دع الليلَ يَستشري، فزينتُه البَدْرُ
وإنْ لم يكنْ بَدْرٌ فأَنجمُه الزُّهْرُ
وإنْ لم يكن نجمٌ، ولا البدرُ طالعٌ
فلا تَبْتَئِسْ فالليلُ يَعْقُبُه الفَجْرُ
منابع نور الحقِّ في الكون، لم تَزَلْ
يُداوَى بها قلبٌ ويُشْفَى بها الصَّدْرُ
لشعركَ بُعْدٌ في المَدَى، لو رأى المَدَى
مَدَاهُ، لطار الحَرْفُ واشتعل الحِبْرُ
ولو أبصرتْ أوراقُك البيضُ ما حوى
لما اسطاع سَطْرٌ أنْ يلوذَ به سَطْرُ
لشعركَ معنىً، لو رأى الصَّخْرُ سرَّه
وما فيه من حُب لأنشَدَهُ الصَّخْرُ
أخا الشعر، يا من أنتَ للشعر صاحبٌ
فمنكَ له سِرٌّ، ومنه لكَ الجَهْرُ
أعيذكَ بالرّحمن أن تُغلقَ المدى
بوهمٍ، وأنْ يلوي أَعِنَّتكَ الذُّعْرُ
وأنْ تُبصر الدنيا تموج بوهمها
فَيُرْهِبَكَ الموجُ الذي ثار والبحرُ
أعيذُكَ بالرحمن أنْ تجعل الأسى
طريقاً وأَلاَّ يَصْحَبَ المحنةَ الصَّبْرُ
وصَلْتَ بربِّ الكون قلبكَ راضياً
فما لك حَقٌّ في القُنوط ولا عُذْرُ
أخا الشعر، بابُ الشِّعر يُفْتَح حينما
يَرى قادماً يَنْهَلُّ من وجهه العِطْرُ
لكَ اللُّغَةُ البِكْرُ التي مَدَّ ظلَّها
كتابٌ كريمٌ، والأحاديثُ والذِّكْرُ
وسَيَّرها في الكون أنَّ حروفَها
يجورُ عليها، مَن يقول: هيَ التِّبْرُ
لك اللغة البكرُ التي من بيانها
جرى الحُسْنُ حتى قيل: هذا هو السَّحْرُ
أَنرْ بالقوافي المُشرقاتِ مَفازةً
من الوهم، مَنْ تاهوا على دربها كُثْرُ
أَنِرْها بإيمانٍ وصدقِ مودَّةٍ
فعندكَ منها الرَّوْضُ والنَّبْعُ والنَّهْرُ
لدينكَ معنى ما تقول، ولفظُه
فشطر به يعلو، ويسمو به شَطْرُ
أخا الشعر، أنْتَ الشعر، والشِّعر شامخٌ
إذا لم يُرِدْ إلاَّ رضا ربِّكَ الشِّعْرُ