الحوار الفلسطيني - الفلسطيني مطلوب في كل وقت وهو بالأحرى مطلوب بشدة الآن، غير أن صعوبة هذا الحوار، بسبب ما يكتنفه من تعقيدات، ينبغي ألا تؤدي إلى الاحباط بقدر ما يجب أن تكون محفزاً لاستمراره وبقوة لتجاوز الخلافات ولا نقول القضاء عليها نهائياً.
فالمطلوب في نهاية الأمر ليس توافقاً تاماً، فذلك أمر يصعب تحققه، وإنما المطلوب قدر من التنسيق يحافظ على تماسك الجبهة الفلسطينية في وجه عدو يتحين كل فرصة للقضاء عليها.
فالحد الأدنى من التنسيق يستطيع الحفاظ على صف متماسك ويتيح قدراً من المرونة في مواجهة العدو، فلطالما أعربت الفصائل الفلسطينية، عن استعدادها لوقف الهجمات لكنها كانت تقابل في كل مرة باستفزاز إسرائيلي من خلال قتل المدنيين وهدم منازلهم فضلاً عن تقييد حركتهم من خلال سياسات الإغلاق وحظر التجول.
ومن المؤكد أن الحوار الذي يبدأ اليوم في القاهرة لن يسعد إسرائيل بأي حال من الأحوال فهي لا تحتمل رؤية أي تجمع فلسطيني، ولطالما راهنت على ضرب الوحدة الفلسطينية واختراق صفوف الفلسطينيين من أجل خلق التناقض بينهم.
وعلى الفلسطينيين تدبر رد الفعل الإسرائيلي على لقائهم هذا والتمعن في ايجابيات هذه الوحدة التي تتحقق من مجرد التئام الفصائل ال«12» في القاهرة والأثر السياسي الكبير الإيجابي الذي تخلفه على مجمل الصف الفلسطيني، وكيف أن ذلك ينعش الآمال في إمكانية التلاقي على حد أدنى من الأهداف تكفي وحدها لإحداث الاضطراب في الجانب الإسرائيلي.
وبناء على ذلك فإن المطلوب أن تجتهد الفصائل في الوصول بهذا اللقاء إلى النتائج المرجوة وذلك من خلال طرح الهموم كلها على طاولة البحث، على أن يرافق مناقشة كل أمر حرص شديد على تغليب المصلحة الفلسطينية العليا على ما عداها، ومراعاة الظروف الدولية بما في ذلك أجواء الحرب التي تحيط بالمنطقة والتي تبدو إسرائيل عازمة على استغلالها بما يتيح لها تكريس الاحتلال خصوصاً إذا رأت ضعفاً في الصف الفلسطيني يمكنها من تمرير مخططاتها في ظروف مواتية لها.
إن الموقع المحوري للشأن الفلسطيني في الهموم العربية، باعتبار مركزية القضية، يجعل من الطبيعي أن يحظى حوار القاهرة بمتابعة عربية واسعة، والأمل هو أن يشكل هذا الحرص العربي على فلسطين وأهلها رافداً آخر يصب في صالح الارتقاء بهذا الحوار وتأمين كل سبل نجاحه.. خصوصاً وأن التوافق المرتقب مطلوب لمواجهة التحديات الإسرائيلية وأيضاً لخوض معركة السلام متى توفرت لها الظروف لاستئنافها.
|