* بغداد - د. حميد عبد الله:
الانفلات الأمني والاجتماعي والأخلاقي الذي شهده العراق إثر سقوط صدام ونظامه صارت له صيحات، وبدأ الشارع العراقي ينجب في كل يوم ظاهرة جديدة، فماكينة (الفلتان) لم تتوقف عن الدوران وكأن ثمة أيدياً تديرها بمهارة، أو عقولاً تغذيها (ببراءات اختراع) لتنتج أحدث مبتكرات الفوضى. لقد تحول كل ممنوع في قاموس النظام السابق الى عمل مباح حتى تلك التي تتنافى مع أخلاقيات المجتمع وتقاليده.
في منطقة علاوي الحلة ببغداد وقف شاب في مقتبل العمر، وهو يحمل بين يديه أشرطة ملونة من الحبوب المخدرة أو حبوب الهلوسة، وبدأ يروج لبضاعته مؤكداً أن (اللون الوردي) هو أفضل أنواع الحبوب، وعندما اقتربت منه وسألته عن فائدة هذه الحبوب أجابني بصوت متهدج بسبب تأثير الحبوب: تجعلك ملكاً.
أما في سوق مريدي وهو أشهر الأسواق الشعبية في بغداد فهناك أنواع من البضاعة لا يجمعها قاسم مشترك سوى أنها كانت على رأس قائمة الممنوعات.. فهذا شاب أفترش الأرض ببضاعته، وما تلك البضاعة سوى مجموعة من الرمانات اليدوية، والقاذفات، والى جانبها أشرطة من حبوب الهلوسة والحشيشة وعندما سألته من أين تأتي بهذه الكمية الكبيرة من الحبوب أجابني وهو يكاد يغمى عليه من شدة تأثير الحبوب التي تناولها: من بيت أبوك!.
كان هذا الشاب سيواجه عقوبة الإعدام في النظام السابق بمجرد حيازته لمادة (الحشيشة)، وكان سيغيب في أقبية دائرة (الأمن الاقتصادي) بمجرد ضبطه متلبساً بحيازة شريط من الحبوب المخدرة.. أما الآن فإن المجاهرة ببيع هذه الممنوعات صارت هواية!.
بغداد التي كانت أجهزة ألامن فيها تحسب على المواطن أنفاسه، وتراقب خطواته تحولت الى مدينة يحكمها قانون الفوضى، وتديرها العصابات حتى صار مشهد خطف الفتيات من بين أيدي آبائهن وأُمهاتهن أمراً مألوفاً، وغدت ملاحقة أصحاب السيارات الحديثة وقتلهم وسرقة سياراتهم أمراً لا يثير استغراب أحد.
وأطرف ما في بغداد اليوم تلك الأسواق التي بدأت تتناسل بشكل عجيب وتتخذ من الشوارع العامة مكاناً لها، وهي تبيع الأسلحة وحبوب الهلوسة، وأقراصاً عن فضائح عدي وقائمة بأسماء المسؤولين السابقين المطلوبين للعدالة، وعبوات من البنزين وربما شيء من اليورانيوم المنضب الذي تركه المفتشون في منطقة التويثة فامتدت لها يد النهابين!!.
|