لعل أحد المعايير الأساسية التي تحدد مستوى التقدم الحضاري في أي مجتمع من المجتمعات المعاصرة ما يبديه هذا المجتمع من حرص وعناية بأطفاله.
فطفل اليوم هو رجل الغد وأمل المستقبل ومن هنا كان الاهتمام بتنشئته والعناية به ليتحمل المسؤوليات وأداء الواجبات وهذا يبرر ويوضح اهتمام الإسلام بتربية الأبناء وسلامة تربيتهم وحسن تنشئتهم لتحقيق الأهداف المرجوة.
لقد اهتم المربون بالطفل وبصحته وتعليمه وتغذيته وتقويمه وتربيته وتنشئته التنشئة السليمة الصحيحة، كما حث الإسلام على العناية بالطفل ورعايته وحسن توجيهه ومراعاة حقوقه وحسن سلوكه وتأديبه وما ينبغي أن يوفر له من تربية لائقة وزاد خلقي وعلمي ينمي مواهبه وقدراته الإبداعية وينقل المعرفة إليه ويخلق النماذج الأدبية الملائمة له.
وكثيرا ما نقرأ دعوات متعددة للاهتمام بأدب الطفل والعناية به إذ إن أدب الكبار قد استأثر باهتمام وأقلام الأدباء والكتاب في القديم والحديث . ولو ألقينا نظرة على تاريخ الأدب العربي لوجدنا ذلك واقعاً إذ لم يلتفت إلى أدب الأطفال ولم يدون ويؤلف له الكتب والقصص والروايات والقصائد التي تدعم شخصية الطفل وتعزز لديه قيم الدين وولائه لوطنه وحب مجتمعه والحفاظ على ذلك مع إثراء عقولهم ووجدانهم وخيالهم بالمبادئ الإسلامية وترسيخ العقيدة وكل ما يثري اهتمامه وحاجاته وتطلعاته ونموه.
وفي العصر الحاضر بدأ الاهتمام بأدب الأطفال مما نراه من كتابة القصص العربية والروايات.. ولقد كتبت بعض الدراسات والبحوث في هذا الميدان.. حقيقة أن مخاطبة الطفل والكتابة له تحتاج إلى جهد ووعي وثقافة واسعة وموهبة ومقدرة وحس أدبي متميز للربط بين الطفولة والأدب من خلال الأعمال الأدبية ذات السمات والخصائص التي تجذب الطفل وتشد انتباهه فيتأسَّى بذلك في منطلقه ومساره وأهدافه خاصة وان مرحلة الطفولة المبكرة تعد من أهم مراحل الحياة حيث نمو الميول والمواهب والقدرات الفكرية والروحية والعقلية، إن الطفل أحوج ما يكون إلى الأدب المفعم بالتوجيه التربوي السديد وغرس العادات الحسنة والأخلاق الكريمة والسلوك الرشيد من خلال الروايات والقصص والشعر وإبراز أهمية المثل العليا وتجسيد نماذج من التراث والتاريخ الإسلامي وسيرة القادة والعلماء والمفكرين في العصور الإسلامية.
وصياغتها في مستوى تحصيل الطفل وتوظيف ذلك في تنمية وجدانه وثراء فكره وذهنه وخياله لتنشئة أجيال واعية مرتبطة بجذورها وأصالتها قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة ومحققة للآمال والتطلعات والغايات السامية في الحياة .. وتنشئة جيل واع مستنير يحقق الخير والطموح والقيم الإسلامية الكريمة التي تضيء العقل وتنير الأفهام وتكوّن النفوس القويّة والإيمان الراسخ والثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية والتمسك بفضائل الأخلاق والتحلي بها ورعاية الحقوق والواجبات واحترامها.
|