«يُقال شرُّ المصائب الجهل»...
ربَّما تكون حكمة جاءت في زمن الحكمة حين كان ذهن الإنسان يقظاً، وقدرته على اقتناص المعاني من أرصفة الحياة وهي تتناثر كما تتناثر معاني «الجاحظ» على قارعة الطَّريق!!...
وقوارع الطُّرق على الرَّغم من كثرتها، وتعدُّديتها، واختلاف أطوالها وعرضها، وتنوُّع مواقعها... وانتشارها على مسافات من مساحات الأرض في كلِّ موطئ قدم للإنسان، إلاَّ أنَّ الإنسان لم يعد قادراً على اقتناص الحِكَم، فتراكمت كثباناً تعيق حركة السَّير في دروب الإنسان، على أرصفته، حتى إنَّها تعرَّضت إلى التَّناثر وتخلَّلت حركة قدميه وهو يمشي، ولأنَّ إنسان هذا العصر لم يعد يمشي إلاَّ رياضةً، أو ترفاً، فقد اختلف أيضاً معنى المشي عنده، وضاعت حكمته؟!!
وتعطَّلت لغة الأقدام...!!
ولأنَّ ما قاله حكماء الزَّمان الذي ذهب وذهبت معه عقولهم وقدراتهم فإنَّ هذا الإنسان المعاصر ينسى أنَّ شرَّ المصائب هي الجهل...
ولو أنَّه أدرك أنَّ الجهل شرٌّ، وأنَّه أكبر المصائب... لحمل على نفسه، ولشمَّر عن ساعديه، ولطرق أبواب كلِّ جيرانه وأصحاب الحي الذي يسكن فيه، ثمَّ التمَّ بمن يتاخمونه الأحياء المجاورة.. ولنزلوا إلى الأرصفة يمهِّدونها من كثبان «الحِكمَ» التي تراكمت..
ولألتقط من الحِكمَ ما يمنحه ثقة التَّأكد من خلوصه من الجهل...
ولكن ماذا بالإمكان خيرُ ممَّا كان وممَّا هو كائن وممَّا سيكون وشرُّ المصائب لا يزال قائماًَ؟...
|