عبدالله بن إبراهيم بن سليمان الجلهم - أبو أديب
ولد عام 1350هـ 1931م - عنيزة - ليسانس كلية اللغة العربية + دبلوم في ميدان التنمية الاجتماعية
آخر عمل / وكيل وزارة العمل المساعد للشؤون الاجتماعية
أبرز المواقف والقرارات التي عاصرها أو شارك فيها بنفسه:
أولا: المشاركة في القضايا الاجتماعية والمحلية
1- شاركت في افتتاح مدرسة ليلية خيرية لمكافحة الأمية لدى الكبار في مدينة عنيزة وذلك في اوائل السبعينيات من القرن الماضي بالتعاون المثمر مع بعض المدرسين الشباب - آنذاك - وفي مقدمتهم الاستاذ «عبد الله العلي النعيم» وتعتبر هذه المدرسة اول مدرسة لمكافحة الامية للكبار في المملكة.. وقد تخرَّج منها عدد كبير من الاهالي ساهموا بخدمة انفسهم ومجتمعهم الكبير..
2- وقمت بالمشاركة الفاعلة مع نخبة مخلصة من المواطنين في عنيزة بتأسيس صندوق خيري للبر في عام 1372هـ يقوم على دعم ومساندة المحسنين والموسرين من داخل البلدة وخارجها وذلك لإعانة واغاثة الفقراء والمحتاجين والمتضررين.. وقد قدم خدمات ومعونات انسانية جليلة لكثير من المحتاجين والمعوزين خلال قيامه بمهمته ويعد هذا الصندوق الخيري من اوائل صناديق وجمعيات البر في المملكة - بعد صندوق البر القائم - آنذاك بمكة المكرمة.
3- وقمت بالمشاركة الفعلية والميدانية في تأسيس النادي الثقافي بعنيزة ومكتبته العامة مع إخوة كرام آثروا خدمة وطنهم ومواطنيهم على أنفسهم.. وكان لهذا النادي أثر كبير في المجتمع عامة وفي أوساط الشباب خاصة وذلك بتدريبهم وتأهيلهم على القراءة والكتابة والخطابة والبحث وتأصيل الخدمة العامة فيهم.. وقد تطلبت الموافقة الطارئة عليه من القائمين فيه والعاملين عليه كثيرا من الجهود والمعاناة والتحمل والعمل الجماعي الدائب.
4- وأذكر - والشيء بالشيء يذكر ويكحل للمادة السابقة - بأن ادارة النادي الثقافي والمكتبة قد طلبت من معالي الوزير الأول - آنذاك - الشيخ «عبد الله السليمان» إقامة مبنى حديث للمكتبة تتوفر فيه المتطلبات اللازمة للكتب والرواد والمراجعين والعاملين فيها فقام - رحمه الله - بإقامة المبنى المطلوب على الأرض التي قد توفرت له.. وحين تم المبنى طلب منه - رحمه الله - ان يقوم بافتتاحه فحضر بنفسه رغم مشاغله وكبر سنه وكان حضوره فرصة سانحة للتشاور معه فأضفى على الحاضرين من خبرته واطلاعاته فوائد تتطلبها الحياة على أرض هذه الجزيرة المباركة وأن الطريق إلى هذه الحياة الناعمة المرجوة تتطلب من الجيل الحاضر الجد في التحصيل العلمي والاخلاص العملي ورعاية المصالح العامة التي لا تهاون فيها ولاغنى عنها لأي مجتمع.
5- ومن المواقف المستعجلة ما قتل وسلخ: وذلك بما يحفظه شريط الذاكرة - على ضعفه - من موقف أفرزته أرحام المواقف الاخرى التي مر بها قطار العمر السريع. فذات يوم من أيام العمل بوزارة العمل وخلال العمل بالتفتيش - كُلِّفت من قبل الوزير بمهمة عاجلة في مدينة الجبلين «حائل» وأحسب أن التاريخ لها في الرابع والثمانين بعد الثلاثمائة والألف وكان توقيتها في مربعانية الشتاء وموسم الأمطار فذهبت - من فوري - إلى مطار الرياض علّي أجد مكانا بالطائرة اليها فقيل لي إنها متوقفة بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية - هنالك - فما كان لي من بد إلا أن أقطع الطريق الوعر اليها بالسيارة - مناصفة - إلى القصيم ثم إلى حائل.. وهكذا تمت خطة السفر في الصباح الباكر إلى بريدة والوصول اليها عصرا ثم البحث عن مركبة أخرى إلى حائل وكان حظا سعيدا ان أجدها توشك على الإقلاع فانطلقت معها - ضمن غيري - وسار الركب داخل المركبة - قبيل الغروب - وظلت تسير قليلا وتتوقف كثيرا بسبب الأمطار والأطيان وظل الركاب يحملون كلَّها ويساعدونها - بالدف والتدفيف - وإزالة الأطيان عن أقدامها الكريمة - طول ليلها الأليل - إلى أن بانت سعاد من خدرها «وتعرى الجبلان من ثوب الغلس» وذلك قبيل طلوع الفجر وكانت الأمطار والثلوج تكسو الشوارع والبرد القارس يخيم عليها والظلام الدامس يجللها..!!
حرّك السائق لسانه قائلاً لي: إلى أين؟ قلت لا أدري.. قال بلغتُ المدى قلت أنزلني في أي مكان تشاء.. أنزلني عند إحدى البوابات المجهولة والبرد يهز ما تبقى من جسمي وعظمي والأمطار والثلوج تتساقط من حولي.. وجلست «القرفصاء» عند ذلك الباب المجهول انتظر إطلالة الصبح بلسان يرتعد بالبسملة والحوقلة.
ولكن «عند الصباح يحمد القوم السُّرى» فقد حمدت الصباح عندما انبلج فأخذت أعصر ملابسي وأحذيتي وأستشف قدوم أي قادم لأستعين به إلى المكان المطلوب.. وطال بي الشوق لأنطلق من الفوَّهة فإذا بثغر البوابة المجهولة التي التصق بها يبتسم عن ثغر معروف.. إنه أحد الزملاء الذي سبقني في مهمة اخرى وينتظر قدومي ليشاركني في المهمة المستعجلة.. شكرت الله على هذه المفاجأة السعيدة.. و«تسمَّر» زميلي في مكانه من الدهشة وكان لا بد لي أن أقفز من الفرح إلى داخل المسكن لأجد فيه إفطاراً شهياً وناراً تتأجج فعادت الروح إلى مستقرها وانتهت المهمة من فورها وعاد صاحبها إلى مقر عمله بالرياض بالنتيجة الحاسمة ولكن على ظهر مركبة «داكوتية» هذه المرة تمخر الفضاء الواسع بأجنحتها لا يمسكها إلا الله جلَّ من قادر وقاهر..!
موجز السيرة الذاتية
الدراسة الأولية: كغيري من الأطفال، التحقت في الدراسة الأولية - وأنا في الخامسة من العمر - بالكتاتيب الأهلية المتوفرة آنذاك في عنيزة وذلك لدراسة القرآن الكريم وبعض المواد الضرورية كالقراءة والإملاء والخط والحساب وكان ذلك عام 1355هـ، وعندما افتتحت أول مدرسة حكومية في عنيزة عام 1356هـ التحقت فيها بالصف الثالث الابتدائي مباشرة وذلك عام 1357هـ بعد إجراء الاختبار اللازم لي من لدن ادارة المدرسة وذلك لتحديد المستوى التعليمي الذي حصلت عليه من قبل في المدرسة الأهلية التي كان يرعاها المربي الأستاذ «عبدالعزيز الدامغ»، وقد واصلت الدراسة في المدرسة الحكومية - مدةعامين دراسيين - وبعدها سافرت مع عائلتي «والدتي وأخواتي» إلى مكة المكرمة حيث كان والدي - رحمه الله - يعمل في مكة في تجارة «السجاجيد» «الزَّل» والمشالح وملحقاتها.. وهنالك أكملت الدراسة الابتدائية.. وبعدها التحقت في الدراسة بالحلقات العلمية بالمسجد الحرام حيث كان يدرِّس فيها كل من فضيلة الشيخ «محمد عبدالرزاق حمزة» وفضيلة العلاَّمة الشيخ «محمد بن عبدالعزيز المانع» وذلك في بعض العلوم الشرعية والعلوم العربية - بين العشاءين وبعد صلاة الفجر -.
الالتحاق بالعمل والوظيفة
في أوائل عام 1366هـ عدت - مع عائلتي - من مكة المكرمة إلى عنيزة، ثم سافرت - بعدها بزمن قصير - إلى المنطقة الشرقية «أو ما كانت تسمى آنذاك منطقة الظهران» وذلك للالتحاق بالعمل والدراسة في شركة «أرامكو» وكانت في ذلك الوقت تستقطب بعض الشباب للتدريب والعمل فيها ولكنني لم أمكث فيها سوى بضعة أشهر - لأسباب صحية - وعدت إلى عنيزة حيث الأهل والدار.. وهناك أنشأت أول مكتبة قرطاسية وصحفية بما تيسَّر من نقود، وكنت - خلالها - أراسل جريدة «البلاد السعودية» التي تصدر بمكة المكرمة وجريدة «المدينة» التي تصدر بالمدينة المنورة بأخبار المنطقة، كما كنت أكاتب جريدة «أخبار الظهران» ومجلة «الإشعاع» اللتين كانتا تصدران بالمنطقة الشرقية.. وفي ذلك الوقت البهيج كنت أحضر دروس العلاَّمة الشيخ عبدالرحمن السعدي بمكتبة الجامع الكبير، ودروس الشيخ «القاضي «عبدالله بن عقيل» في مسجد «أم خمار» بعد صلاة المغرب.
الالتحاق بالوظيفة الحكومية
استمر عملي ونشاطي بالمكتبة التجارية إلى شهر رمضان المبارك عام 1367هـ، وفي خلاله رغب إليَّ أستاذنا الكبير المربي «صالح بن ناصر بن صالح» مدير المدرسة الحكومية - آنذاك - أن أعمل مدرسا بالمدرسة الثانية التي تعتزم مديرية المعارف العامة افتتاحها في مطلع عام 1368هـ، وبعد استخارة واستشارة وافقت على ذلك العرض فطلب مني - رحمه الله - ان أباشر العمل في المدرسة الحكومية الأولى التي كان يديرها وكانت قائمة - آنذاك - فباشرت العمل فيها بعد إجازة عيد الفطر لعام 1367هـ وذلك بصفة ملازم للتجربة والصلاحية، حيث كان النظام الحكومي - في ذلك الوقت - يقضي بأن يعمل الموظف المرشح - مدة تطول أو تقصر - بدون مرتب إلى أن تظهر كفاءته ثم يتعين - بصفة رسمية -.
أبرز تلاميذ المترجم له
من أبرز التلاميذ الذين أذكرهم وأشكرهم مَنْ يلي:
1- الأستاذ صالح الأحمد الذكير مدير عام التأمينات الاجتماعية بالمنطقة الشرقية.
2- الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عبدالكريم المفلح أستاذ الجهاز الهضمي بكلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض.
3- الأستاذ الدكتور علي بن عبدالله الدفّاع الأستاذ بجامعة البترول بالمنطقة الشرقية.
4- الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الغذّامي الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
5- الدكتور عبدالعزيز بن علي الزامل طبيب الأطفال المعروف - رحمه الله -.
6- الدكتور إبراهيم بن عبدالله الزامل الأستاذ بجامعة البترول بالمنطقة الشرقية.
7- الأستاذ النحوي صالح بن سليمان العبيكي أستاذ النحو بجامعة الإمام - فرع القصيم -.
8- المهندس عبدالرحمن بن سليمان الروق مسؤول فني في جسر الملك فهد بين المملكة والبحرين.
9- اللواء مهندس عبدالله بن عبدالكريم المرزوقي بوزارة الدفاع والطيران.
10- اللواء صالح بن محمد الدبيان مدير مركز المعلومات بوزارة الداخلية.
11- الجيولوجي الأستاذ عبدالله بن عيد المساعد وكيل وزارة الزراعة لشؤون المياه.
12- الأستاذ الدكتور منصور بن ناصر العوهلي أستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
13- الأستاذ حمد بن عبدالله الزامل رجل الأعمال المعروف بالمنطقة الشرقية.
14- الأستاذ أحمد الصالح الشاعر العربي المعروف «مسافر»..
وغيرهم كثيرون تمتلئ بهم هذه الصفحات أعانهم الله وسدَّد خطاهم ورحم مَنْ قضى نحبه منهم!
موقف وفاء لا يُنسى
في العقد الخامس من العمر أصبت بألم باطني شديد التمست علاجه عند ذوي الاختصاص وفي كثير من المؤسسات الصحية ومن كثير من الأطباء «الزائرين» الذين تُلمِّع أسماءهم بعض وسائل الإعلام عندنا ولكنني لم أحصل على نتيجة صحية مرضية.. وذات صباح، وقد ازداد الألم ذهبت إلى أقرب مشفى لمسكني «بالملز»، وكان ذلك مشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالملز.. دخلت المشفى ويدي على بطني ونقدتُ للموظف المختص الرسم المطلوب - آنذاك - وأحالني على العيادات الباطنية.. وبينما كنت أبحث عنها إذا بيد قوية تشدني ووجه باسم جديد لم أبيّن كل قسماته يعانقني ويصافحني، وقلت - في نفسي - أهذا وقت عناق واشتياق..؟ لكنني تبينته - بعد ذلك - شابا قوي البنية طويل اللحية، بسام المحيَّا، يرتدي كساء من أكسية الطب المعهودة قال - لي بأدب - أتعرفني؟ قلت لا أعرفك ولكن لا أنكرك ففي مشاعري إحساس دفين يشدني إليك.. قال لي «إنه إحساس صادق فأنا تلميذك» «إبراهيم المفلح» أتذكرني؟ قلت أذكرك - منذ ربع قرن أو يزيد - فتى صغيراً هزيل الجسم شديد الذكاء، ملتزما بالأدب والحياء، مفرطا في احترام الدرس والمدرِّس والنظام، ولا يضيرك أن كنت من أسرة فقيرة وبيت متواضع لله ولخلق الله..
سألني: ما الذي أتى بك إلى هذا المكان الموحش لبعض الناس؟ قلت التمس العلاج، قال وفي أي موضع؟ قلت في بيت الداء، قال - أكرمه الله - أنا لها فهي مجال تخصصي ومهنتي.. ساقني من فوره إلى عيادته وقبل البدء بالمعاينة قلت له ذكِّرني بإيجاز حول رحلتك الدراسية؛ قال: أكملت المراحل الدراسية العامة بامتياز ثم ابتعثت إلى دولة «الألمان» وهناك درست الطب وتخصصت فيه ومضيت في دراساته العليا وبحثه واستقصائه إلى نهاية المطاف «الدكتوراه» في الطب الباطني والجهاز الهضمي ثم عدت إلى الوطن الكريم لأقدم جهدي وعلمي وفاء بحقه؛ قلت: حيَّاك الله وأكثر أمثالك.. وعاد بجهازه وعلمه يفتش عن مرضي حتى وجده بوسيلة المعاينة التي لا تخطئ «المنظار» فقرر - نحوه - ما يلزم من علاج ميسّر، ومن حمية مستساغة ومستطاعة أوهنت المرض وأزالته - بحمد الله وشكره - وعادت الصحة الباطنية كما كانت من قبل سليمة معافاة بفضل من الله ثم بفضل من اليد الحانية الماهرة للتلميذ النجيب الذي لم ألقه منذ ذلك الحين..!
|