وقع المد والجزر في بحار العالم يخلق إيقاعاً كونياً تستجيب له جميع الأوقات والأزمنة، ويندر أن يخرج الوقت عن هذه المتوالية مابين إقبال وإدبار، حضور وغياب.
هذه المتوالية التي تغور فينا عميقاً حتى تصل إلى النظام الذي يحدد تناغم الحياة مع وقعه الرتيب.
وقد جاء في القرآن الكريم «لكيلا تأسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بما آتاكم» 23 الحديد، لأن حالتي الفرح أو الحزن الدائمين تتقاطعان مع السنة الكونية المتبدلة المتغيرة النابضة في الكون كدقات قلب عظيمة لعملاق خفي.
قال الشاعر الأندلسي:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغرن بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
|
يعلم المد والجزر القمر قوانينه الخفية يهل صغيراً باهتا في طرف السماء ومن ثم يتصعد حتى يصل إلى أشده فيتسنم عرش بدره واكتماله، ومن ثم لايلبث أن يتهدم رويدا حتى يختفي في كهوف المحاق الأسود، ليعود وينبثق من جديد.
قال الامام الشافعي:
ولرب ضائقة يضيق بها الفتى ذرعا
وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت اظنها لاتفرج
|
هي تضيق وتغلق لتعاود الاتساع على مصاريعها استجابة للنبض الكوني الكبير، فالثمرة تظهر بعد وقوع الزهرة، ولا يذهب شيء إلا ليفسح لشيء آخر أن يحل مكانه.
رحم تدفع وأرض تبلع.
نبض كوني عملاق ومواقيت آلهية تنتظمنا في إيقاعها الخالد، فلا يدوم سوى وجهه سبحان وتعالى.
|