Thursday 30th January,2003 11081العدد الخميس 27 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لماذا تحوّل باول إلى «صقر» جارح ضد العراق؟! لماذا تحوّل باول إلى «صقر» جارح ضد العراق؟!
اجلين كيسلر (*)

لقد تحول وزير الخارجية الأمريكية كولين باول إلى صقر في الأسبوع الماضي وذلك بعد ان كان يصنف ضمن جناح الحمائم بل ومن أكثر الأصوات اعتدالا في الإدارة الأمريكية وقد نبع هذا التحول في توجهه والذي ظهر في خطبه العامة وفي محادثاته الخاصة مع مساعديه من احباطه من القرار الفرنسي الذي يهدف إلى المعارضة العلنية لأي إجراء عسكري.
في الوقت الذي تتزايد فيه قناعة الرئيس الأمريكي في أنه لا صدام ولا المفتشون يبدوانهم قادرون على نزع أسلحة العراق ومن بين أفراد الإدارة الأمريكية دائما ما كان يبرز باول كأحد رواد الفريق المؤيد لطرح القضية في الأمم المتحدة لحشد تأييد وإجماع دوليين واختبار نوايا صدام للوصول إلى حل سلمي ولكنه قد أخبر مساعديه في الآونة الأخيرة أنه ربما يدعم أي تحرك عسكري حتى في حالة عدم وجود قرار رسمي من الأمم المتحدة وقد صرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية أنه قد نتج عن ذلك وجود حالة من الترابط بين كبار مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون السياسية في الإدارة الأمريكية بشأن العراق أكثر من أي قضية أخرى بعد سلسلة من المناقشات المريرة بشأن طريقة حل هذه المسألة كما أصبح الرئيس أكثر عزما في تصميمه على أن نظام صدام حسين ينبغي نزع أسلحته للدمار الشامل كما أنه قد «فقد صبره» مع كل من مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة وصدام حسين على حد سواء ولطالما حافظ باول على توجهه الحذر والمتوازن تجاه العراق بصفته جنرالاً عسكرياً سابقاً وبخبرته الطويلة في كل من المجالين العسكري وفي الإدارة الأمريكية كثيرا ما تبنى باول وجهات نظر تفيد بأنه ينبغي على واشنطن أن تظهر أمام العالم على أنها سوف تذهب إلى آخر الطريق من أجل تجنب الحرب ولكنه في الوقت ذاته أثنى وبذكاء على أي قرار يتخذه الرئيس للوصول إلى حل في هذه المناقشات.
وكان ذلك سببا في أنه استطاع أن يحافظ على نفوذه في تلك الإدارة المليئة بكبار المؤيدين لخيار المواجهة مع العراق وباول جنرال متقاعد سابق طالما حافظ على توجه حذر ومتوازن تجاه العراق وبخبرته الطويلة في المجالين العسكري والإداري في أروقة البيت الأبيض جادل بشدة في المناقشات داخل الإدارة الأمريكية بأن واشنطن ينبغي عليها أن تبذل قصارى جهدها لتجنب الحرب ولكنه في الوقت ذاته أثنى بذكاء على قرار الرئيس الأمريكي الذي قام بحل تلك المعضلة وأنهى المناقشات والمناظرات وأصدر قراره وذلك التوازن في توجه باول هو ما أبقى على نفوذه في داخل تلك الإدارة المعبأة بالمؤيدين لاتخاذ مواجهات عسكرية مع العراق.
وقد صرح الجنرال أنتوني زيني الصديق الشخصي لباول ومبعوث وزارة الخارجية السابق إلى الشرق الأوسط بأن باول ربما يشعر أننا يجب أن نستمر في ذلك الطريق حتى نهايته.
ويريد أن يبقي على إدارته لعجلة القيادة داخل الخارجية الأمريكية ولكي نصل إلى ذلك فينبغي ألا يكون هناك انشقاق داخل الإدارة ولكن في المقابل نكون جبهة واحدة.
ومن مصلحة الإدارة الأمريكية أن تظهر صورة من التوحد بين أفرادها خاصة عندما تكون في محل هجوم من أقرب حلفائها مثل فرنسا وقلما تظهر الصورة الكاملة للمناظرات الداخلية بين الإدارة لمن هو خارجها كما سيكون في صالح الإدارة أن تجعل العراق يعتقد أن الحرب أصبحت وشيكة.
ولكن باول نفسه كثيرا ما كان يفصح بوضوح عن نواياه في خطبه العامة وقد حدثت نقلة هائلة في فكر باول خلال هذا الشهر ففي أحد الحوارات في مكاتب الخارجية الأمريكية منذ أسبوعين قال باول ان نظام التفتيش على الأسلحة لايزال في مرحلة «الطفولة» وقال: إن المفتشين بدأوا الآن فقط في التحرك بجد ربما بسبب أن الولايات المتحد قد بدأت في إمدادهم ببعض المعلومات الاستخبارية على حد قوله كما أشار إلى أن تقرير الأمم المتحدة الذي صدر الاثنين الماضي لن يكون تقريرا نهائيا ولكن فقط نموذج أولي من تقرير رسمي معتمد ولكن في هذا الأسبوع أعلنها باول صراحة: إن المسألة ليست مجرد ما هو الوقت الذي تحتاجه أعمال التفتيش لكي تنجز مهامها ولكن المشكلة أن أعمال التفتيش لن تنجز مهامها مطلقا وفي حوار أجري معه منذ أسبوعين أشاد باول بفخر إلى الحوار البناء الذي أجراه مع الرئيس بوش في 5 أغسطس الماضي عندما حث الرئيس على بذل كافة الجهود من أجل الفوز بدعم الأمم المتحدة في المواجهة مع العراق وقال: دائما ما كان يضع الرئيس في ذهنه أنه من الأفضل للولايات المتحدة تدويل هذه الأزمة وفي أثناء استقباله لوزير الخارجية البريطاني جاك سترو قال باول إن التساؤل إذا ما كانت الولايات المتحدة سوف تطلب قرارا من الأمم المتحدة يخول لها استخدام القوة العسكرية ضد العراق أم لا يعد سؤالا مفتوحا لا إجابة له كما أضاف أن الإدارة الأمريكية تعتقد أن لديها سلطة كافية طبقا لقرارات سابقة تخول لها فعل ذلك حتى بدون دعم الأمم المتحدة كما أعرب عن ثقته بأنه إذا وصلت الأمور إلى ذلك الحد فإن العديد من الدول سوف تدعم تحرك الولايات المتحدة وقد وصفت جيسكا ماثيوز رئيس معهد كارنيجي للسلام الدولي أن تأكيد باول على أن عمليات التفتيش لن تنجح بأنه تحول درامي في توجهه وأضافت إلى أن تلك الإشارة كانت أقرب دليل في خلال الشهور القليلة الماضية على أن الإدارةالأمريكية قد نبذت خيار التفتيش كما أعرب نائب الرئيس دك تشيني عن تشككه في مهام التفتيش في أثناء خطبة له في أغسطس الماضي ولكن ومنذ ذلك الحين أكد المسؤولون الأمريكيون على أن العراق يمكن نزع أسلحته عن طريق عمليات تفتيش صارمة وأضافت إذا ما تخلينا الآن عن تلك السياسة فإن ذلك يعد مؤشرا هاما للغاية.
وقد صرح مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية أن المناخ العام قد تغير بصورة كبيرة في هذا الشهر فصدام حسين في نظر باول قد فوت العديد من الفرص لإظهار أن نظامه سوف يتعاون مع المفتشين باتخاذه تحركات معادية مثل اعتراض الطائرات الأمريكية المحلقة فوق سماء العراق وعرقلة استجواب العلماء العراقيين وصرح أحد المسؤولين: لم يستجب صدام حسين مع المفتشين على مر اثنتي عشر عاما ومن الهراء أن نعتقد أن صدام سوف يتغير بصورة جذرية الآن وأضاف أن الأكثرخطورة من ذلك هو القرار الفرنسي بالاختلاف مع الولايات المتحدة قبل أسبوع من تسليم تقرير المفتشين وفرنسا بوصفها رئيس لدورة مجلس الأمن لهذا الشهر قد دعت إلى اجتماع على مستوى الوزراء بشأن الإرهاب.
وقد قدمت الولايات المتحدة بعض القرارات بشأن العراق في الاجتماع ولكنها فوجئت بعد ذلك بعقد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيليبان مؤتمرا صحفيا وتهديده باستخدام الفيتو ضد أي عمليات عسكرية وشيكة كما استطاعت فرنسا أن تجند ألمانيا رئيس دورة مجلس الأمن في الشهر القادم في تحالف ضد أي ضربة عسكرية أمريكية محتملة وكان باول قد واجه مناقشات صعبة مع دي فيلبان منذ ذلك الحين كما قال مساعدوه.
وقد خلص إلى أن الفرنسيين والألمان سوف يستمرون في وضع العراقيل أمام أي قرار عسكري أمريكي وبذلك تكون قد تقوضت آمال الولايات المتحدة في الحصول على موافقة للحل العسكري بعد فشل المفتشين في عملهم.
لذا فلا جدوى من الانتظار ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن فرنسا وألمانيا عازمتان على إطالة عمل المفتشين بقدر الإمكان وذلك لاعتبارات سياسية داخلية لذا سوف يأتون دائما بأعذار لتجنب إنهاء عمليات التفتيش.
وقد صرح باول مؤخرا : إن ما صرح به مسؤولو الدولتين هو أننا يجب علينا أن نسمح لعمليات التفتيش بالاستمرار ولكنهم لم يوضحوا حتى متى يريدون استمرارذلك وإذا ما كانوا جادين بشأن الوصول إلى حل نهائي مستقبلا أم لا ؟! وقد صرح باتريك كلاوسون نائب مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أنه في أوائل ديسمبر الماضي استطاع باول كسب معركة داخل الإدارة الأمريكية بشأن تقرير المفتشين الذي صدر في السابع والعشرين من يناير الجاري قبل أن تتطورالقضية إلى إجراء عسكري واستطاع باول إقناع الآخرين بأن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تظهر بصورة المتسرع في أحكامها.
ولكن الآن بعدما تسرع الفرنسيون في أحكامهم كما يقول كلاوسون فقد قطعوا آخر آمال لديه ومن المؤكد أن ذلك كان محبطا له للغاية.

(*) عن «واشنطن بوست» خدمة الجزيرة الصحفية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved