ما يحدث في العراق هو سطو مسلح بدأت تطفو رائحته في المنطقة لمدد طويلة لكنه أخذ شكله النهائي الآن، وتحديداً بعد أن ظهر الخلاف بين قوات التحالف على إعادة بناء ميناء أم قصر، فعلى حين ترى بريطانيا أن الشعب العراقي أولى بهذا، ترى الجماعة العسكرية في الولايات المتحدة بأن الولايات المتحدة لها الحق بكل المشاريع التي تهدف إلى إعمار العراق، وهي بطريقها لتسليم اعادة بناء ميناء أم قصر لشركة أمريكية يختفي «ديك تشيني» خلف كواليسها، وطبعاً بشيك مفتوح دون مناقصة أو خلافه، هم يرفضون ادخال حتى الشركات الأمريكية الأخرى في هذا؟؟؟؟
بالطبع هذا هو السطو المسلح بأبشع صوره، ولعل قطع الرئيس العراقي علاقة الدينار العراقي بالدولار وربطه باليورو الأوروبي كانت أحد الأسباب الواضحة بتأجيج الحرب وإشعال اوارها.
طبعاً العالم اليوم يصل إلى منحدرات متدنية من قانون الغاب الذي ينقض فيه القوي على الضعيف دون أدنى قيد أو شرط والذي تعد فيه روما الطاغية الباغية تحتل الشعوب وتستعبدهم.
وكأن التاريخ يستعيد ايستلاد عيوبه وأوبئته ويغفل جهود البشرية جميعها باتجاه السلام والحب والأمان، ليس هناك سوى امبراطورية عظمى مدججة بأحلام التفوق والعظمة.
ولكن يبدو أن الرحلة غير سهلة ولا تتوازى مع توقعاتهم، وعندما سئل «نابليون» من منعك من احتلال روسيا وأنت على أبوابها قال: «الجنرال ثلج، فالطبيعة القاسية لروسيا كانت تكوّن حولها طوقاً حامياً ضد الغزاة.
ويبدو أن الجنرالات الذين يبزغون فجأة يشاركون بصورة كبيرة في مسيرة الحرب، ففي الحرب الدائرة الآن في العراق، شارك الجنرال «غبار» في المعركة، وسرعان مايليه الجنرال «حر» الذي سيهم بصورة حاسمة في سلخ الجنود المدججين، وأهم من هذا الجنرال «الرأي العام العالمي بما فيه الأمريكي» الذي يرفض الحروب بشدة ويرى في بوش وزمرته عصابة باغية.
الجميع يعلم بأن ميزان القوى غير عادل، وأن الامبراطورية العظمى تمتلك أقصى ما وصلت إليه البشرية من آلة الدمار والتوحش، ولكن على الأقل لا بأس من أن يكون هناك مقاومة تجعلهم يفكرون مئات المرات قبل أن يلتهموا الشعوب كلقمة رخيصة وسائغة.
|