* واشنطن أ ش أ:
ينشغل الرأي العام العالمي بمتابعة المعارك الضارية بين القوات الامريكية البريطانية من ناحية والقوات العراقية من ناحية أخرى على الصعيد العسكري والاعلامي ويتوزع الاهتمام الشعبي على تقديرات التقدم الذي حققه كل طرف في هذه المعارك.
وبالتوازي مع كل ذلك وبعيداً عن أزيز الطائرات ودوي القصف وهدير المدافع تعكف مراكز الأبحاث وصنع القرار الامريكية على تهيئة البديل السياسي لنظام الرئيس العراقي بموازاة الأعمال العسكرية الدائرة في العراق وحول بغداد.. باعتبار أن هذا البديل السياسي هو أحد شروط النجاح النهائي للحملة الامريكية التي تطلق عليها واشنطن «حرب تحرير العراق».
وتتصادم سيناريوهات المستقبل لعراق ما بعد الحرب.. فالولايات المتحدة لها تصورها الخاص بالبديل السياسي بما يضمن مصالحها في العراق على المدى البعيد.. وللاوروبيين تصورهم الخاص الذي يتفق ورؤاهم ليس فقط الخاصة بمستقبل العراق ولكن يمتد إلى أبعد من ذلك ليطاول تنظيم وإدارة العلاقات الدولية في السنوات القادمة.
أما المعارضة العراقية التي لا تدور في فلك واشنطن فقد أخرجت تصوراتها إلى العلن في مؤتمرها الأخير بالعاصمة الانجليزية لندن الذي أعلنت فيه عن خططها لمستقبل العراق السياسي بعد انتهاء الحرب.
ومن المتوقع تبعا للسيناريو الامريكي أن يعين الجنرال الأمريكي المتقاعد جاي جارنر كرئيس للإدارة الانتقالية بعد سكوت هدير المدافع والانتقال لمرحلة تأسيس النظام السياسي العراقي من جديد.
وتقول مجلة فوكوس الألمانية واسعة الانتشار ان الحكومة الانتقالية المزمع تنصيبها في السلطة بعد الحرب من طرف الأمريكيين سوف تتكون من 23 حقيبة وزارية على أن يكون الامريكيون هم الوزراء وتكون أربع شخصيات عراقية في منصب مستشار الوزير.
وكان الجنرال المتقاعد جاي جارنر قد قاد عمليات الاغاثة الانسانية في كردستان العراق بعد العام 1991 ويسكن الآن في فندق هيلتون بيتش في الكويت انتظاراً لنتائج العمليات العسكرية الدائرة في العراق الآن.
وقال ناتان جونز المتحدث باسم الجنرال جارنر لمجلة دير شبيجل الألمانية واسعة الانتشار ان جارنر يركز جهوده حالياً على وضع تصور لعمليات الاغاثة الانسانية وإعادة إعمار البنى التحتية في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح المتحدث باسم جارنر «ان التصور المبدئي لعمل الإدارة الانتقالية يرتكز على أربعة أعمدة هم مساعدة السكان ثم إعادة إعمار البلاد وبناء حكومة انتقالية من المدنيين ثم تشكيل حكومة عراقية».
وأكد جونز ان المهمة الثالثة الخاصة ببناء حكومة انتقالية يتم العمل عليها في واشنطن حاليا من لدن المتخصصين في الاستراتيجية.
من ناحيته قال غسان العطية المعارض العراقي المقيم في لندن لصحيفة دي فيلت الألمانية إن السكان سوف يتمردون على أية حكومة أجنبية مهما كانت المسميات التي تتخفى وراءها.
وكانت كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في الإدارة الامريكية قد أعلنت ان حكومة عراقية انتقالية يمكن ان تبدأ اعمالها قبل نهاية العمليات العسكرية.
وقالت رايس إن هدف إدارتها يكمن في إعطاء السيادة للعراقيين على بلادهم في أسرع وقت إلا أنها نفت أن يكون للأمم المتحدة أي دور في عراق ما بعد الحرب، وقالت من الطبيعي ان يكون للتحالف «الذي ضحى بالأرواح والدماء لتحرير العراق».. على حد قولها.. الدور الرئيسي في تحديد المستقبل العراقي.
وكانت فرنسا وألمانيا وروسيا التي رفضت الحرب بإصرار وحالت دون تمرير قرار من الأمم المتحدة يسمح بشن الحرب قد عادت لتؤكد من جديد على لسان وزراء الخارجية في الدول الثلاث باجتماعهم بالعاصمة الفرنسية يوم الجمعة مطالبتهم بدور مركزي للأمم المتحدة في عراق ما بعد الحرب.
وقال دومينيك دوفيلبان وزير الخارجية الفرنسي «يجب ان تلعب الأمم المتحدة الدور الرئيسي في عراق ما بعد الحرب».
من ناحيته أعلن المستشار الألماني جيرهارد شرودر أمام البرلمان الألماني «البوندستاج» عن خطة الحكومة الألمانية لعراق ما بعد الحرب.
وشدد المستشار الألماني على أن سيادة العراق على أراضيه واستقلاله التام يجب أن يعترف بها كخطوة أولى.
وحسب خطة شرودر تعد الخطوة الثانية حماية حقوق الشعب العراقي وأقلياته العرقية والدينية.. أما الخطوة الثالثة فهي حسب الخطة الألمانية سيطرة الشعب العراقي على موارده النفطية والطبيعية.
والخطوة الرابعة وفق السيناريو الاوروبي الألماني فهي إطلاق عمليات الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وقبل الخطوات الأربع شدد المستشار الألماني على ضرورة قيام الأمم المتحدة بالدور المركزي في المرحلة الانتقالية..
وهو ما يحفظ الحد الأدنى من المصالح الاوروبية في مقابل الرغبة الأمريكية العارمة بالاستفراد بتقرير مستقبل العراق وبالتالي حسم فوائده لمصلحة الشركات الامريكية العاملة في مجال النفط والمقاولات والاتصالات.
وفي مقابل المصالح الامريكية الاوروبية والسيناريوهات المتفرعة عنها قالت مجلة فوكوس الألمانية واسعة الانتشار إن الوزير العراقي السابق عدنان الباجه جي يعتبر أحد المرشحين الأقوياء لقيادة حكومة عراقية انتقالية تتألف من الديمقراطيين الوطنيين في العراق.
وقالت المجلة إن عدنان الباجه جي البالغ من العمر ثمانين عاما أعلن أن مجموعات من المعارضة العراقية كلفته بتكوين حكومة انتقالية في العراق بعد الحرب.
وقال الباجه جي إن مجلساً أعلى سوف يقود البلاد في مرحلة ما بعد الحرب على أن يتكون المجلس من ست شخصيات عراقية ثلاث من الشيعة وواحد من العرب السنة وواحد من الأكراد بالاضافة إليه شخصياً.. في إشارة إلى الحصص الجهوية والطائفية القائمة بالعراق حالياً.
وشدد الباجه جي «الذي ينتمي إلى السنة» على ضرورة أن تمثل الإدارة العراقية طوائف العراق المتعددة على أن يكون الواجب الرئيسي لهذه الإدارة هو الدعوة لجمعية تأسيسية تأخذ على عاتقها مهمة وضع دستور جديد للبلاد.
وشدد الباجه جي الذي هرب من بغداد في العام 1968 قبل استيلاء حزب البعث على السلطة هناك على المهام الرئيسية للإدارة الانتقالية في العراق المتمثلة.. حسب تصوره.. في وضع قانون انتخابي واعتماد حرية تكوين الأحزاب في العراق.
وقدر الباجه جي حجم المساعدات التي يحتاجها العراق في السنوات الخمس الأولى بعد الحرب تقدر بحوالي ثمانين مليار دولار.
|