأدواته وخطوطه ومساحاته وألوانه وتقنياته المختلفة وقبل ذلك بمشاعره وأحاسشيسه وانفعالاته في عالم الوعي واللاوعي أيضاً. أملنا أن نجد في قنواتنا الإعلامية حوارات هادفة وموضوعية تتناول العمل نفسه شكلاً ومضموناً بعيداً عن مزالق التجريح الشخصي والأهواء والشللية وسلبياتها.
إضاءة
يظل الفنان التشكيلي الكبير طه صبان مدهشاً بحضوره الرائع وتألقه في المحافل التشكيلية المحلية والدولية كافة وهذا بلا شك نتاج طبيعي للجهد الذي بذله ولا يزال طوال تاريخه الحافل بالانجازات على المستويين الشخصي والرسمي. تحية لفناننا الحاضر دائما ومزيداً من التألق والإبداع.
|