يتفاعل الفنان التشكيلي مع أدواته الفنية وتجاربه وتقنياته ومعطياته المختلفة ليصل إلى قناعات تمنحه الإيمان بنضوج تجربته والوصول إلى الأهداف التي يسعى إليها والتي طالما بحث عنها من خلال مساره الطويل ونضاله الدؤوب في هذا المضمار الابداعي وبالتالي يظل هذا الفنان فخوراً بهذا الانجاز الذي وصل إليه لأن المشهد التشكيلي بشكله العام ما هو إلا ميدان خصب للابداع الذي لا يأتي إلا من خلال سيل من التجارب والبحث والمحاولات الجادة التي قد لا تلاقي القبول إطلاقاً أو انها تلاقي أيضا أنواعاً من تثبيط الهمم وقتل روح المغامرة والهجوم الذي يصل إلى حد التجريح وعليه فإن الفنان الذي لا يتكئ على مخزون ثقافي ووعي لما يقدمه قد يصل نتيجة لذلك إلى مرحلة من الاحباط وخمول الهمم وبالتالي فإن كل ما قدمه خلال ركضه الطويل وكفاحه في هذا الخطاب الثقافي يتضاءل في عينيه بل يتقزم ذلك كله إلى درجة فقدان الثقة بالنفس والشعور بالاحباط كما أسلفت.
ما دعاني إلى هذه المقدمة وهذا الطرح هو تلك التجربة الجريئة المثيرة للجدل التي طرحها الفنان التشكيلي «المشاغب» سعيد قمحاوي والذي احترم جداً تجاربه ومعطياته السابقة والحالية سواء من خلال حضوره الفاعل في بيت التشكيليين أو من خلال معطياته ومشاركاته المتعددة هنا وهناك أو من خلال طرحه الأخير الذي احتضنته قاعة «أتيليه جدة» في الأسبوع ما قبل الماضي.. لم يسعدني الحظ بحضور هذه «الشرارة» أو هذه الارهاصة الفنية إن جازت التسمية ولم أحادث طرفاً آخر بشأنها إلا ان اطلاعي على هذا المعرض المفاهيمي الذي أسماه «معرض يوم» كان من خلال صفحة تشاكيل في ملحق الأربعاء الأسبوعي وأنا والعياذ بالله من الأنا لا أقف مع هذا التوجه أو هذه الحركة التي قد تكون «انفعالية» اطلاقاً وفي الوقت نفسه لا أجد نفسي ضد ما طرحه القمحاوي لأن هذا المسلك الذي أقدم عليه الفنان ما هو إلا تجربة ضمن ميدان التجارب المفتوح للجميع على مصراعيه لكن مسألة قبول أو رفض هذه التجربة أو غيرها تختلف من شخص لآخر وهذا ديدن التجارب الجديدة فهي دائما تتضارب حولها الآراء ما بين رافض أو مؤيد متحفظ.
أيضاً قد يصل الفنان في مرحلة من مراحل عطائه إلى نوع من اليأس والاحباط والشعور بالملل نتيجة لطرح مكرر أو جمود متلق أو خلافه مما يدعوه إلى تقديم أطروحات شبيهة بهذا النوع من التجارب المثيرة للجدل.. من الأشياء الجديدة في هذا المعرض هو بساطة الافتتاح الذي خلا من الشكليات التي قد تسرق أعين المتلقين بعيداً عن اللوحة ومعطياتها الفنية إضافة إلى نجاح الفنان في تحقيق الهدف الذي سعى إليه وهو الاثارة التي قد تحرك سكون وصمت الساحة التشكيلية التي سوف تظل عالماً مليئاً بالابداع دائماً وأبداً.
إضاءة:
لم يعد التشكيل في الجنادرية في السنتين الأخيرتين يحظى بما كان يحظى به سابقاً من دعم وحضور إعلامي ومشاركة جادة من قبل أغلب الرموز التشكيلية المحلية واقتصر الحال على المشاركة من أجل المشاركة فقط كما أن الفعالية التشكيلية في الجنادرية لم تأت بجديد يذكر مع تقديري واحترامي لحماس واجتهادات الزميل العزيز جداً عبدالعزيز السواجي.
|