على مدى اليومين الماضيين تناقلت الصحافة المحلية نبأ رعاية وافتتاح سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز للمؤتمر الدولي الأول حول الاسلام وأمن الإنسان والذي سيعقد في مدينة الرياض في الأول من شهر شعبان المقبل ووفقاً لمحاور المؤتمر التي تناقش أبعاد ومفاهيم الأمن وعلاقة الإسلام بالأمن وتبنيه لأمن الإنسان الدائم، فإن ذلك التناغم بين الاسلام والرؤى الاخلاقية السامية يؤكد ان لا عداوة له ولا أعداء وإنما العداء مستحكم داخل الانسان بمختلف عرقياته وشعوبه، وإن التنافس والاطماع التي تورث التناحر تتكون عندها الأشياء بغير ألوانها وتصبح على حافة الهاوية مهما بلغت من المثالية.
المؤتمر الدولي حول الاسلام وأمن الانسان الذي يفتتحه سمو ولي العهد تدشين لمشروع عالمي قديم المعرفة وجديد العرض تتضح من خلاله أطروحة المملكة بأن الإسلام ليس دين مجابهة وإنما دين مصالحة، وإن الجهاد في الاسلام يعني بذل القوة بأقصى درجاتها لهداية الناس عبر ولي الأمر وليس اعلان القتال الفردي أو الانتحار.
وما دمنا نحن المسلمون نؤكد على ذلك فهذا دليل على ثقتنا بالله وانه لا يهدي عباده الى نشر الظلم وإلغاء الفضيلة، وإذا كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم: يقول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فذلك تجسيد لمحتوى الاسلام لرسالة أخلاقية سامية في الأساس وليست ضدا للأديان والعقائد ولم تكن حربا على مبدأ أخلاقي رفيع ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ابنة حاتم الطائي: «خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق».
إن المؤتمر الدولي الأول حول الاسلام وأمن الانسان رسالة موجهة الى العالم عبر صوت ووجود سمو ولي العهد وهو يفتتح أعمال المؤتمر إذ يحاضر فيه نخبة من الأساتذة والسياسيين والقادة الكثير منهم لا يدين بالاسلام لكنه يعترف بفضله وسماحته وقداسته.
كثيرون من قساوسة المسيحيين في أوروبا بل وفي أمريكا هاجموا الإسلام ونالوا من القرآن الكريم وفسروه حسب أهواء عدوانية، ومع ذلك فإن فقهاء الاسلام يدعون لهم بالهداية والصلاح لأن هناك مسيحيين منصفين تحدثوا وكتبوا عن الاسلام بكل تجرد وحيادية، بل إن البعض منهم قد أسلم وحسن إسلامه. إن مؤتمر الاسلام وأمن الإنسان رسالة دولية يرسلها سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى شعوب العالم الذين عرفوا عن الاسلام وتعرفوا عبر تاريخ الامم على سماحة هذا الدين بعيداً عن الحقد والأنانية. إن أول محاور المؤتمر هو مفهوم الآمن بين الاسلام والقوانين الدولية ويناقش الامن والسلام بين الرسالات الإلهية والقوانين المعاصرة، وقواعد الامن والسلام في علاقات المسلمين الدولية والموقف من الحروب والارهاب والعدوان بين الاسلام والقوانين الدولية. أما المحور الثاني أمن الإنسان في المجتمعات الانسانية فيناقش حقوق الانسان في الاسلام وأمن المجتمعات وأمن غير المسلمين في البلدان الاسلامية، أما المحور الثالث الإسلام رسالة أمن وسلام فيناقش الاسلام والسلام العالمي، وأمن الانسان بين جهود المنظمات الاسلامية والدولية و الاعلام وتعزيز الامن والتعايش السلمي.
رابطة العالم الاسلامي هي الجهة المشرفة على المؤتمر وقد أبرز معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في تصريحات صحفية العزم الأكيد على اقامة المؤتمر موضحاً معاليه ان هناك أساتذة وباحثين مسلمين وغير مسلمين سوف يتحدثون في المؤتمر. إذاً فنحن على مدى الأيام الثلاثة الأولى من شهر شعبان 1424هـ الموافق 27 سبتمبر 2003م سنشهد في مدينة الرياض تظاهرة دولية تؤكد رسوخ الأمن الإنساني في الاسلام، وإن الإسلام بريء من الارهاب مهما كانت وسائله وأسبابه وغاياته.
|