خلال زيارتنا للصين مع وفد رجال الأعمال السعوديين الذي زار بكين في منتصف شهر يناير بدا لنا واضحاً أن السياسات الاقتصادية الجديدة التي وضعتها الحكومة الصينية ذات تأثير واضح في أداء الأسواق حيث تحقق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية مثل تعزيز التنمية الاقتصادية وتحديث أداء الاقتصاد وتحويله إلى اقتصاد حر ونشط وقد بد واضحاً تطور البنية التحتية القائم عليها الاقتصاد الصيني حتى أصبحت الصناعات الصينية لها وجودها في الأسواق العالمية وتنافس كثير من الصناعات التي كانت تسيطر على تلك الأسواق بالإضافة إلى تشجيع الإبداع التقني وإحياء الصناعات الصغيرة والانفتاح على الاقتصاديات العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية ذات التقنية العالية التي تفعل حركة السوق والقيام بإعادة تنظيم وبناء المنشآت الاقتصادية التي كانت مملوكة للدولة وتحويلها إلى منشآت تدار بعقلية تجارية.
لقد صاحب فترة الركود الاقتصادي الأمريكي بعد هيمنة كبيرة على الاقتصاد العالمي ظهور قوة اقتصادية عملاقة لها تأثيرها في الأسواق العالمية وأثبتت وجودها في تلك الأسواق وأصبحت المنتجات الصينية منافسة قوية للمنتجات الغربية والأمريكية حيث تشير الدراسات والتقارير الاقتصادية التي تصدرها وكالات الأنباء العالمية حول النمو المتزايد للاقتصاد الصيني إلى أن حجم التجارة الخارجية للصين خلال عام 2002م بلغ حوالي 600 مليار دولار وذلك بعد مضي حوالي عام على انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية في ديسمبر عام 2001م حيث حققت التجارة الخارجية هذه النتائج بالإضافة إلى زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية وهذا الأمر دفع الاقتصاد إلى الأمام ليحقق نتائج طيبة.
إن الراصد لهذا النمو الواضح في الاقتصاد الصيني يجد أنه يعتمد على مقومات عديدة من حيث توافر الخبرات والأيدي العاملة المؤهلة وتوافر الامكانيات وقد أشارت بعض وكالات الأنباء إلى بعض الإحصائيات التي تتحدث عن الاقتصاد الصيني وهي على سبيل المثال لا الحصر: تبلغ مساحة الصين حوالي 9596960 كيلو متراً مربعاً، وتبلغ مساحة الأرض اليابسة حوالي 9326410 كيلو مترات مربعة، وتبلغ مساحة المياه حوالي 270550 كيلو متراً مربعاً، أما طول الحدود الصينية البرية مع دول الجوار فيبلغ حوالي 22147 كيلو متراً، وطول السواحل يبلغ 14500 كيلو متر، و13% نسبة الأراضي القابلة للزراعة وتبلغ مساحة الأراضي المروية حوالي 525800 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد السكان حتى عام 2002م حوالي 1284303705 نسمة تقريباً 3 ،24% من سن 1 إلى 14 سنة، و 4 ،68% من سن 15 إلى 46 سنة ، و3 ،7% من سن 65 سنة فما فوق، في حين يبلغ إجمالي الناتج المحلي حسب تقديرات عام 2001م حوالي 5 ،5. تريليون دولار، ويبلغ معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي حوالي 3 ،7%، وحصة الفرد في إجمالي الناتج المحلي تبلغ 4300 دولار، ومساهمات القطاعات المختلفة كالآتي: الصناعة 3 ،49% والخدمات 33% والزراعة 7 ،17% وبلغ معدل التضخم 8 ،0%، عدد أفراد القوى العاملة حوالي 706 ملايين نسمة 50% يعملون في قطاع الزراعة، و23% في الصناعة، و27% في الخدمات، وبلغ معدل البطالة حوالي 10% في المناطق الحضرية و20% في المناطق الريفية، أما مكونات الميزانية: الإيرادات 8 ،161 مليار دولار، أما المصروفات فبلغت 8 ،191 مليار دولار، وبلغ إجمالي الصادرات 1 ،262 مليار دولار وإجمالي الواردات بلغ 2 ،236 مليار دولار، وإجمالي الدين الخارجي بلغ 167 مليار دولار، أما مجال الاتصالات فهو كالآتي:
135 مليون خط رئيسي و 65 مليون خط هاتفي نقال، 369 محطة إذاعة متوسطة الموجة 259 محطة إذاعة اف ام و 45 محطة إذاعة قصيرة الموجة و 417 مليون جهاز راديو و 3240 محطة بث تلفزيوني و 400 مليون جهاز تلفزيون ويوجد 3 شركات تقدم خدمات الإنترنت لـ5 ،26 مليون مستخدم للشبكة، أما خطوط السكك الحديدية فيبلغ طولها 67524 كيلو متراً، وبلغ طول الطرق السريعة 4 ،1 مليون كيلو متر، ويوجد 1100 ممر مائي، وبلغ طول خطوط الأنابيب لنقل النفط الخام حوالي 9070 كيلو متراً، وحوالي 560 كيلو متراً من خطوط الأنابيب لنقل المشتقات النفطية و9383 كيلو متراً من خطط الأنابيب لنقل الغاز.
والملاحظ أن هناك إقبالاً بين الشركات الأمريكية وشركات الاتحاد الأوروبي لدخول الصين نتيجة لمناخ الاستثمار المشجع والتسهيلات المقدمة من جانب الجهات المعنية في الصين حيث وقعت شركة فيفندي يونيفرسال العملاقة في صناعة الترفيه اتفاقاً لإقامة متنزه ترفيهي في مدينة شنغهاي المزدهرة اقتصادياً موجهة بذلك ضربة قوية لمنافستها الشهيرة في هذا المجال والت ديزني.
ونتيجة للتسهيلات والمرونة الموجودة في اللوائح والأنظمة والقواعد المنظمة لجذب الاستثمار الأجنبي فإن هناك سباقاً من جانب الشركات والمستثمرين الأجانب للقيام بعمليات اقتصادية واستثمارية في الصين سواء في المجال الصناعي أم التجاري أم الزراعي أم الخدمي فهل سيستمر نمو العملاق الصيني في ظل انكماش الاقتصاد الأمريكي؟ هذا التساول بحاجة إلى أن يجيب عنه الاقتصاديون والمحللون والمختصون في الاقتصاد الدولي.
لذا فإن استمرارية التفوق لجهة بعينة ليست دائمة ففي الوقت الذي ظهرت فيه القوة الاقتصادية الأوروبية ومع مرور الأيام إذا بهذه القوة تتوارى وتظهر قوة اقتصادية أخرى وهي الولايات المتحدة وبعد فترة ظهر الاقتصاد الياباني الذي أذهل العالم بالتقدم التكنولوجي والتقني الرفيع وها نحن أمام قوة الصين اقتصادية التي بدأت تأخذ مكانتها وسط الكيانات الاقتصادية العالمية العملاقة بغزوها للأسواق العالمية منافسة بذلك القوى الاقتصادية الأخرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
* مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية
|