لا أدري عندما تنشر هذه السطور هل مازالت بغداد صامدة أمام الاحتلال الأمريكي/ البريطاني أم تكون قد وطئت ثراها أحذية الغزاة، وسواء حصل الاحتلال أم تأجل فإن احتلال الأرض لا يعني احتلال الكرامة، فقد تعرّضت بغداد لاحتلال الغزاة البريطانيين عام 1917م وجاءوا بالحجة نفسها لتحرير العراقيين من العثمانيين ولكن لفظتهم أرض العراق بعد حين فالقوّة الغاشمة تستطيع احتلال الارض ولكنها هيهات أن تحتل روح الجهاد لطرد الغاصب المحتل من عرب ترخص أرواحهم أمام قيمهم وأرضهم.
الغزاة لا يعرفون طباع العرب وظنوا أنهم كالأفغان سيقبضون الاف الدولارات ثم يندفعون يفتحون أبواب المدن للغزاة، فالعرب في العراق كالعرب في فلسطين وكالعرب في الجزائر سيحاربون سنين حتى يطردوا الغزاة وهم صاغرون، وها هم العراقيون أسقطوا الرهان على أن الشيعة سيرحّبون بالغزاة لأنهم يكرهون صدَّام، ولم يجدوا إلا الصمود والمقاومة من عرب جنوب العراق، والأمر للأسف بالعكس مع الأكراد الذين عملوا عمل الأفغان في التعاون مع الغزاة وستريهم الأيام أن العدو الغازي لن يكرم خائناً لبلاده مهما كانت عداوته للحكام أو الأفراد.
اما المعارضة فهم فئات شتى لا يجمعهم إلا كره صدَّام فإذا زال صدّام فستظهر خلافاتهم العِرْقية والطائفية والعَقَدية، والغازي عدو لكل الأطراف وإن وظَّف طرفاً لصالحه حتى حين.
فالرئيس العراقي القادم هو الجنرال الأمريكي الصهيوني جاي غارنر «64 سنة» وهو صهيوني متحمس لإسرائيل على ما ذكرت وكالة رويترز ، زار إسرائيل عام 1998م على حساب جماعة يمينية تقول: إن الولايات المتحدة تحتاج لإسرائيل لإظهار القوة الأمريكية في المنطقة العربية، وقد وقَّع بياناً عام 2000م يلقي باللوم على ضحايا الفلسطينيين في جرائم الحرب الإسرائيلية، وقد صدر هذا البيان برعاية المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي الذي يتحمل نفقات تنظيم رحلة لضباط الجيش الأمريكي المتقاعدين إلى إسرائيل كي يطلعهم الإسرائيليون على الأوضاع الأمنية.
هذا الكلام لوكالة رويترز واضح فيما أعلن من أن أول ما سيفعله الحاكم الجديد هوالاعتراف بإسرائيل وإن شئت قل بداية مشروع إسرائيل من النيل إلى الفرات، وهذا أيضاً سرّ التهم التي بدأ توجيهها إلى سوريا وإلى إيران لتكون مماثلة لتهمة الإرهاب في أفغانستان وأسلحة الدمار في العراق ليعزف عليها الإعلام سنة ثم تندفع قوات الغزاة لاحتلال إيران وسوريا كاحتلال أفغانستان والعراق.
العراق ستتحول إلى ساحة من الدماء في مواجهة الغزاة من ناحية وفي تصفية الثأر من ناحية وفي اثارة الحروب بين الأعراق والمذاهب الدينية، هذا إن لم ينفذ مشروع كيسنجر في تفتيت وحدة البلاد بتقسيمها إلى دويلات، فهل يسعد ذلك من رقصوا شماتةً بدماء الشعب العراقي؟ وهل يسعد ذلك من يرون استباحة دماء شعب العراق من أجل القضاء على حكم صدام؟
* للتواصل ص.ب.45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|