جندت الحكومة البريطانية في الأسبوع الماضي صحافة ميردوخ لشن هجوم على شخصي يعادل الهجوم بقنبلة عنقودية يركز في جوهره على انني خائن لا أصلح للجلوس تحت قبة البرلمان!
في واقع الأمر، لقد أخذ توني بلير حزب العمال إلى حدود خارجية بعيدة عن الديموقراطية الاجتماعية حيث منطقة الشفق التي تبدو فيها حالة من الاظلام تسمح فقط بإلقاء نظرة خاطفة على محور بوش وبلير وبيرلسكوني وأزنار وشارون.
في صحيفة «صن» وصفني كاتب العمود بها «ريتشارد ليتلجون» بانني شخص «مغفل يسهل خداعه» في الأسبوع الماضي مع استمراره في شن الهجوم على المسلمين في كل مرة يشرع فيها إلى استخدام جهاز الكومبيوتر الشخصي الخاص به .
يبدو ان السيد بلير يريد تحقيق حرية التعبير في بغداد وليس في البرلمان البريطاني، انه يريد استخدام أنظمته الخاصة بالسيطرة على النظام - أعضاء البرلمان المعينين المكلفين بتحقيق الانضباط واللجنة التنقيذية الوطنية العاجزة عن العمل ومؤتمر الحزب «الذي أصبح يشبه على نحو كبير حفل زفاف جماعي لشاوسيسكو» من أجل ضمان الاستماع إلى المعارضة «المرخص بها» البعيدة عن الأضواء.
إننى أعترف ان بعض كلماتي اتسمت بالقسوة والخشونة الأمر الذي يرجع إلى أننى أعبر عن آراء الملايين الذين لا يزالون يشعرون بالغضب الشديد إزاء قيام الحكومة بجرنا إلى حرب مدمرة على أسس كاذبة وملفقة دون أخذ الأمم المتحدة في الاعتبار وفي ظل معارضة عالمية جارفة.
إننى أتحدث بالإنابة عن الكثيرين من أعضاء الجالية الاسلامية البريطانية الذين يشعرون بالعجز وعدم وجود صوت يدافع عما يتعرض له المسلمون من مذابح في فلسطين وأفغانستان والآن في العراق .
لقد ألقت كتائب الصحفيين والمعلقين بالموضوعية في مهب الريح ودبجوا المقالات الخاصة بحشد المجهود الحربي ورددوا - كالببغاوات - الدعاية لذلك وقد سخر الكتاب البرلمانيون صراحة من عمليات الاستجواب ذات النبرة العدائية للحكومة في مجلس العموم ووصفوها بانها «مهام انتحاري» من جانب أعضاء البرلمان الذين من حقهم بل من واجبهم حقا الحيلولة دون تحول برلماننا إلى برلمان مبتذل يعطي الموا فقة الروتينية مثل برلمان بغداد أو أي برلمان آخر.
إن التهديد بتطبيق الانضباط على شخصي يهدف أساساً إلى تكميم أفواه الآخرين وتعريضهم للاتهام بعدم التسامح وتمزيق كل القيم التي يزعم «التحالف» انه يحارب من أجلها.
كما ان الشعور بكيفية شن هذه الحرب غير المشروعة في العالم أمر غائب حالياً تقريباً عن خطاب الرأي العام.
لقد خرج بوش وبلير من إطار «الغرب» إلى إطار «المجتمع الدولي» المعروف ببساطة باسم العالم. ان ارتكاب هذه الجريمة الاستعمارية وهذا الخطأ الفادح يعرض أمان مواطنينا في الداخل والخارج والتجارة والمصالح الأخرى للدولة وأمن العالم الذي سوف نتركه لأبنائنا يعرضهم لدرجة عالية من الخطورة .
إن الافصاح عن ذلك عند مهبط طائرات بلير يصبح معه المرء - كما قالت صحيفة صن عن شخصي خائن .. وعدو للدولة» ان الخونة الحقيقيين هم من تخلوا بطريقة خرقاء عن قلب أرضنا الاوروبية والأصدقاء الطبيعيين لحزب العمال مثل جيرهارد شرودر ونلسون مانديلا وجيمي كارتر وأخضعوا مصالحنا لعصابة يمينية متطرفة في قوة أجنبية هي الولايات المتحدة بقيادة جورج بوش .
إن حكم التاريخ على حزب العمال سوف يكون أكثر قسوة من حكم جماهيره عليه ولا أريد لأحد ان يخرجني من سياسات العمال في الوقت الذي أظن فيه اننى- بعد خمسة وثلاثين عاماً وبعد الخدمة في كل المستويات - أحب حزب العمال أكثر من حب بلير له ويحدوني الأمل ان يتجنب بلير مطاردة المنشقين ولكني في مثل هذه الحالة فانني وأصدقائي مشغولون في بناء دائرة مركزية جديدة في جلاسجو داخل حصن منيع من قيم العمال الحقيقية ربما يحاصره السيد بلير وحلفاءه وجيشه من الكتاب اليمينيين المأجورين من أصحاب النزوات الغريبة ولكنهم لن يستطيعوا اختراقه .
(*) عضو حزب العمال البريطاني عن دائرة جلاسجو «الجارديان» البريطانية
|