هذا خاطر شعرت به عند زيارتي القصيرة لاطلال الشنانة القديمة التي يقع فيها ذلك البرج الأثري المشتهر، هذه الاطلال التي هجرها سكانها المقيمون فيها والقائمون عليها وذلك بعد قطع جميع نخيلها واشجارها وذلك عام 1322هـ نعم هجرها أهلها لأن مزارعهم لم تعد هي مزارعهم السابقة ذات الانتاج الكافي لمتطلبات حياتهم ومعيشتهم الحافلة بالنخيل والرمان ومختلف انواع الزروع لم تعد عامرة مزدهرة كما كانت قبل تدميرها وقطعها، ولهذا نزحوا عنها قدر «2» كيلو متر تقريبا نحو الجنوب منها حيث اختاروا مكانا اختاروه لحفر الآبار وغرس النخيل والاشجار وبنوا منازلهم التي استقرا فيها حتى يومنا هذا.
وان مزارع الشنانة اليوم «البلاعية» اصبحت مهددة بالموت حتما لغور المياه السطحية الصالحة شأنها شأن غيرها من القرى الأخرى. ولكنه تتوفر في البلاعية «الشنانة الجديدة» مياه غزيرة جدا ولكنها شديدة الملوحة وغير صالحة للاستعمال ولا للمزروعات مطلقا ولعل من يهمهم الأمر يدرسون البيئة الزراعية هذه ويعملون على توفير جهاز تحلية يعوض أهل هذه المزارع لتحيا مزارعهم وتعود نخيلهم واشجارهم الى الانتاج والعطاء وفي نفس الوقت يقطفوا ثمرة اخلاصهم وولائهم وصمودهم على ولائهم، وان حكومة بلادنا الساهرة على رعاية أمور شعبها مؤهلة جداً لجميع أعمال البر ومد يد العون لهم وانتشالهم الى حياة أفضل تليق بماضيهم وحاضرهم.اعود واقول إنه خطر لي على اثر زيارتي القصيرة جدا لمعالم تلك القرية ومشاهدة اطلالها مشفوعا بالتذكر والاعتبار بتغير الزمان وتقلبات الايام وحوادث الدهر ان اتذكر واعتبر منشدا:
أنادي إذ أناديهم رجالا
لهم مجد وأذكار لطيفه
فلا عمرو يجيب ولا عمير
ولا ذو الجاه فيهم والوظيفه
وإن ناديت زينب لم تجبني
ولا سلمى ولا الصغرى لطيفه
ولا حسٌ لأطفال صغار
ولا حتى سوانيها الكثيفه
سوى الاطلال تنعى يوم كانت
مغانٍ تزدهي فيهم شريفه
وهذي دورهم تحكي حياة
لهم في نعمة كانت وريفه
وكانوا أهلها عهدا فزالوا
وصارت بعدهم بؤسا وخيفه
فهذي البئر مطويٌّ تناجي
حمائم في مطاويها أليفه
وهذا ملتقى الأحباب فيها
وجامعها وساحته الحفيفه
تعالى الله كيف زهت وطابت
فصارت بعد أطلالا أسيفه
وصارت بعدهم ذكرى أليف
وحيد غال مقدور أليفه
وصارت بعدهم أطلال عهد
يقال بأنه عهد الخليفه
|
|