ووجدت نفسي أتحدث عن الفنان سعد التمامي وأحسست أن ما تخمر في فكري من رأي في ذلك.. أخذت كلماتي تسبقه.. ووجدت نفسي أمسك القلم لأكتب، فمن حق هذا الفنان كأي فنان في بلادي أن نتحدث عنه بالإعجاب والتقدير إن هو حاز ذلك بما يقدمه لنا.. وبالنقد والتقويم إن هو عكس ما هو مطلوب منه.
الشيء المعروف عن هذا الفنان أنه متعدد المواهب، ممثل نجح في أدواره الكوميدية ومنلوجست، ومغن، ثم هو نجح بالاكتساب في المحاكاة الغنائية - أي تقليد المغنين -، إن الشيء الذي يجب أن يعرفه القارئ هو أن انتاجه التمثيلي في حلقاته الشعبية التي تصنع شخصيات متعددة يعتمد أسلوباً جديداً خفياً على المستمع ولكنه يبلغ أهدافه مباشرة دون أن يتنبه له، وهذا الشيء هو اعتماده على أسلوب الاقناع، وأسلوب الاقناع هذا يعتمد التناقض بين الشخصيات في قبول أفكار البعض منهم.. وبما تلاحظون في الحلقات المسلسلة المذاعة في رمضان إن أبا إبراهيم يناقض أبا دحيم فيعتمد الأول اقناع الثاني على هذا الأسلوب، وهنا يكون المستمع قد اقتنع هو الآخر باقتناع أبي دحيم، ربما كان ذلك خافياً.. وقد تنبه الفنان إلى فعالية هذا الأسلوب لتحقق حلقاته تلك أهدافها في محاكات المجتمع من خلال عيوبه.. وانتقادها بطريقة غير مباشرة..
وفي هذا المنحى يكون الفنان قد خدم فنه، فان الفنان متى ما يعيش لفنه، يسكب احساساته ودفق شعوره له، فإن طريق النجاح مفتوح أمامه.. بيده بطاقة دخول، فوصيته تأشيرة دخول لمحطة النجاح.
وربما تعرفون أن شارلي شابلن الممثل الكوميدي الفرنسي اعتلى خشبة المسرح وهو صبي صغير بثماني سنوات ولم يكن فارع القامة، وبدأ يشغل النمرة التي لم تكن في الأصل له، وانتزع اعجاب المتفرجين وعند انتهائه سئل لماذا فعلت ذلك وأنت صغير لم تكن في مستوى المسرح، قال: لكي أكسب لأمي جنيهاً نأكل به.. وتسلم أربعين جنيهاً في الحال.. وعاد بعد ذلك وقال: أعد نفسي أنني سأكون مخلصاً لنفسي.. لأكون ممثلاً قديراً يكسب تحيات الجمهور ويكسب الجنيهات.
أجل لقد أخلص شارلي لفنه ولنفسه وغدا ما صار عليه من علو الشأن في التمثيل.
والتمامي يعيش لفنه ويسبق حاجة باخلاصه هذا.. كل يوم يود أن يقدم جديدا.. إن ينحى منحى جديداً.
والفنان في زحمة مشاعره وتلاحمه مع فنه، لا ينسى نفسه، ممن حقه علينا أن نتاجية بكلية تقدير أو عتاب - كما قلت - ومن هنا كانت هذه المقالة.. ولي عودة إلى بحث مميزات فن هذا الفنان على نطاق أوسع وأكمل صورة..
|