الانتقاد الذي وجهه البيت الأبيض لحكومة ارييل شارون بعد المحاولة الإرهابية التي قامت بها مروحيات الجيش الإسرائيلي لاغتيال السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، قد يكون الأول الذي يصدر من البيت الابيض لهذه الحكومة التي يرأسها من أسبغ عليه الرئيس جورج بوش ب«رجل سلام».
ولكن هذا الانتقاد الذي تردد ايضاً في بوينس ايرس حيث يتواجد وزير الخارجية الامريكي كولن باول الذي يزور الارجنتين وقت العملية الإرهابية الاسرائيلية..
نقول هذا الانتقاد، يُعد انتقاداً خجولاً ولا يرتقي الى فداحة العمل الإرهابي الإسرائيلي سواء في أبعاده العملياتية أو من ناحية التوقيت، او الهدف المقصود القضاء عليه.
وتوافقاً لكل هذه الأبعاد الثلاثة يُعد العمل الإرهابي الإسرائيلي الأخير موجهاً الى السياسة الامريكية، وإلى الرئيس جورج بوش بالذات، فالتوقيت والشخص المستهدف، وأسلوب التنفيذ جميعها تهدف الى اغتيال مبادرة الرئيس الامريكي المسماة ب«خارطة الطريق» التي رمى كل ثقله السياسي ومكانة بلاده الدولية لإنجاحها، حيث أسرع وسيلة لإفشال هذه المبادرة هو إشعال العنف، وإطلاق العنان للعمليات الإرهابية، وهو ما سوف يحصل في الايام القادمة مالم يتم احتواء الإفرازات السلبية للعملية الإرهابية الاسرائيلية، وهذا الاحتواء سيكون صعباً.. وصعباً جداً خاصة في ظل المجاملة الامريكية للإسرائيليين المتطرفين الذين يقودهم شارون في حكومته، فالمتحدثون الامريكيون لا يستعملون الكلمات الحازمة والرافضة للإرهاب مثلما يستعملوها ضد الفلسطينيين، وهذا يجعل الاسرائيليين يتصورون بأن الامريكيين يغضون النظر عن أعمالهم الإرهابية خاصة عندما يصفها الامريكيون بأنها «استخدام غير متناسب للقوة»..!!
وعلى الأمريكيين والرئيس بوش بالذات إن أراد لمبادرته ان تنجح ان يواجه الاسرائيليين بنفس الحدة التي يواجه بها المنظمات الفلسطينية التي يطالب بوش بمحاصرتها وقطع المساعدات عنها، في حين تضم حكومة شارون شخصيات تدعو وتحث على الإرهاب وقتل الساسة والمدنيين الفلسطينيين ومنهم وزير «العدل».. الوزير الذي يُفترض أن يدافع عن العدل.. ويمنع القتل وزهق الأرواح لا أن يدعو لقتل المدنيين الأبرياء واغتيال القيادات السياسية..
فإذا كان هذا الوزير الذي يتولى مسؤولية القضاء يحرض على الارهاب فما بالك بباقي اعضاء الحكومة التي يرأسها شخص اسمه شارون.. ولهذا فإنَّ مهمة الرئيس بوش والأمريكيين ستكون صعبة.. وصعبة جداً في التعامل مع الإرهابيين وكبح جماح نزواتهم العدوانية.
|