هكذا هي الحياة المرة القاسية.. التي تعيشها فتاة في ربيع الحياة وفي زهو عمرها وردة متفتحة ما لبثت أن تذوب.. فتاة تناجي النجوم في دجى الليل الحالك.. الفتاة المظلومة.. الحزينة.. المسكينة في حياتها.
هذه من واقع حياة فتاة.. كانت تأمل لتعيش مع شريكها الذي سوف تنتزعه من بين معشر الشباب، الأمل الذي سيغطيها فرحة.. ويغمرها حبا.
ولكن انقلب الأمل كله.. إلى أوهام وأصبح أحلاماً.. الفتاة الصغيرة تساق إلى شخص لا تريده لا تطيق الحياة معه.. مع ذلك الزوج الهرم المحطم الكيان، تساق إلى تلك الشوكة من أجل الثمن.. الثمن الذي حول حياة الفتاة من سعادة إلى شقاء ومن نعيم.. إلى جحيم.
هذه فتاة في السادسة عشرة من عمرها، أتى شاب إلى أبيها ليخطبها منه كي يعيش معها عيشة الأحرار.. وقد وثق أنها راغبة في الزواج منه، شاب في مقتبل عمره.. مستعد لعراك حياته الجديدة.. شاب لا يجد العيب له طريقا عليه.
ولكنه من عائلة فقيرة ليست بتلك العائلة الكبيرة في مالها وجاهها.
أتى مع والده رغبة منه تلك في الفتاة. وطلبوا من والدها. الزواج من الفتاة بالشاب لكن والدها كأنه عرف ان المهر الذي سيدفعونه، ليس الذي يتوقعه فكان يريد أن يبني له قصوراً عالية.. وأماني ثراء من وراء تزويج ابنته لذلك بدأ بطرح الأعذار الخيالية.. والتهربات غير الوجيهة.
فعرف الابن وأبوه حقيقة أمر الرجل ومآربه.. وأهدافه، فاستأذنا للخروج وتركاه لأمره.. ورغبته.
ولم تمض إلا أيام قليلة حتى لوالد الفتاة ذلك العجوز الكبير في سنه وماله أتى لنفس الغرض يطلب القرب من الفتاة فظن أبو الفتاة أنه يريدها لابنه الصغير أو لابن ابنه، فحاول الاطلاع على الأمر فاتضح أنه يريدها لنفسه.
فبقي أبو الفتاة في حيرة من أمره.. يعرف أن الفتاة لا تريده.. وأبناؤه وأقاربه لا يرغبون بهذا الشخص كزوج لمثل هذه الفتاة، ولكن أخذت أفكاره دورتها حول الشيخ، فوجده صاحب أموال وثروة عظيمة ومن طبقة الأغنياء فدفعه الطمع إلى أن يسوق ابنته إلى الهلاك!
فينظر إلى النقود وكأنها في جيبه، ولا يهمه مصير ابنته مع زوجها الهرم ولا يهمه أيضاً فقدان ابنته لسعادة وابتسامة الأمل والشباب وجهل دموع ابنته الصامتة، ولا ينظر إليها بنظرة الرحمة والإنصاف، قادها إلى طريق كله أشواك.. دون أن تختار.. ودون أن تقبل، دون رضا.. الأم.. والاخوان.. كله حبا للمال الغادر.
فساقها لابن السبعين من العمر.. ساقها إرغاماً منه إلى ما اختاره لها هو.. دون أن يفكر أن الزواج لها.. لها هي فقط.. وليس له ولا للآخرين.. وركز تفكيره العميق بالمال الذي سيقبضه ثمنا لابنته.. وهكذا حتى حصل على هدفه من المال.. وأوقع بابنته في نار الجحيم.. وفي تلك الليلة الموحشة.. واللحظة المفجعة.. أمسك بابنته بوحش الذئاب.. ونسيهما وشأنهما، فانشغل بالمال.. وكانت الفتاة تحاول الفرار منه والهروب عن قربه ولو يؤديها إلى التهلكة لكن.. الحراسة مشتدة عليها في كل حركة.. وكل لحظة ومرت ثلاث ليال من ليلة الزفاف وهي لم تجد لها طريقا ينجيها من سجن التعذيب وتأسف الأب على فعله فأنصفوا أيها الجهلاء وأطلوا على الواقع الذي نعيشه اليوم، فطريق الأنين طال وفلذات الأكباد لم ترحم.
|