* عمان الجزيرة خاص:
شهدت العاصمة المصرية القاهرة أمس الأربعاء بدء اجتماع الفصائل الفلسطينية التي وجهت الدعوة للمشاركة في حوار يستهدف التوصل إلى موقف موحَّد لمواجهة تحديات المستقبل، حسب قول محمود عباس «أبو مازن»، تتمخض عنه وثيقة إجماع، وذلك في الوقت الذي تضاربت فيه آراء قادة حماس في الداخل الذين أعلنوا رفضهم وقف العمليات، مع نظرائهم في الخارج، الذين قالوا باستعداد الحركة لوقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين اذا ما أوقف الاسرائيليون قتل المدنيين الفلسطينيين، وذلك في الوقت الذي أكدت فيه الجبهة الدّيمقراطيّة أن مشاركتها في الحوار تأتي على أساس استمرار المقاومة والانتفاضة.
فقد قال محمود عباس أبو مازن، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن مصر دعت إلى حوار بين الفصائل الفلسطينية، سيعقد الأربعاء في القاهرة، لبحث القضايا الأمنية والسياسية والتنظيمية، بهدف التوصل إلى موقف موحد لمواجهة تحديات المستقبل.
وقال أبو مازن: «ستبحث كل القضايا، بما فيها الأمنية والسياسية والتنظيمية .. تتضمن كل شيء».
وكان مسؤولون فلسطينيون قالوا ان مصر سلمت دعوات لعشرة فصائل فلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي وفتح، لحضور جلسة حوار لمناقشة ورقة مصرية تتركز حول وقف العمليات داخل اسرائيل، والاعتراف بانه لا سلطة في المناطق الفلسطينية الا السلطة الوطنية، بقيادة الرئيس ياسر عرفات، والمشاركة السياسية للفصائل الفلسطينية المختلفة.
وقال أبو مازن إن اللجنة المركزية لحركة فتح ناقشت الورقة المصرية، ووافقت عليها.
وتابع يقول: «الموقف الفلسطيني الموجود لدينا هو التهدئة، وأعلن الأخ ياسر عرفات، أكثر من مرة، ضرورة وقف جميع الأعمال، ومنذ أسبوع أعلن بصراحة انه يطالب الجميع بالتهدئة تمهيداً للوصول إلى طاولة المفاوضات».
وأعرب أبو مازن عن أمله في التوصل لاتفاق حول التهدئة، وقال انه إذا ما وافقت جميع الفصائل على الورقة المصرية، وبدأ تنفيذها على الأرض، «عندها تنتقل الكرة إلى الملعب الاسرائيلي. أيضا هناك مطالب يجب على الجانب الاسرائيلي تنفيذها. المطلوب إيقاف الاغتيالات والملاحقات واقتحام المدن والقرى الفلسطينية، وإخلاء سبيل آلاف السجناء الفلسطينيين.
كل هذا مطلوب من الجانب الاسرائيلي، ويكون هذا تمهيداً لعملية السلام.
وأكد محمود عباس موقفه المعارض بشدة تسليح الانتفاضة الشعبية. وقال إن الانتفاضة هي تعبير شعبي عن رفض الاحتلال والاستيطان، مضيفا «منذ البداية، كان رأيي أن هذه العمليات أيضا الانتحارية ليست في مصلحتنا، ولا تصب في مصلحة الانتفاضة الشعبية، التي تعبر فعلا عن رغبات الشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت، تكسب عطفاً وتأييداً من العالم أجمع، كما حصل في الانتفاضة الأولى».
وواصل أبو مازن: «لذلك، قلت لا يجوز أن نستعمل السلاح، لأننا في هذه الحالة، نلعب في ملعب من يريد أن يؤجج الوضع كله، وقدرات الفلسطينيين والعرب معروفة ومحددة، وبالتالي في اعتقادي انها لا تؤدي إلى شيء». وقال: «لا بد من أن ننتقل إلى مرحلة أخرى من النضال. أنا لا أقول أن نوقف النضال، وإنما هناك فرق بين عسكرة الانتفاضة والانتفاضة. الانتفاضة الأولى استمرت ثماني سنوات، ولم يعترض عليها أحد. أما الآن، فرأينا النتائج على الأرض. هناك تدمير وصعوبة».
وأشار محمود عباس إلى ضرورة الانتقال إلى وضع يبدأ فيه الفلسطينيون بالخروج من المأزق الحالي، واقترح بالبدء أولا بالاتفاق على رؤية موحدة في حوار القاهرة، ووحدة وطنية حقيقية.
وقال «أعتقد، أولى هذه الخطوات أن ننجح في القاهرة، وعندما نحقق وحدة رؤية فلسطينية واحدة، وسيشارك الجميع بالسلطة، أو يمارسون طموحاتهم السياسية بطريقة ديمقراطية، أعتقد من هنا يبدأ الشعب الفلسطيني استرداد صحته، ومن ثم الانتقال إلى مراحل أخرى».
من جانبها أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن مشاركتها في الحوار الذي ترعاه مصر ويستأنف الأسبوع المقبل في القاهرة يأتي على أساس استمرار المقاومة والانتفاضة. وأعلن مسؤول كبير في حركة حماس استعداد حركته وقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين اذا ما أوقف الاسرائيليون قتل المدنيين الفلسطينيين.
وقالت الجبهة الديمقراطية انها «ترحب بالدعوة المصرية للحوار في القاهرة وتؤكد مشاركتها في هذا الحوار وتعرب عن تقديرها وشكرها للقيادة المصرية». لكنها أضافت أن مشاركة الجبهة في الحوار تأتي «انطلاقاً من حرصها على أسس جديدة تنطلق من الإجماع الوطني حول استمرار الانتفاضة والمقاومة ضد قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين وفق برنامج شامل للإصلاح الديمقراطي وانتخابات ديمقراطية وفق مبدأ التمثيل النسبي وتشكيل قيادة وطنية موحدة».
كما دعت الجبهة الممثلة في هياكل منظمة التحرير الفلسطينية من لجنة تنفيذية ومجلس مركزي ووطني، جميع الفصائل المشاركة في حوار القاهرة إلى «تجاوز الفرق في البرامج الخاصة والتقدم نحو القواسم المشتركة وبناء الوحدة الوطنية».
ويغيب عن هذه المحادثات محمد عباس «أبو العباس» زعيم جبهة تحرير فلسطيني الذي اضطر أخيرا إلى قطع أول زيارة يقوم بها للقاهرة منذ عام 1985م بعد تقديم الولايات المتحدة استفساراً رسمياً إلى الحكومة المصرية بشأنه على خلفية عملية اختطاف سفينة للركاب.
ومن المتوقع أن يستمر الحوار خمسة أيام يعلن في ختامه عن بيان جماعي يحدد أولويات العمل الفلسطيني في المرحلة المقبلة ويشدد على دور السلطة الوطنية الفلسطنية.
من جانبهم أعلن مسؤولون في حركة حماس في قطاع غزة أن حماس لن توقف العمليات داخل اسرائيل، وانها ستستمر في المقاومة، غير أن قياديي حركة حماس في الخارج، الذين سيشاركون في جلسات الحوار في القاهرة، لم يعلنوا عن موقفهم تجاه الورقة المصرية بعد.
وكان عبدالعزيز الرنتيسي، أحد مسؤولي الحركة في القطاع، أعلن الجمعة الماضي ان حماس «أعطت مصر ردها الرسمي: نحن ضد وقف المقاومة ونرفض هدنة مدتها سنة».
وأبدى أسامة حمدان، ممثل حماس في لبنان وأحد أعضاء وفدها إلى حوار القاهرة، ان حماس مستعدة لوقف هجماتها ضد المدنيين الاسرائيليين مقابل وقف اسرائيل استهداف المدنيين الفلسطينيين.
وقال ردا على سؤال حول الحوار، إن حماس «ترفض وقف المقاومة وترفض الهدنة التي يجري الحديث عنها». وأضاف أن حماس «تتمسك باقتراحها الذي قدمته قبل سنة ويدعو إلى وقف الهجمات ضد المدنيين من الطرفين».
وأوضح أن «الحركة طرحت وقف استهداف المدنيين من الجانبين من دون حدود جغرافية مقابل وقف اسرائيل الحصار وإغلاق المدن والطرق والاغتيالات والاعتقالات ووقف هدم البيوت». إلا أن مسؤول حماس، الذي أعلنت حركته مسؤولياتها عن مهاجمة إحدى المستوطنات قال: «لا نعتبر المستوطنين مدنيين».
وأشار حمدان إلى أن الاجتماعات بين حماس وفتح ستعاود بعد غد على أن يليها بعد يومين اجتماع موسع لجميع الفصائل الفلسطينية. وقال ان الاجتماعات تهدف إلى اتفاق «الفلسطينيين على رؤية موحدة» مؤكدا ان «أي قرار يتخذ تحت الضغوط لن يكون صالحا» في إشارة إلى مطالبة مصر بوقف مؤقت للعمليات ضد اسرائيل.
من جانبه آخر، تعددت الروايات بشأن، مضمون وثيقة مصرية اقترحت على الفصائل الفلسطينية المشاركة في حوار القاهرة، كما تعددت ما بين مؤيد وناف لوجود هذه الوثيقة من أساسها.
وحصلت «الجزيرة» على نسخة من هذه الوثيقة التي تحمل عنوان «مشروع برنامج وطني»، قدم للفصائل الفلسطينية المعنية بالحوار قبل نحو عشرة أيام، وطلب منها ضرورة الرد بالموافقة قبل موعد انعقاد مؤتمر لندن الذي ناقش في الرابع عشر من الشهر الجاري، بغياب الوفد الفلسطيني الإصلاحات الفلسطينية.
ويفترض أن عمر سليمان مدير عام المخابرات المصرية، وأركان جهازه من كبار الضباط الذين رعوا الحوار مع مختلف الفصائل الفلسطينية، صاغوا هذه الوثيقة آخذين في الاعتبار وجهات النظر الفلسطينية التي استمعوا إليها، وضرورة تراجع بعض الفصائل عن مواقفها المتمسكة بتواصل المقاومة، ما دام بقي الاحتلال جاثماً على الشعب الفسلطيني وأرضه.
الهدف الذي تتحوصل حوله الوثيقة المصرية بكل بنودها هو تجميد وسائل العمل المسلح لمدة عام. ومن أجل إقناع الفصائل المتشددة بمثل هذا المطلب، كان لا بد من أن تؤكد الوثيقة أولا على شرعية مقاومة العدوان والاحتلال والاستيطان الاسرائيلي، وانتهاج جميع الوسائل والأشكال الكفاحية التي يمارسها الشعب الفلسطيني، إنما بما يخدم أهدافه الوطنية، وكذلك التمسك بروح النضال والمقاومة، إنما مع إعطاء جهود السلام فرصة لإثبات فاعليتها في وضع القضية على الطريق الصحيح عبر تجميد وسائل العمل المسلح.
ولأنه لا مقابل محدد لهذا القرار المطلوب من الفصائل الفلسطينية أن تتخذه فقد أضاف ذات البند بلغة غير محددة مؤكدين أن هدفنا الأسمى هو أن تتحرك كل القوى الإقليمية والدولية من أجل تغيير الواقع الحالي وواقع الجانب الاسرائيلي إلى الانسحاب ووقف عمليات القتل والاغتيالات والممارسات التعسفية ضد الشعب والقيادة الفلسطينية، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية دولية.
تجيب الوثيقة بإعلان ثقة الفصائل الفلسطينية في أن مصر ستواصل جهودها حتى نحصل على حقوقنا كاملة. وهذا يستدعي تأكيد التزام الفصائل الفلسطينية أمام القيادة المصرية بتنفيذ برنامجها الوطني هذا.
ولضمان أن هذا البرنامج لا يهدف للإطاحة بالرئيس ياسر عرفات، والتساوق مع المخططات الأمريكية الاسرائيلية فانه يؤكد التمسك بالقيادة الفلسطينية الشرعية المنتخبة، وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات .
وهنا نص الوثيقة المصرية التي يفترض أن القاهرة مددت الوقت المحدد للحصول على موافقة الفصائل الفلسطينية عليها إلى ما قبل دورة الانعقاد الثانية لمؤتمر لندن في 22 فبراير المقبل.
«برنامج عمل وطني»
إيماناً بعدالة قضيتنا، وإجلالاً لأرواح شهدائنا الأبرار، وتأكيداً لإصرار وعزم شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج على مواصلة نضاله الوطني البطولي من أجل نيل حقوقه المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واستمراراً لجهادنا المقدس من أجل فلسطين بكافة الوسائل التي تحقق هذا الهدف، وأخذاً في الاعتبار أن المسؤولية الوطنية تحتم إعلاء المصالح الوطنية عن أية مصالح أخرى، وأهمية تجميع الكلمة وتوحيد الموقف في هذه المرحلة، ووضع العالم أمام مسؤولياته فيما يواجهه شعبنا من ظلم وعدوان، وانطلاقاً من نتائج الحوارات الوطنية الفاعلة التي عقدت بالقاهرة، فاننا قد حددنا برنامجنا الوطني على النحو التالي:
أولاً: الأهداف الإستراتيجية:
1 إن قضيتنا الفلسطينية هي قضية شعب يسعى لنيل حقوقه في إطار مقررات الشرعية الدولية وعلى أساس ثوابت الإجماع الفلسطيني التالية:
أ إنهاء الاحتلال الاسرائيلي العسكري والاستيطاني للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس.
ب إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس على جميع الأراضي المحتلة.
ج صيانة وحماية حق العودة بناء على قرار الجمعية العامة رقم 194 وقرار مجلس الأمن رقم 242 وباتفاق الجانبين، وبما يكفل سلاماً عادلاً ودائماً لكل من اسرائيل والدولة الفلسطينية ويحقق سلاماً شاملاً.
ثانياً: الوسائل:
2 التأكيد على شرعية مقاومتنا للعدوان والاحتلال والاستيطان الاسرائيلي .
3 التأكيد على البعد العربي والاسلامي للقضية الفلسطينية كعمق استراتيجي هام، وإبراز البعد والطابع التحرري والإنساني لقضيتنا الوطنية، والتأكيد على أهمية وضرورة العمل من أجل تأييد وحشد هذه القوى لصالح نضالنا الوطني.
4 انتهاج جميع الوسائل والأشكال الكفاحية التي يمارسها شعبنا بما يخدم تحقيق أهدافه الوطنية.
5 التمسك بروح النضال والمقاومة، وإعطاء جهود السلام فرصة لإثبات فاعليتها في وضع القضية على الطريق الصحيح، وللتفاوض من أجل السلام قررنا تجميد وسائل العمل المسلح لمدة عام، مؤكدين على أن هدفنا الأسمى هو أن تتحرك كل القوى الإقليمية والدولية من أجل تغيير الواقع الحالي ودفع الجانب الاسرائيلي إلى الانسحاب ووقف عمليات القتل والاغتيالات والممارسات التعسفية ضد الشعب والقيادة الفلسطينية والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية دولية.
ثالثاً: قضايا العمل الداخلي:
6 تلتزم كافة الفصائل والقوى الفلسطينية بوحدة الصف الفلسطيني التزاماً كاملاً، وتبتعد عن أية محاولات من شأنها أن تؤدي إلى المساس بالوحدة الوطنية أو بالجبهة الداخلية التي يجب أن تكون خلال هذه المرحلة في أوج تماسكها.
7 التمسك بالقيادة الفلسطينية الشرعية المنتخبة وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات.
8 إجراء انتخابات ديمقراطية بمشاركة الجميع عند توافر الظروف الملائمة لاختيار قيادات وممثلي الشعب الفلسطيني.
9 مشاركة كافة التنظيمات والقوى الفلسطينية في إطار التعددية السياسية في صياغة السياسة الفلسطينية واتخاذ القرارات التي من شأنها تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني.
10 استمرار وتفعيل سياسة الإصلاحات الداخلية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية وأية مجالات أخرى تدعم صمود وتطلعات الشعب الفلسطيني.
11 بلورة رؤية اقتصادية متكاملة من خلال وضع أسس سليمة تدفع الدول المانحة لاستئناف وتفعيل تقديم المساعدات المالية بما يساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني وإصلاح البنية التحتية الأساسية وبناء الهياكل الملائمة لاقتصاد فلسطيني.
رابعاً: المتطلبات القادمة:
12 إن القوى والفصائل الفلسطينية وهي تخوض كفاحها من أجل نيل حقوقها المشروعة، تثمن كل ما تبذله الدول العربية لنصرة قضيتنا، وتثق في أن مصر الداعمة دائما للقضية الفلسطينية والساعية دائماً لنصرة الشعب الفلسطيني ستواصل جهودها حتى نحصل على حقوقنا كاملة، وإننا نؤكد التزامنا أمام القيادة المصرية بتنفيذ برنامجها الوطني هذا.
13 ولتنفيذ ما اتفقنا عليه قررنا تشكيل لجنة من الفصائل الفلسطينية الموقعة على هذا البرنامج بهدف استمرار الحوار ومتابعة تطورات الأوضاع ومستجدات الموقف.
|