* قراءة وتحليل عبدالرحمن بن ناصر:
فنان العرب حين يغني فإنه يقتحم القلوب «عنوة» ويرغمنا على التصفيق طويلاً.. محمد عبده طرق جميع الأبواب الغنائية فانفتحت له على مصراعيها مرحبة ومهللة.
فنان العرب اقتحم عالمنا ففرحنا به ونفرح به وبابداعه كل حين.
في شريطيه الأخيرين رسم الحيرة على وجوهنا ومسامعنا أيها نختار فكان الاختيار صعباً.
وفي أغنية «ياجر قلبي» اكتمل العقد الفريد كلمة ولحناً وأداء وتنفيذاً فكانت لنا هذه القراءة.
(ياجر قلبي)
كلمات: تراث.
الحان: تراث.
الايقاع: حاذوري.
غناء: محمد عبده.
التوزيع: تخت شرقي.
المقام: سيكا.
ادليب.. صوت الربابة من آلة الاورج يبدأ من الحرف (ري.. ري.. دو..سي.. لا.. سي.. ري.. اس.. دو..سي..دو.. صول.. سي.. دو.. دو.. سي.. لا.. صول) بعد الاستعداد من بقية الآلات الموسيقية يأخذ الارتكاز من حرف (سي).. ودخول الفنان محمد عبده في أداء الموال بثقة متناهية..
ياجر قلبي جر الأدنى الغصوني..
وغصون سدرا جرها السيل جرا
وكورال يثير آلة القانون لتتفاعل مع النغم ومرجع لأداء الموال مع الموضوع لآلة العود كآلة أساسية ورسمية في مثل تلك الحالة الغنائية..
وأهله من أول بالورق يورقوني.. على غديرا تحته الماي جرا
وكورال مرجع لنفس المذهب ونفس الحروف السابق ذكرها..
ومطرب..
على الذي مشيه تخطى بهوني..
وعصير من بين الفريقين مرا
وكورال مرجع لنفس المذهب (ياجر قلبي جر الأدنى)..
لا والله ألي بالهوى هو جروني..
هجرا بها الحيلات عيت تسرا
الزم في كل كوبليه من هذه الأغنية التراثية أتت ب (صول.. ري..صول)
وهذا شكل طبيعي لمثل هذه الحالة الغنائية سواء كان دور المطرب أو دور المجاميع الغنائية (الكورال).
ويعود دور الكورال ليجدد نشاطه ويقدم مرجع المذهب.. وصولو طبيعي لآلة الربابة التراثية وتلاعب وتكرار للدم من آلة الهاجري (إحدى آلات الايقاع).. واستمرار للصولو يمهد لدخول آلات السحب الكمنجات ومشاركة فعلية من الصقاع (وصفقة) من الحضور..
الصولو وآلات السحب أتت من الحروف السابقة من (ري.. إلى.. صول) كجمله وتسليمة طبيعية للمطرب ليؤدي الكوبليه القادم.
لا مبعد عنهم ولا قربوني..
ولا عايفا منهم ولاني نوره
ويعود الكورال لأداء المذهب بشكل طبيعي مع مشاركة المصقاع بعد الدم (تك.. تك) .
وأكثر عذاب القلب يوم اسمحوني..
بيح بصبري لو بغيته تدرا
في هذه الجملة (بيح) أصبح التفاعل على أشده حين صورها بصوته تصويرا دقيقا وبأسلوب فني لايكرر إلا مع محمد عبده.. وكورال مرجع مصاحب باللزم السابقة.. ومطرب..
لا ضاق صدري قمت أباري اطعوني..
كني غريب بالديوهه مضره
وكورال لنفس المذهب ومصقاع ولزم كالمعتاد..
والمطرب يعاود الكرة في هذا الكوبليه..
وقلبي عليه أشفق وتبكي أعيوني..
والحال من ودا الحبيب تبرا
ومرجع كورال.. وصولو ربابة ولعبة في (ري.. ري.. دو.. سي.. دو.. سي) من نفس الآلة مع تفاعل المصقاع وآلات السحب الكمنجات من الجواب تعيد نفس المذهب السابق ووضوح من البيزات وكذلك (الصفقة) وتسليمة للمطرب..
ياعزتالي من تفرق شطوني..
يعزا لي ارمي بالسلب واتعرا
بين ياعزتالي ومن.. وضح دور البيزات بعد الدمات وكورال.. ثم أداء المطرب..
ان مت في خد بعيد انقلوني..
على هدي زمل مشيه تدرا
وكورال في بدايته وضوح شديد للباصات يؤدي المذهب (مرجع) ويسلم للمطرب..
ان مت في دافي حشاه ادفنوني..
في مستكن الروح ماهوب طرا
ومرجع للكورال وبيزات ومطرب يؤدي الكوبليه..
بين النهود وقد روس القروني..
عن الهبايب مستكن مذرا
وصولو ربابة ومزيكا بحروف المذهب من آلات السحب ومشاركة من الصفقات ومطرب..
ياليتهم بالحب ماولعوني..
كان ابعدوا عني بخير وشرا
وكورال ثم مطرب..
والا انهم يوم انهم قربوني..
خلوني اقضي حاجتي وآتدرا
وتلاعب خطير مع سنكوب جميل في (وآتدرا).. وكورال كما المعتاد وكوبليه للمطرب..
اوليتهم فالدرب ماواجهوني..
وياليتهم مازادو الحر حرا
هنا في الجملة الأخيرة (حرا) زيادة بصوت البيزات من جراء التفاعل وكورال وصولو مرجع لآلة الربابة وجملة من آلات السحب الكمنجات وتسليمة للمطرب..
وياليتهم عن حاجتي سآئلوني..
يوم اني أقعد عندهم وآتحرا
وكورال مرجع للمذهب ومطرب..
الخد برق في علو المزوني..
تقول براقا من الصيف سرا
وكورال يعيد المذهب ومطرب لأداء..
وقفت عنده شابحات عيوني..
كني غرير بالمهاوي بضرا
وكورال مرجع للمذهب ومطرب مرجع لآخر كوبليه ثم كورال
فالمطرب مرجع للمذهب فكورال مع مشاركة المطرب للمجموعة (وغصون سدرا جرها السيل جرا) بهدوا واس تنتهي به هذه الأغنية الفلكلورية (التراثية).
الملاحظة:
هذه الأعمال التراثية تعتمد اعتمادا كليا على الزمن وعلى الفطرة للفنان المؤدي لها مع العلم انها تعتمد على المجاميع بشكل مؤثر ورهيب.. وهذه الحالة هي إحدى الحالات الكثيرة والوفيرة في بلدنا الكبير والغني بهذا التراث.. ولأن الفنان محمد عبده يعرف هذه النوعية جيدا من خلال ممارسته وخبرته الكبيرة لهذه الأعمال فقد قدم لنا إبداعاته الذاتية مع الاحتفاظ بالنهج الموزون لهذا العمل.. كما قدم لنا عملا امتزجت فيه الروح والهنك القديم التراثي والابداع الجماعي برغم ما شابه من علو صوت البيزات وكذلك الباصات في جزئيات هذه الأغنية.. محمد عبده لم يغلُ في التلاعب أو السناكيب إلا في حالات بسيطة ولكنها مؤثرة لمن يحاول سماع محمد عبده (كيف واين ومتى) يعرب.
|