تنتشر في منطقتنا العربية أعراض تتعلق بالجهاز الهضمي يعزوها البعض إلى ما يسمى بالقولون العصبي وقد يبحث هؤلاء المرضى عن النصيحة الطبية لدى بعض الأطباء غير المتخصصين في مجال الجهاز الهضمي فيعالجونهم لمدة طويلة قد تبلغ سنوات من القولون العصبي ويتضح فيما بعد ان هذه الأعراض تخفي وراءها مشكلة عضوية تستلزم اجراءً جراحياً لعلاج المرض الأساسي.
وفي البداية تجدر الإشارة إلى ان بعض الشواهد الأساسية التي يجب البحث عنها عند فحص المرضى الذين يعانون من آلام متكررة بالبطن ليمكن تشخيص القولون العصبي بصورة دقيقة وهي ما تسمى «شواهد ورم تشخيص القولون العصبي» فهناك مجموعة من المرضى يشكون أساساً من وجود آلام أو شعور بعدم الارتياح بالبطن بصورة دائمة أو متكررة لمدة ثلاثة شهور على الأقل وتقل أو تختفي بعد التبرز أو تكون آلام بطن مصحوبة بتغير في عدد مرات التبرز أو قوام أو تماسك البراز.
ومن ناحية أخرى هناك مجموعة أخرى من المرضى قد تشكو أساساً من اثنتين أو أكثر من العلامات التالية: تغيير في عدد مرات التبرز أو قوام البراز أو نزول مخاط من فتحة الشرج أو الاحساس بانتفاخ في البطن أو كثرة التجشؤ.
ويأتي هنا دور طبيب الجهاز الهضمي المتخصص حيث يجب قبل اعطاء علاج لمدة طويلة للمرضى الذين يعانون من الأعراض السابقة ان يقوم بفحوصات محددة نظراً لتشابه هذه الأعراض مع أعراض بعض الأمراض الأخرى مثل الالتهابات أو بعض الأمراض التي تتطلب تدخلاً جراحياً مثل الطفيلية والبكتيرية بالقولون مثل الزوائد اللحمية الوراثية في القولون وأورام القولون.
وتشمل هذه الفحوص التأكيدية بعض الفحوص المعملية كصورة الدم ووظائف الكلى وسرعة الترسيب ووجود دم مختفٍ بالبراز وتحليل البراز بحثاً عن بعض الطفيليات والبكتريا المسببة لالتهابات القولون وكذلك عمل تنظير للقولون وأحياناً أشعة بالصبغة على القولون في بعض المرضى الذين يخشى من وجود أورام بالقولون لديهم حسب ما يرى طبيب الجهاز الهضمي.
ويأتي دور الجراح عند ثبوت أحد الأمراض التي تستلزم تدخلاً جراحياً. وقد تم في مركز أمراض وجراحات الجهاز الهضمي بالمستشفى السعودي الألماني بالرياض علاج بعض المرضى الذين كانوا يعتقدون انهم يعانون من القولون العصبي ويتعاطون علاجا طبيا لأعراض دون إجراء أي فحوص أو متابعة جدية للحالة، ووجد ان أحد هؤلاء المرضى يعاني من وجود زوائد لحمية ورائية بالقولون والمستقيم فتم إجراء استئصال كلي للقولون للمريض مع عمل جيب معوي من الامعاء الدقيقة وتوصيله بالقناة الشرجية والمريض الآن في حالة طبية بحمد الله، كما تم تشخيص أورام سرطانية بالقولون في مرضى آخرين كانوا يعالجون أيضاً على أساس انهم يعانون من القولون العصبي وتم استئصال هذه الأورام لهم وتتم متابعتهم الآن بمركز الأورام بالمستشفى، كما أجريت عمليات جراحية لاستئصال أجزاء متضيقة من القولون نتيجة مرض «كرون» ويعالجون على انهم يعانون من القولون العصبي، وكانت تؤدي لانتفاخ شديد بالبطن مع نوبات شديدة من الامساك بعد تشخيصها بإجراء الفحوص اللازمة وهم الآن بحمد الله في حالة مستقرة. والرسالة التي نوجهها هنا للمرضى الذين يعانون من أعراض تتشابه مع أعراض القولون العصبي ان يتوجهوا إلى أحد مراكز طب وجراحة الجهاز الهضمي للتأكد من تشخيص السبب في الأعراض من كونه قولونا عصبيا أو أحد الأمراض الأخرى التي تتطلب علاجاً جراحياً حتى يتسنى اعطاء العلاج المناسب سواء كان طبياً أو جراحياً حسب الحالة في وقت مبكر لتحقيق العلاج الشافي بإذن الله.
(*) استشاري ورئيس قسم الجراحة العامة
|