السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
«هكذا هي الحياة بحلوها ومرها» هذا جزء من مقالة يوم الجمعة قبل الماضي كتبها الاستاذ/ عبدالله الكثيري في صفحة شواطئ الجزيرة التي يشرف عليها، فنعم الحياة يوجد فيها الحلو والمر، ويوجد فيها السعيد والشقي ولكن لا ننسى او نتناسى بأننا بمقدرتنا ان نجلب السعادة لانفسنا، ونزيلها عنا وكل ذلك باتباع اوامر ربنا واجتناب نواهيه فاذا طبقنا ذلك سوف نكون اسعد الناس، واذا خالفناه سوف نكون اشقاهم، فأعوذ بالله من الشقاوة وما اجمل السعادة. ايضا الحياة يوجد فيها مرتاح البال وعكس ذلك، يوجد فيها التجارب وهي مدرسة بحد ذاتها اذا اردنا ان نتعلم منها الدروس والعبر ونستفيد من تجاربها ومواقفها، فإذا كنا نسمع ذلك من الذين سبقونا رغم انهم كانوا يعيشون في زمن بسيط لا يعرف المتقلبات التي نعيشها والمنغصات التي تلازم حياتنا بالوقت الحالي، فهم بذلك اكتشفوا دروسها وعبرها واستفادوا منها، فكيف بحالنا الآن اذا كنا نعيش في وقت متقلب ومع بشر غرباء، اصبحت المادة هي سيدة الموقف في كل شيء مع الاغلبية، اصبح نكران الجميل ونسيانه هو رمز التعامل واصبح الكل يريد ان يخدم من يجد خلفه مصلحة، ولكنه لا يريد ان يخدم شخصا متواضعا ولا يريد ان يعرفه ولا يرغب ان يسلم عليه، لماذا كل هذا؟ بل تجده عندما يجد آخر له مكانة مميزة بالمجتمع وهو مرموق وذو سمعة يهب لمساعدته ويعرض عليه جميع خدماته من «طقطق لسلام عليكم»، ولكن امره مكشوف وهدفه معروف فهو يريد ان يتقرب منه لكي ينال رضاءه وبعد ان ينال رضاءه يعتقد بأنه سوف يجد كل التسهيلات امامه، ألا يعلم بأنه شخص لا يقدم ولا يؤخر، لا يستطيع ان ينفع نفسه حتى ينفع غيره، فحقيقة نحن نعيش فترة غربة رغم اننا وسط اهلينا ومجتمعنا، نعيش وسط تناقض كبير نلاحظه من الكثير، ونعيش وسط عبارات مزبرقة تطلق على من نريد ان نطلقها عليهم ونكسب رضاهم بهذه العبارات التي اجتهدنا فيها حتى تحوز على رضاهم، وعبارات اخرى غير مرتبة خصصت لاشخاص آخرين لم نتعامل معهم ولكننا سمعنا فلانا يتكلم عنهم ونحن نشاركه في كلامه، فيا ترى اين يكمن الخلل؟ هل هو في الزمن ام في الناس؟ اعتقد ويعتقد الاغلبية انه في البشر وليس في زمانهم..
(نعيب زماننا، والعيب فينا،وليس لزماننا عيب سوانا، ولو للزمان لسان لهجانا) فالحياة جميلة ان استخدمناها في هذا المصطلح ونظرنا الى جوانبها المشرقة، واردنا ان نعيش سعداء فيها وفعلا طبقنا ذلك فسوف نستطيع، ونعيش عيش السعداء الذي بحثت عنه الامم من اول بداياتها وحتى الآن فمنهم من وجده ومنهم من جانبه ومازال يبحث عنه في امور قد تبعد السعادة وتقرب الشقاء، وايضا الحياة اذا نظرنا الى جوانبها المظلمة سوف تكون امامنا سوداء، ولكن نستطيع الوصول الى الجوانب المضيئة قبل المظلمة، بذلك نسعد انفسنا ونسعد غيرنا نعم نجدها بمساعدة من اراد المساعدة ولم يجد من يلتفت اليه فلو وقفنا ونظرنا اليه وساعدناه فسوف نكون ساعدنا انفسنا اولا قبل ان نساعده، ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا بمجاهدة هذه النفس التي تصاحبنا وتعادينا في نفس الوقت، نسعد انفسنا اذا قدمنا عملا لشخص لا نريد منه الثناء بل انطلاقا من مبادئ القيم الانسانية التي تفرض علينا مساعدة من احتاج الى المساعدة، فالمساعدة كلمة لو استطعنا تفكيك حروفها حرفا حرفا لوجدنا كل حرف يحمل مضامين السعادة بينه وبين الحرف الذي يليه، فلماذا نحرم انفسنا من السعادة التي نبحث عنها في البعيد وهي قريبة منا.
مرة اخرى الحياة تجمع المضادات، يوجد فيها الفرح والحزن والمرض والعافية والغنى والفقر والبكاء والضحك، وهل نسينا «دوام الحال من المحال» وهل نسينا ناسا مرضوا عندما انعم علينا مولانا عز وجل بالعافية، وهل نسينا ناسا يبكون عندما ضحكنا، وهل نسينا ناسا فقراء عندما اغتنينا، وهل نسينا ناسا حزنوا ونحن كنا فرحين، قد تنسينا تلك المتضادات اذا انغمسنا فيها اكثر من المعقول، ولكن اذا شاركنا هؤلاء وحاولنا ازالة تلك الاسباب التي نغصت عيشهم او جلبت لهم الكدر فسوف نكون ايضا سعداء وهم يسعدون مثلنا، فلماذ نحرم انفسنا من السعادة ونحرمهم معنا؟
واعود واقول الحياة جميلة اذا بحثنا عن جمالها!! ولكن لا نغتر بذلك بل نستفيد منه!! وتقبلوا امنياتي لكم بحياة سعيدة وجميلة وخالية من المنغصات ولكن هل تعتقدون انها امنية صعبة؟ وانا متأكد انها سهلة اذا سلكنا الطريق المؤدي الى ذلك املين ان نوفق في الوصول اليه بقدرة خالقنا ورازقنا ومعافينا ومبتلي غيرنا بالمرض، ومرة اخرى اقول لمن ابتلي بمرض قريب اليه، لا تحزن فكن صابرا وداعيا له بالشفاء فهو اختاره ربه لانه من عباده المؤمنين الذين رضي عنهم وابتلاهم في هذه الحياة الفانية.
واستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه وآمل ان نلتقي عبر صفحة عزيزتي الجزيرة.
والله المستعان.
مناور صالح الجهني - الارطاوية/ الجزيرة
|