بعد عيد الأضحى المبارك الماضي فقد آل سالم كبير الأسرة الشيخ فهد بن عبدالعزيز بن محمد بن سالم رحمه الله بعد وعكة صحية طارئة لم تمهله طويلا، انتقل على اثرها إلى رحمة الله ان شاء الله.
يعد الشيخ فهد رحمه الله من الرعيل الأول الذي عاصر فترة توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث ساهم وشارك في بعض حملات توحيد هذه البلاد.
ولد الشيخ فهد في الدرعية، ونشأ بها في كنف والده وجده رحمهم الله جميعا، وكان جده محمد بن سالم أحد الموسرين والوجهاء المعروفين في الدرعية.
في عام 1344هـ وعند بلوغه الثانية عشرة من العمر رافق والده رحمه الله في بعض الغزوات والحملات تحت قيادة الملك عبدالعزيز رحمه الله. كما شارك في موقعة (السبلة) الشهيرة عام 1347هـ.
وفي عام 1350هـ شارك مع والده في المعركة التي قادها الملك عبدالعزيز رحمه الله في (الحقو) وهو الجبل الواقع بين أبها وجيزان. وفي العام نفسه شارك في غزو اليمن تحت قيادة الملك سعود رحمه الله إلى انتهت مشكلة اليمن عام 1352هـ.
وبعد أن تم توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، وعمَّ الأمن والاستقرار جميع أرجاء البلاد، كُلِّفَ الشيخ فهد رحمه الله بالعمل أميراً على إحدى الفرق الخاصة بجباية زكاة المواشي التي كانت تعتبر في ذلك الحين عصب الحياة للدولة الفتية، وأحد الروافد المهمة في تحقيق الأمن والاستقرار للمواطنين.
وفي عام 1364هـ أصدر الملك عبدالعزيز رحمه الله أمره الكريم بتعيين سعد بن عبدالعزيز بن سالم رحمه الله (الأخ الأكبر للشيخ فهد) أميراً للمويه فانتقل للعمل مع أخيه في إمارة المويه. ثم انتقل إلى مدينة الرياض في عام 1383هـ لحاجة أبنائه إلى إكمال دراستهم، واستمر في عمله الرسمي بوزارة الداخلية إلى أن تقاعد في عام 1405هـ بعد حياة حافلة بالعطاء والكفاح والعمل المخلص دامت لأكثر من ستين عاماً، قضاها رحمه الله في خدمة الدين ثم المليك والوطن، وقد عرف رحمه الله بالورع والكفاف وحبه لعمل الخير.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشاركات الشيخ فهد بن سالم رحمه الله تعد امتداداً لما قام به أسلافه وأجداده من أسرة آل سالم خلال الدولة السعودية الأولى والثانية وحتى الوقت الحاضر فجده حمد بن سالم رحمه الله، كان من كبار أعيان بلدة العيينة وأحد رجال الدولة السعودية الأولى، حيث شارك رحمه الله في الكثير من الوقائع والغزوات في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، وعُيِّن في عام 1221ه أميراً على الكتيبة السعودية المرابطة في المدينة المنورة بعد إجلاء (عنتر باشا) عنها. كما عيَّنه الإمام سعود عام1229ه أميراً على سدير، ثم استقر رحمه الله بعد ذلك في الدرعية حيث عُيِّن قائداً لإحدى الحاميات التي تولت الدفاع عنها أمام الجيش التركي بقيادة إبراهيم باشا، إلى أن استشهد رحمه الله بعد أن أبلى بلاءً حسناً، وقد حفظ المؤرخون ذلك في كتبهم، ومن بينها المرجع الشهير في تاريخ نجد (كتاب المجد في تاريخ نجد لابن بشر).
كما أن جده عبدالعزيز بن حمد بن سالم كان أحد كبار وأعيان الدرعية وأحد رجال الدولة السعودية الثانية، حيث قام رحمه الله بِنَاءً على طلب من الإمام عبدالله بن فيصل والإمام سعود بن فيصل بتجهيز الحملات الجهادية بالرجال والسلاح والحبوب، وكان على علاقة وثيقة بالأئمة حتى وفاته رحمهم الله جميعا.
وكان والده عبدالعزيز بن محمد بن سالم وأعمامه عبدالله وحمد وعبدالرحمن وإبراهيم وشقيقه سعد رحمهم الله من الذين شاركوا في بعض الوقائع والحملات الجهادية التوحيدية في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، مثل موقعة (أم ارضمة) وموقعة (كنزان) في عام 1333هـ وفيها قتل عمه عبدالله رحمه الله، وموقعة (السبلة) و (الرغامة) وخلافها، رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته.
وإن كان الشيخ فهد قد انقطع عن الحياة، فقد خلَّف رحمه الله أبناء مؤهلين، يواصلون ما كان عليه والدهم من حب الوطن والعمل الصالح، فابنه الأكبر عبدالرحمن مهندس في مكتب معالي وزير الشؤون البلدية والقروية، وسامي مهندس في شركة الاتصالات السعودية، ووليد معلم في المرحلة الثانوية بمعهد العاصمة، وخالد مستشار قانوني.رحم الله الفقيد وتغمده بواسع رحمته وغفرانه وأسكنه فسيح جناته وأنزله منازل الصالحين.
|