* القاهرة رويترز:
بدأ الجنيه المصري أول يوم من التعامل الحر بعد تعويمه بانخفاض أكثر من12 بالمئة وسط معاملات ضعيفة فيما اقترب سعره من المستويات التي كان يجري التعامل بها من قبل السوق السوداء. وأشاد مصرفيون بتحرير الجنيه بوصفه خطوة نحو انفتاح أكبر في السوق مما يزيد من اهتمام المستثمرين بالاقتصاد المصري المتباطىء ويمنح ثقة في جهود الإصلاح المصرية.
وفي حين سيؤدي هبوط الجنيه إلى رفع تكلفة الواردات ويسبب ضغوطا تضخمية فإن الاقتصاديين يقولون إن هذه العوامل ستجعل الاقتصاد المصري أكثر قدرة على التنافس وتشجع الاستثمار في أكبر دولة عربية. وقالت مؤسسة يو.بي.اس ووربرج في مذكرة يومية للأسواق الناشئة إن تحرير سعر الصرف يفي بأحد الشروط المسبقة الهامة لتقديم المؤسسات الدولية المساعدات المالية التي تعهدت بها لدعم ميزان المدفوعات.
وقال حسن عبدالله من البنك العربي الإفريقي «من الواضح أنها خطوة هامة جدا نحو تحرير الاقتصاد بغض النظر عن سعر الصرف... وستجتذب الاهتمام للسوق المصرية».
وقال «حتى وإن ارتفع السعر أكثر من اللازم متجاوزا مستويات السوق الموازية فإن تجارب دول أخرى تشير إلى أنه ينخفض مرة أخرى». ولم تجر تعاملات مبكرة على الدولار سوى في عدد قليل من البنوك وتراوحت الأسعار بين 35 ،5 و40 ،5 جنيه للدولار، وذكرت بنوك أخرى أن الفروق بين العرض والطلب تتراوح بين 28 ،5 /30 ،5 جنيه للدولار و36 ،5 /40 ،5 جنيه للدولار.
وقبل التعويم الحر كان يسمح للجنيه بالتحرك في نطاق ثلاثة بالمئة فقط حول سعر مركزي قدره 51 ،4 جنيه للدولار وكان الحد الأدنى المسموح للسعر هو 6453 ،4 جنيه إلا أن مستويات السعر في السوق السوداء تراوحت بين 30 ،5 و38 ،5 جنيه في الآونة الأخيرة.
ويمثل النطاق الذي حددته البنوك بين 28 ،5 و40 ،5 جنيه انخفاضا بنسبة تتراوح بين 5 ،14 و6 ،16 بالمئة عن ذلك السعر المركزي وانخفاضا بنسبة بين 12 و 14بالمئة عن أقل سعر مسموح به من قبل. وأعلنت مصر أمس الثلاثاء أنها ستسمح بتعويم الجنيه تعويما حرا اعتبارا من أمس الاربعاء لتتخلى بذلك عن نظام الارتباط المحكوم وتتبع مسارا أوصى به المحللون منذ سنوات للمساعدة في تحفيز الاقتصاد الواهن.
ويطالب الاقتصاديون وصندوق النقد الدولي مصر منذ فترة طويلة بتحرير السياسات الخاصة بسعر الصرف والإسراع بالإصلاحات الاقتصادية الداخلية في إطار جهود لتنشيط الاقتصاد المعتل.
وطالما توخت مصر الحذر في هذا المضمار إدراكا منها لما يمكن أن يسفر عن التعويم من ضغوط تضخمية وبسبب المخاوف من اضطرابات اجتماعية، ولم ترد إشارة مباشرة عما إذا كان التعويم سيؤثر على مجالات الدعم الأساسية.
وقال محللون إنهم سيراقبون البنك المركزي في الأيام والأسابيع المقبلة لتحديد مدى حرية التعويم.
وقالت ضحى منير المستشارة الاقتصادية لوزير المالية مدحت حسانين «واجهنا هذا التحدي في أوائل التسعينات عندما بدأنا برنامج الإصلاح، لقد حان الوقت».
وأضافت أن هذه الخطوة ضمن برنامج يشمل إصلاح الجمارك والضرائب والميزانية ومشتريات الدولة، وقالت إنها ستعزز الصادرات إلا إن من المرجح أن تقلص الواردات مؤقتا بينما تشجع على تطوير الإنتاج المحلي.
وقالت «مشكلة الصادرات هي الجودة... إنها من أكبر التحديات في السنوات المقبلة».
وعانت مصر التي كانت تعتبر في السابق «نمرا» اقتصاديا اقليميا هي وعملتها الوطنية نتيجة ركود الاقتصاد العالمي وتداعيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ايلول في الولايات المتحدة والشكوك إزاء التزام الدولة بالإصلاح.
وقال مصرفيون إنه في ظل النظام الجديد سيسمح لحوالي 57 بنكا مرخصا لها بالتعامل في الصرف الأجنبي في مصر وسيحدد كل منها سعر الصرف الخاص به الذي سيراقبه البنك المركزي طيلة اليوم.
وأعرب مسؤول قريب من صناعة القرار في الحكومة عن اعتقاده بأن النظام الجديد سيقضي على الطلب المتراكم على الدولار في السوق، وأضاف أن الأمر سيستغرق فترة قصيرة وربما أيام.
وذكرت صحيفة الأخبار أن القواعد تلزم البنك والجهات المرخص لها بإخطار غرفة إحصاءات النقد الأجنبي في البنك المركزي عن حجم التعامل وأسعار عمليات الشراء والبيع كل ساعة.
وفي نهاية كل يوم عمل يحسب البنك المركزي متوسطا مرجحا كسعر استرشادي لتعاملات اليوم التالي.
|