Saturday 5th april,2003 11146العدد السبت 3 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الواقع والوهم الواقع والوهم
جورجي إليتشيف (*)

وهكذا خسرت روسيا الحرب الدائرة في العراق، ولابد لها الآن أن تسوي أمورها على وجه السرعة مع الولايات المتحدة. تلك الدولة المستفزة حسبما يسميها الباحثون من معهد الدراسات الدولية الروسي.
إن الاندحار العسكري للولايات المتحدة في العراق، والذي يتوق إليه الأغلبية الكاسحة من الشعب الروسي ستدفع روسيا ثمنا له اكبر مما سيتكلفه خلع نظام صدام حسين، وهو امر استوجب تكاتف علماء السياسة الدولية مع الصفوة السياسية في روسيا لمواجهة الموقف.
ولا يوافق المتخصصون في شؤون العلاقات الدولية على جدوى التصريحات الرسمية الصادرة من الرئيس فلاديمير بوتين او من وزارة الخارجية الروسية ولا ما يقوله غالبية السياسيين الروس الشامتين في الاخفاق العسكري الامريكي في العراق.
ويرى مدير معهد الدراسات الدولية فادييم رازوموفسكي اننا نتعلم ببطء من دروس الأزمات السابقة، فالموقف الرسمي للحكومة الروسية يسعى الى وقف الحرب في العراق وخروج القوات الانجلو أمريكية وإعادة طرح القضية على طاولة الأمم المتحدة بهدف استمرار الحوار حول سبل الخروج من الازمة الى بر السلام، بيد ان مثل هذا الموقف لا يتفق نهائيا مع واقع الأشياء، فما تقترحه وزارة الخارجية الروسية - وحسب آراء عديد من الخبراء- مبني على تقسيم لا واقعي لمجموعة من الأوهام واكبر هذه الأوهام انتظار خسائر كبيرة في صفوف الامريكيين تنقلهم الى اجزاء العقدة الفيتنامية وبالتالي الانسحاب من العراق.
ومن جانبه يؤكد مدير مركز الابحاث الاستراتيجية اندريه بيونتكوفسكي أن الواقع- وليس الوهم - يشير الى أن الامريكيين لن يخرجوا من الحرب منهزمين أبدا لأن هذا الخروج معناه خروج من مسرح السياسة الدولية بلا عودة.
ويفصل لنا هذه الفكرة نائب مدير معهد الابحاث الدولية يوري فيدروف فيقول إنه على الرغم من الخسائر الفادحة التي منيت بها الولايات المتحدة في فيتنام والتي بلغت 60 ألف قتيل واشتعلت في داخل الولايات المتحدة حملة انهاء الحرب، إلا ان هذه الحرب مع ذلك استمرت عشر سنوات كاملة. كما لا يجب لنا ان نعول كثيرا على إمكانات حرب العصابات في العراق وقدرتها على تحقيق نصر على الولايات المتحدة، فمثل هذا المفهوم ما زال أسير افكار عصر حروب وتكتيكات لورانس العرب في الحرب العالمية الاولى، ولكن سماوات العراق الآن منتهكة بأزيز الطائرات الامريكية التي تجعل آمال نجاح حرب العصابات لا تتخطى حد الصفر.
ومن المغالطات التي تقع في شركها سياستنا الخارجية كذلك السعى لإرجاع الامر الى مداولات الامم المتحدة والعودة الى اجواء ما قبل الحرب. ويرى المختصون ان هذا محض اوهام. فالامم المتحدة لم تعد أمما متحدة. فالحرب فصلت بين مرحلتين في تاريخها، وستسعى وزارة الخارجية الروسية الى تقديم اقتراح باصلاح بنية الامم المتحدة (بما في ذلك زيادة الأعضاء الدائمين في مجلس الامن). وحتى لو أدى ذلك الى تناقص نسبي لدورها رسميا على الساحة الدولية، فان الواجب ان تبقى الامم المتحدة مؤسسة ترعى شؤون المجتمع الدولي.
وحتى نتجنب مصائب حرب العراق على علاقات الشراكة الاستراتيجية لروسيا مع دول العالم في مجابهة الإرهاب الدولي وانتشار أسلحة الدمار الشامل يقترح الباحثون عدة خطوات يأتي على رأسها ضرورة إقناع قادة فرنسا وألمانيا بضرورة التسوية السريعة للمسألة العراقية مع الولايات المتحدة وسيكون لقاء قمة الثمانية الكبار في فرنسا في الصيف القادم فرصة للوصول الى اتفاق حول هذا الامر وتمريرها عبر الامم المتحدة اما العداء تجاه الولايات المتحدة الذي يعتلج في نفوس الشعب الروسي ووسائل الإعلام الرسمية وتنامي دور اليسار والقوى القومية المتشددة في هذا الشأن فان الخبراء لايرون في ذلك مشكلة فخلال بضعة اشهر سينتهي الامر من تلقاء نفسه مع انتهاء الحرب فهذه ظاهرة قصيرة الاجل ستنتهي كما انتهت من قبل حالة العداء تجاه الولايات المتحدة حينما شن حلف شمال الاطلسي عملياته العسكرية على يوغسلافيا.

(*) ازفستيا الروسية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved