* دمشق الجزيرة: عبدالكريم العفنان:
بعد أكثر من أسبوعين على بدء الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، فإن الحرب النفسية اتسعت لتطال سوريا وسط تقارير إعلامية أمريكية عن وجود زوجة صدام حسين في سوريا، ورغم ان المسؤولين السوريين تجاهلوا هذا الأمر، على اعتبار انه ذروة الحرب النفسية على سوريا؛ لكنهم بدؤوا التحرك باتجاه آخر، فإذا كانت الأيام الأولى لها حملت غضبا وقلقا؛ سرعان ما تحول نحو متابعة دقيقة لسير العمليات الحربية، لكن قسوة المعارك وجهت الاهتمام نحو حالة إنسانية جديدة، والمؤشرات توحي بأن السياسة السورية أيضا تأخذ بهذا الاتجاه الذي يفرض نفسه بقوة.
ووفق مصدر دبلوماسي غربي فإن السياسة السورية تحاول تجاهل التحذيرات والضغوط الأمريكية، باتجاه إطار آخر في محاولة للمساعدة على الخروج من هذه الأزمة وإيقاف الحرب.
وقال المصدر في حديث مع الجزيرة إن الموقف السوري لم يتغير لكنه يظهر اليوم في آليات جديدة؛ دون ان يستبعد وجود تنسيق مع بعض الدول الأوروبية بهذا الخصوص، وركز المصدر على أن التحول في الخطاب السياسي السوري باتجاه إيقاف الحرب والأساليب السياسية الممكنة لتخفيف وطأة الوضع الإنساني في العراق، تزامن مع شأنين أساسيين:
- الأول: مباحثات كولن باول في تركيا ثم مباحثاته الأوروبية، وهو شأن اوضح أنه من الممكن العودة مجددا إلى أروقة الأمم المتحدة لبحث الموضوع العراقي، رغم كافة التصريحات العنيفة لرامسفيلد حول العراق.
وبين المصدر ان هناك مؤشرات في أن مسار الحرب سيتخذ منحى جديدا مع بداية حصار بغداد، مؤكدا ان معطيات الحرب يمكن أن تفتح مجالات لعمل سياسي.
وقال المصدر ان هذا التحول لا يعني أن العمليات الحربية ستتخذ مسارا جديدا، ولكن ارتباط مسار الحرب بالعمل السياسي سيكون اقوى.
- الثاني: التهديدات والتحذيرات الأمريكية لسورية، فرغم ان دمشق أبدت استغرابها لمثل هذه التصريحات، لكنها في نفس الوقت اعتبرت انه كلما تصاعدت الأزمة في العلاقات الأمريكية السورية، فإن هذا الأمر يتطلب جهودا لإيقاف الحرب، لأنها مسؤولة أولا وأخيرا عن أي أزمات سياسية.
وأوضح المصدر ان الموقف السوري الحالي لا يتسم بالانتظار مثل الكثير من المواقف العربية، فرغم ان المسؤولين السوريين يعرفون اختلال موازين القوى في عملية الغزو العراقية، لكنهم في نفس الوقت يعتبرون ان الانتظار لا يجدي في مثل هذه الحالة لأن العمل العسكري لا يستطيع فرض حلول سياسية دائمة، لذلك لا بد من البحث بشكل دائم عن آفاق سياسية رغم قساوة الغزو وما خلفه من دمار.
وحول قرار الكونغرس منع ألمانيا وفرنسا وسوريا وإيران من عمليات إعمار العراق بعد الحرب، أوضح المصدر انه على الصعيد الاقتصادي فهذا الأمر لا يشكل الكثير بالنسبة لسورية، لأن دمشق تعرف تماما ما تريده واشنطن من وراء الحرب، فالاستثمار الاقتصادي واضح تماما في هذه العملية، وهي لن تدع هذه الاستثمارات لغيرها من الدول، لكن عملية الإعمار مرتبطة إلى حد بعيد بالشكل السياسي الذي سيظهر بعد توقف العمليات العسكرية، وهذا الأمر حسب نفس المصدر مازال غير واضح.
من جانب آخر فإن مختلف المدن السورية تشهد عمليات تبرع واسعة، حيث جمع التجار ورجال الأعمال في أول يومين من انطلاقة هذه الحملة 23 مليون ليرة سوريا لمساعدة السعب العراقي في محنته الحالية، كما أن الهلال الأحمر السوري يقوم بجمع التبرعات لإرسال معونات طبية عاجلة للمناطق التي اجتاحتها القوات الغازية، ويتم استخدام الهواتف النقالة لإبلاغ المواطنين عن كيفية التبرع، ومن المتوقع ان تشهد الأيام القادمة ارتفاعاً في سير العمل الاجتماعي في سوريا من أجل مساعدة الشعب العراقي.
|