سؤال محير في الواقع، إلا أن الإجابة عنه، تقول: نعم!! وللأسف الشديد، نعم لدينا عمالة وافدة تعيش حالة من البطالة بيننا، ونقول نعم أيضاً، إنها تعيش بطالة بكافة فئاتها المتعارف عليها دولياً (بطالة مقنعة بطالة مستديمة بطالة مؤقتة بطالة نوعية أو هيكلية بطالة اختيارية)، لكن السؤال الأهم، هو كيف نشأت تلك البطالة وبكافة فئاتها هذه؟ ولماذا تنشأ في الأصل؟ إننا وبصوت عال نقول إن سبب ذلك نحن كمواطنين، نعم نحن الذين تسببنا في نشوء مشكلة بل قضية كهذه، كيف لا، ونحن نستقدم بدون تقنين، نعم نستقدم أحياناً بدون حاجة، ونستقدم لأجل أن نمنح الفرصة للغير لأجل منحه فرصة الدخول في البلاد، دون أن نعرف أنه قادم لعمل أم لهدف آخر، إذاً نحن نستقدم أحياناً لأجل أن يقال إننا نستقدم فحسب، فإذا كانت هذه التوجهات تشكل لنا نسبة كبيرة في عملية الاستقدام غير المقننة، فضلاً عن البعض من المواطنين الذين لا وعي لديهم، ولا يعيرون مصلحة لوطنهم، حينما يستقدمون لأجل الاستفادة المادية من هذه العمالة الوافدة، بطرق غير مشروعة تكمن في بيع التأشيرات لهم، وعلى أي حال ونحن نتحدث عن العمالة الوافدة الباطلة عن العمل، يعنينا في النهاية القول إن جل هؤلاء عند قدومهم يفاجأون بعدم وجود أعمال لهم، والبعض منهم لا يعمل بسبب عدم رغبتهم إلا في المهن التي يحددونها، أو الأجور التي لا يمكن أن يتنازلون عن أقل منها، من هنا تنشأ لدينا بطالة العمالة الوافدة، وهذا واقع حقيقي ومر.
في الوقت الذي نقول فيه إن هناك بطالة لدى المواطنين، فماذا نعالج الآن؟ هل نعالج بطالة المواطنين ونترك بطالة الوافدين، أم نهتم بالوافد دون مصلحة المواطن، أم نعالج مشكلة الاثنين؟ وربما نعجز هنا عن تحقيق تطلعات الاثنين معاً، لكن لو سلمنا بأن هناك بطالة لعمالة وافدة، وتلك حقيقة واقعة ولا تحتاج إلى تأكيدات أخرى، فإن هذا يقودنا إلى القول إن هناك خللاً داخل المجتمع، ربما يكون سببه جهات الاختصاص أو المواطن أو كلنا الجهتين معا، كما علينا ألا نعتقد أن حلول قضايا البطالة تتأتى بالأمر الهين، فمعالجة قضية البطالة لا تنتهي في يوم وليلة كما يقال، وإنما يأخذ موضوع كهذا أبعاداً طويلة، وبخطط تذهب بنا إلى محطات طويلة، وصولاً إلى تحقيق المبتغى أو جزء منه، لكن السؤال الأهم في ذلك كله: كيف لنا معالجة البطالة بين المواطنين ونحن نتعايش مع عمالة وافدة تقبع هي الأخرى في بطالة متنوعة أيضاً؟ إننا لن نمضي قدماً بل سوف نكون في مكاننا مراوحين أمام بطالة المواطن، لأننا سوف نكون منهمكين بسبب معضلة بطالة الوافد، تلك المعضلة التي سوف تشغلنا عن تحقيق حتى مبادئ مفاهيم السعودة.
إذن هناك خطوات رئيسة في هذا الجانب لابد ان نخطوها خطوة تلو الأخرى، لإنهاء المعاناة مع قضية بطالة العمالة الوافدة، ولا يعني هذا السعي نحو إيجاد اعمال لهم، بل يجب متابعة أصحاب الأعمال الذين يتبعون هذه الفئة من العمالة الوافدة، ومعرفة أسباب استقدامهم أولا، ومن ثم عن تركهم دون عمل أخيراً، والإسراع إلى إنهاء مشاكلهم إما بتشغيلهم لدينا أو ترحيلهم، فليس من المنطق أن نتحمل إزر أو مصيبة الغير، فكما يقول ذلك المثل (تكفينا مصيبتنا) فدعوة إلى المديرية العامة للجوازات، للبدء في إظهار حملة وطنية نوعية، تختص بالقضاء على العمالة الوافدة الباطلة، أو من يثبت أن لا عمل لها، أو استقدمت دون عمل محدد لها، أو أن صاحب العمل (الكفيل) لا منشأة له أو مقر واضحاً له، وصولاً إلى درء المخاطر التي تجلبها قضايا كهذه.
وإنني اقترح على مديرية الجوازات أن تسعى إلى إعداد استراتيجية وطنية ذات منهاج علمي وعملي، وأن تضع مراحل عمرية للقضاء على هذه الظاهرة، ولا يكفي أن تفعل ذلك وحدها دون أن تتضافر جهود كافة المصالح الحكومية معها، ودعم الغرف التجارية السعودية التي يعنيها هذا الأمر اقتصادياً واجتماعياً، وهناك دور جليل ووطني منتظر من ابن البلد البار (المواطن) وهو أن يساهم هو الآخر بالتخلص ممن لديه من عمالة سائبة أو فائضة عن حاجته، مع إسهامه في الإبلاغ عن أي فئة من هذه الفئات التي تعد قضية اتهمنا فيها بأن لدينا ما يسمى بطالة العمالة الوافدة.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية للتواصل ناسوخ 2697771 (01( ص. ب 10668 الرياض 11443
|