بمناسبة يوم الأرض
فلسطين..أرض الأنبياء وموطن العلماء
وسيلة محمود الحلبي

* والمقصود محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله تعالى فيها عيسى عليه السلام.
ومن بركاتها مسجد بيت المقدس (المسجد الأقصى) ثاني مسجد وضع في الأرض وقبلة المسلمين الأولى. وثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلاَّ إليها. والذي تعادل الصلاة فيه خمسمائة صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام والمسجد النبوي وقد آسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وعرج به منه إلى السماوات العلا وأمَّ فيه الأنبياء جميعاً.
ومن بركات هذه الأرض أن الطائفة القائمة على الحق موجودةً فيه إلى قيام الساعة حيث يقول صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة لا يضرهم مَنْ خذلهم، قيل: أين هم يا رسول الله؟ قال: هم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس». رواه أحمد.
* فلسطين هي أرض الأنبياء فقد قصَّ علينا القرآن الكريم خبر خمسة وعشرين نبياً كان لأكثر من نصفهم صلة بفلسطين، فلقد تشرفت هذه الأرض منذ القدم بأنبياء الله ورسله عليهم السلام، فهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يخرج من أرض العراق مهاجراً إلى فلسطين بصحبة زوجته سارة وابن أخيه لوط. فيسكنها إبراهيم ويدفن فيها بعد موته. وهاهي ذرية إبراهيم من الأنبياء اسحق واسماعيل ويعقوب ويوسف تنشأ فيها حتى أسكن إبراهيم ابنه اسماعيل وأمه هاجر مكة المكرمة بأمر من ربه. وحتى حمل الركب يوسف عليه السلام إلى مصر بعد أن آخرجوه من الجب، أما اسحق ويعقوب فقد ماتا ودفنا فيها إلى جوار إبراهيم عليهم السلام، وهاهو موسى عليه السلام يأمره الله هو وأخاه هارون أن يخرجا ببني إسرائيل من مصر إلى الأرض المباركة ولكن الأجل عاجلهما قبل دخولها فقاد بني إسرائيل إليها فتى موسى يوشع بن نون.
وهذا داود وابنه سليمان عليهما السلام يشيدان فيها دولة ويقيمان ملكاً عاصمته بيت المقدس ويبنيان مسجدها. وهؤلاء أنبياء الله زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام يسكنون أرضها ويوحى إليهم فيها ويرفع الله عيسى إليه من فوق ثراها المبارك.
وهذا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم يُسري الله به إليها ويعرج إلى السماء منها ويؤم أنبياء الله في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصى.
عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق وهو دابة أبيض. قال: فركبته حتى أُتيت بيت المقدس. قال: فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت. «رواه مسلم».
* فلسطين موطن العلماء.. ازدهرت الحركة العلمية في فلسطين منذ وطئت أقدام الصحابة الكرام أرضها المباركة وكان للمسجد الأقصى دور هام في استقطاب كثير من علماء الإسلام الذين كانوا يزورنه وهم في طريق عودتهم من الحج.
وقد خرج من فلسطين كثير من فقهاء المذهب الحنبلي.. ومن أهم وأشهر العلماء والأعلام فيها الامام محمد بن ادريس الشافعي، الحافظ ابن حجر العسقلاني، ابن قدامة المقدسي، الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي، ابن مفلح شمس الدين محمد بن مفلح الفقيه المحدث، أحمد بن الحسين الرملي، علاء الدين المرداوي علي بن سليمان، الحجاوي شرف الدين موسى بن أحمد، محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي الفقيه.
ومن أعلامها: موسى بن نصير اللخمي فاتح الاندلس، رجاء بن حيوة الكندي، عبدالحميد بن يحيى الكاتب.
وتتوافر في فلسطين الآن سبع كليات جامعية لتدريس العلوم الشرعية وهي كلية الدعوة وأصول الدين القدس، كلية الشريعة جامعة الخليل، كلية الشريعة جامعة النجاح نابلس، كلية الشريعة الجامعة الإسلامية غزة، كلية أصول الدين الجامعة الإسلامية غزة، كلية الدعوة والعلوم الإسلامية أم الفحم، كلية الشريعة والدراسة الإسلامية، باقة الغربية. ويقوم بالتدريس نخبة من الاساتذة الأفاضل من حملة الماجستير والدكتوراة حصلوا على تعليمهم من جامعة الأزهر الشريف، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. وفيها كليات متوسطة ومدارس المرحلة المتوسطة والثانوية والابتدائية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم.
* وفلسطين أرض الشهداء.. لم يتخضب تراب أي ثغر إسلامي بدم الشهداء مثلما تخضبت به أرض فلسطين المباركة فمنذ حملة الفتوح الأولى التي قادها صحابة رسول الله صلى الله وسلم أمثال أبي عبيدة وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم. وفلسطين تتروى بالدم الزكي الطاهر حيث نال الشهادة في معارك أجنادين وفحل وقيسارية التي جرت على أرضها جمع غفير من الصحابة.
وعند سقوط بيت المقدس بأيدي الصليبيين عام 493هـ/ 1099م تجندل على ثرى فلسطين عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من المسلمين وفي معارك تطهير فلسطين من الصليبيين التي قادها نور الدين زنكي وأولاده وصلاح الدين وأفراد أسرته قدم الآلاف أرواحهم في سبيل الله.
وعند اجتياح التتار للمشرق الإسلامي وسقوط بغداد على أيديهم ودخولهم الشام ارتكبوا أبشع المجازر وحرقوا الأخضر واليابس ودمروا وخربوا حتي ردهم المسلمون في معركة عين جالوت على أرض فلسطين سنة 658هـ/ 1260م والتي نزفت فيها دماء زكية من أبناء المسلمين. ومع الحملة الفرنسية على فلسطين عام 1214هـ 1799 بقيادة نابليون بونابرت والتي وصلت إلى أسوار عكا ثم ارتدت على أعقابها.. حيث جاء كليبر الذي قتله القائد الفذ سليمان الحلبي.. قدمت كوكبة جديدة أرواحها في سبيل الله.ومع دخول الانجليز لفلسطين سنة 1336هـ/ 1917م والذين قال قائدهم اللنبي يوم دخوله القدس (الآن انتهت الحروب الصليبية) وتمكينهم للعصابات اليهودية في الأرض المباركة تقدمت كتائب الايمان تخوض المعارك مع أعداء الله جهاداً في سبيله ودفاعاً عن الدين والأرض والعرض وتُقَدِّمْ الشهداء أرواحها في سبيل نصرة الحق.
وخلال الأربعة عقود الماضية من هذا القرن ودماء المسلمين في فلسطين تسيل طاهرةً زكية على أيدي اليهود الأشرار ومنذ انطلاقة الانتفاضة المباركة سنة 1408هـ/ 1987م سقط ما يزيد عن خمسة آلاف شهيد وآلاف الجرحى من أبناء فلسطين ومازالت قوافل الشهداء تدافع عن الأرض والعرض لنصرة الحق ودحر الإسرائيليين الصهاينة وشارونهم اللعين.
* أهم مدن فلسطين: وعلى صغر رقعة فلسطين التي تبلغ مساحتها 27000كم2. فهي تحمل كثافة سكانية عالية وفيها (27) مدينة و(935) قرية وعشرات العشائر البدوية.
(ففيها القدس): التي بناها اليبوسيون العرب في الألف الثالثة قبل الميلاد وهي المدينة المقدسة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة وتعاني من حملة تهويد شرسة واعتداءات متكررة على معالمها الإسلامية.
(وفيها الخليل) وسميت هكذا نسبة لأبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وقد دفن فيها هو وزوجته سارة وكذلك اسحق ويعقوب ويوسف عليهم السلام.
(وفيها عكا): التي أسسها العرب الجرجاشيون في الألف الثالثة قبل الميلاد وفتحها الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه عام 16هـ/636م. ولما تسلم الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ولاية الشام أنشأ فيها داراً لصناعة السفن وجعل منها الميناء الإسلامي الأول الذي خرجت منه الحملات البحرية لفتح قبرص ورودس وقد قهرت عكا القائد الفرنسي نابليون أثناء حملته على فلسطين عام 1799م وعاد يجر أذيال الخيبة والهزيمة.
(وفيها نابلس) التي فتحها الصحابي الجليل عمرو بن العاص وقد أطلق عليها اسم جبل النار لمساهمتها الكبيرة في النورات المختلفة.
(وفيها غزة) حيث سميت بغزة هاشم نسبة إلى جد رسول الله صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف الذي مات ودفن فيها قبل البعث وولد فيها الإمام الشافعي رحمه الله. وقد قال فيها: