الرياض: سعد العجيبان
قال أمين عام مجلس القوى العاملة عضو اللجنة التحضيرية للتنظيم الاداري في الأجهزة الحكومية الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد ان هيكلة الأجهزة الحكومية في المملكة سواءكانت هيكلة ادارية أو غيرها منطلقة من قناعات ذاتية قبل الأحداث التي شهدتها الساحة الدولية مؤخراً.. نافيا وجود ضغوط خارجية تلزم المملكة باجراء اصلاحات سياسية وداخلية.
وأشار د. الحميد في معرض حديثه ل«الجزيرة» ان عملية الاصلاحات التنظيمية مستمرة وليس لها علاقة بمثل هذه الأمور.
وعلق حول تحجيم النفوذ الديني في الدولة كأحد مخرجات تلك الضغوط الخارجية قائلا: من يتحدث بهذا الشكل يجهل التركيبة الاجتماعية للمملكة إذ تقوم هذه التركيبة على الدين الذي يعد من الثوابت الأساسية التي يتحرك المجتمع في اطارها.. وفيما يلي نص الحديث..
* يرى بعض المراقبين السياسيين ان المملكة تخضع لضغوط خارجية فيما يتعلق باجراء اصلاحات سياسية وداخلية.. ما هو تعليق معاليكم على هذا الأمر؟
- المملكة فيما يتعلق بهيكلة الأجهزة الحكومية وما يتعلق بمسار العمل بمختلف تفرعاته سواء كانت هيكلة ادارية أو غيرها هي منطلقة من قناعات قبل الأحداث الأخيرة.. بل ان الواقع أن توجه المملكة كان لانشاء مجلس الشورى ومجالس المناطق وصدور نظام الحكم.. وجميع هذه الأنظمة ليس لها علاقة بأية ضغوط.. وجميعها قبل الحادي عشر من سبتمبر.. وقبل الأحداث الأخيرة.. فعملية الاصلاحات التنظيمية مستمرة وليس لها علاقة بأي من هذه الأمور.
* لكن وسائل الاعلام الغربية.. وبعض الجهات الرسمية تتحدث بكثرة عن هذا الأمر.. ألا يشكل ذلك نوعاً من الضغوط؟
- بطبيعة الحال قد تتحدث وسائل الاعلام الغربية بطريقتها الخاصة.. لكن الذي نشهده كمراقبين ومتابعين للأمر داخل المملكة.. هو ان عملية الاصلاح مستمرة بدأت قبل الأحداث التي نعيشها حالياً.. وأنا شخصياً عضو في اللجنة التحضيرية للتنظيم الاداري التي تعمل على هيكلة أجهزة الدولة.. وفوقها لجنة وزارية فرعية.. وفوقها لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.. وكنا نعمل قبل الأحداث الأخيرة وتلك العمليات ليس لها علاقة بأية ضغوط..
* البعض يتحدث عن ان اجراء هذه التغييرات والاصلاحات تكاد تكون إلزامية مستقبلاً.. كإحداث تغييرات على العملية التعليمية أو أنظمة الدولة الرسمية.. كيف تجدون هذا الأمر؟
- بطبيعة الحال عندما تتابع ما ينشر في الصحافة الغربية.. تجد طروحات من هذا القبيل.. تجد أنهم يتحدثون عن ضرورة تغييرات في أمور كثيرة.. لكن هذه وجهة نظرهم.. أما فيما يتعلق بنا في المملكة فعملية الاصلاح التعليمي على سبيل المثال قد بدأت قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. فقد كانت هناك لجنة لتقييم النظام التعليمي في المملكة وكنت عضواً بها ضمن 27 مسؤولا سعوديا من مختلف قطاعات الدولة والمؤسسات الأكاديمية ومجلس الشورى.. كنا ندرس اصلاح النظام التعليمي قبل الحادي عشر من سبتمبر بسنوات.. ولم يكن للتوجهات الغربية أي دور.
أنا لا أنفي ان هناك كتابات تنشر في الصحافة الغربية تتحدث عن ضرورة التغيير الى ذلك.. لكن هم ينشرون ما يرغبون.. إنما عملية الاصلاح بدأت منذ وقت طويل وهي مستمرة.. وكما تعلم ان المملكة مرت بمرحلة التخطيط التنموي ومنذ ذلك الوقت ظهرت كثير من الأمور على صعيد التنمية.. وتراكم التجربة أثبت حتمية مراجعة الانجازات وتصحيح المسار في أشياء كثيرة.. ومن هذا المنطلق كانت هناك الكثير من العمليات الاصلاحية، أما ما يقال عن أننا نواجه ضغوطا.. فالناس ربما تتحدث عما يكتب في الصحافة الغربية.. والصحافة الغربية كما تعلم مليئة بالمتناقضات والخلط.
* أيضا ضمن هذا الاطار هناك من يرى ان تلك الضغوط الخارجية تسعى لخلق توجهات نحو تحجيم النفوذ الديني في الدولة.. كيف ترون معاليكم هذا الأمر؟
- حقيقة.. من يتحدث بهذا الشكل يجهل التركيبة الاجتماعية للمملكة العربية السعودية قبل ان نتحدث عن التركيبة السياسية..
فالتركيبة الاجتماعية للمملكة تقوم على ان الدين هو من الثوابت الأساسية التي يتحرك المجتمع في اطارها.. وبالتالي هذه الأحاديث لا معنى لها حقيقة..
* فيما يتعلق باعادة التنظيم الاداري للدولة وأجهزتها الحكومية.. هل ترون أن ذلك يرجع الى تفشي الفساد الاداري في تلك الأجهزة والمؤسسات؟
- ليس بالضرورة.. ولم يكن تفشي الفساد الاداري سبباً باعادة التنظيم.. إنما السبب هو ان الهياكل الادارية القائمة في المملكة هي في الأساس أقيمت لتقدم خدمة.. وكانت تعكس الواقع الذي أقيمت فيه.. تعكس الاطار الزمني الذي أقيمت فيه.. فبعضها مقام منذ سنوات بعيدة.. فطبيعة الأمور في الواقع.. أن يتم تحديث هذه الأجهزة بما يتلاءم مع التغييرات التي شهدتها المملكة داخليا ويتناسب مع استعدادات الدولة لتكون عاملا فاعلا في الساحة الدولية وأعني في اطار العولمة.. والمستجدات الدولية والانفتاح على العالم.
وعلى سبيل المثال لو تحدثنا عن الوزارات الاقتصادية في المملكة بكل أنواعها.. الأجهزة التي تعنى بالشأن الاقتصادي والمالي.. هذه الأجهزة أقيمت منذ عقود طويلة.. الآن الكل يتحدث عن منظمة التجارة العالمية.. وعن اشتراطات العولمة وما الى ذلك.. فبكل تأكيد ينبغي ان تعكس هذه الأجهزة المالية والاقتصادية في المملكة هذه المستجدات.. إذن لابد من اعادة الهيكلة في هذا الاطار وليس بالضرورة أن يكون ذلك نتاج فساد اداري وما الى ذلك.. ولكن مع ذلك كل هذه الأمراض الادارية تحت أي مسمى من المسميات ممكن ان توجد في أي مجتمع وبالتالي اعادة الهيكلة من ضمن نتائجها القضاء على أي سلبيات أينما وجدت.
* وماذا عن التخطيط الارتجالي لبعض الأجهزة الحكومية.. فقد أخذ على بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية القيام بمهامها بتخطيط ارتجالي لا يرتكز على دراسات وأسس؟
- طبعاً.. التخطيط يقوم على أسس وعلى معلومات.. والجهات التخطيطية وفي مقدمتها وزارة التخطيط تعد للخطة الخمسية بشكل جيد من حيث أنها تجمع معلومات وتصنفها.. ولكن كما تعلم أنت تضع خطة الآن وتنفذ على مدى خمس سنوات.. وخلال تلك الفترة تحدث متغيرات.. منها التغير في الايرادات المالية للدولة.. وأحداث لم تكن متوقعة.. لكن الخطة تظل خطة.. قد يحدث ألا تجد هذه الخطة طريقها للتنفيذ بسبب أمور مالية لم تكن متوقعة.. أو أمور طارئة لم تكن متوقعة.. وبلاشك كثير من الخطط التي وضعتها وزارة التخطيط هي التي قادت المجتمع الى الخروج من الكثير من الاختناقات التي كانت سترهق الجميع لو لم تكن هناك خطط لها والناس تتحدث دائما عن الاخفاقات ويندر ما تتحدث عن النجاحات.. لكن التخطيط في نهاية المطاف هو تخطيط.. والخطة ليست نبوءة وإنما هي نوع من استشراف المستقبل وعمل ما يمكن عمله لمواجهة هذا المستقبل.
|