بثت احدى القنوات «العربية» فلماً تسجيلياً عن حياة الجنود الامريكان في الكويت، قدمت فيه عدداً من الجنود الامريكان الطيبين البسطاء الذين جاءوا من اقصى الدنيا محملين بالقنابل الذكية والعنقودية لمساعدة الشعب العراقي للخلاص من محنته.
وقد اختار الجيش الامريكي للمقابلة مع تلك القناة «العربية» عدداً من الوجوه المختلفة التي تمثل صورة امريكا المتعددة الاعراق والاديان، اجرت المقابلة فتاة عربية امريكية يشع وجهها بالمرح تشبه المرأة التي تقدم حوارات مع نجوم هوليوود في القناة الثانية التابعة لمجموعة ال«أم.بي.سي». ومن المطالعة الأولى للفلم تتضح امامك المهنية الاعلامية الراقية.
لأول مرة أرى الجندي الامريكي في حياته اليومية في المعسكرات، فما نعرفه عن الجندي الامريكي هو ذلك الشبح المدجج بالسلاح والملابس الثقيلة والتكنولوجيا، وفي معظم الحالات لا نرى من الجندي الامريكي سوى الطائرات المقاتلة التي تقلع من حاملة الطائرات تتلوها انفجارات رهيبة ثم اشلاء اجساد عربية ومسلمة تتناثر في كل مكان. نحن في حاجة الى ثلاثة او اربعة استطلاعات تقدمها هذه القناة «العربية» بمهنيتها الراقية حتى نغير فكرتنا الخاطئة عن الجندي الامريكي الطيب الذي يوجهه رامسفيلد لتحرير العراق ونشر الديمقراطية في ارجاء العالم العربي بخمسة وعشرين مليون دولار.من تلك الحوارات التي اجرتها المذيعة التي تشبه مذيعة ال«ام.بي.سي» حوار مع مجندة امريكية أشهى من التفاح، يمكن لها ان تنافس برتني سبيرز في دلالها وانوثتها، لم تشدني انوثتها بل منطقها الانساني المناهض للحرب، فهي كما بثت تلك القناة «العربية» تتمنى ان تعود الى اهلها بعد ان يتحرر الشعب العراقي، وفي مقابلة اخرى نطالع امريكيا اسود يقدم معاناته «مسكين» مع غاز الخردل في حرب الخليج الثانية التي شارك فيها، اما اجمل ما في الفلم فهي المقابلة التي اجرتها المذيعة التي تشبه مذيعة ال«أم.بي.سي» مع شاب عربي سوداني، كان الشاب في غاية المرح والطموح عبر عن رضاه بالتحاقه بالبحرية الامريكية لما تقدمه له من تدريب وتعليم. فالجيش الامريكي كما اوضحت لنا تلك القناة «العربية» اذاً ليس مجموعة من العلوج البيض اليمينيين الصهاينة بل يتضمن ناساً «منا وفينا». هذه هي الرسالة التي ارادها الفلم.
تدعي القنوات العربية الحياد والموضوعية، ولا اعرف حتى الآن ما الذي تعنيه هذه الكلمة، هل نشر فلم يعطي انطباعاً انسانياً عن الجيش الامريكي في وسط الحرب التي تعلنها امريكا على العراق وعلى العرب والمسلمين هو جزء من الحياد، لماذا ينشر هذا الفلم في الوقت الذي تنزل فيه القنابل والصواريخ لتسحق بغدادنا، لماذا يدس هذا الفلم وسط الحرب؟ وهل هو من انتاج هذه القناة أم من انتاج اجهزة الدعاية الامريكية؟ انها اسئلة علينا ان نطرحها لنعرف ما الذي يجري في كواليس هذه القنوات «العربية»، لنعرف من هم العلوج المتخفين تحت جلود العرب.
فاكس 4702164
|