التغيير من أجل التطوير.. أو التغيير لمواجهة التحديات المحلية والعالمية.. أو التغيير لمواكبة المتغيرات العالمية والانسجام معها.. أصبح حقيقة لا مجال ولا مكان للهروب منها.. التغيير ذلك ما اتفق عليه الجميع.. القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع كله.
فالحكومة في خطة التنمية السابعة تؤكد على تغييرات عدة يجب إحداثها مثل:
* زيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمضي قدما في تنفيذ سياسة التخصيص.
* تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها وإحلالها محل العمالة غير السعودية.
* تهيئة الاقتصاد الوطني للتعامل بمرونة وكفاءة مع المتغيرات والتطورات الاقتصادية والمستجدات الدولية بتطوير التنظيم الإداري والمالي وإعادة النظر في الأنظمة القائمة.
* تبسيط الإجراءات وتذليل العقبات لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
القطاع الخاص يشد على يد الحكومة ويساندها لتحقيق هذه الاهداف السامية ويطالب بسرعة تنفيذها ويتلهف على ذلك.. والمجتمع يساند القطاعين العام والخاص للمضي قدما في احداث هذه التغييرات.. من أجل التطور ومواكبة المتغيرات ومواجهة التحديات التي أصبحت تؤرق الكثيرين.. وتشكل لهم صورة ضبابية للمستقبل.
ورغم هذه التوجهات التي تحظى بالإجماع.. إلا أن ما يحدث على أرض الواقع للأسف يتأرجح بين ثلاث حالات.. تقدم بطيء.. أو أستمرارية على الحال نفسه.. أو تراجع إلى الوراء!!.. وبسبب كل تلك الحالات لم تتحقق أهداف التغيير المستهدفة أو المأمولة.. حتى أصبح همنا ألا تغرق السفينة.. فالطفو على السطح صار غايتنا.. فما هو السبب وما هي الحلول؟
إن الناظر إلى مجالات التغيير يجد أنها تتركز أساسا في التغييرات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وإذا علمنا أن المجال الإداري هو المحور المحرك للمجالات الأخرى.. فإن تطوير الفكر الإداري هو المفتاح المناسب لإحداث التغييرات الإيجابية فواقع الاقتصاد مرتبط بقوة الإرادة.. ولا عجب أن تركز جميع دراسات الجدوى الاقتصادية على أهمية الجانب الإداري.. فكم من دولة أو شركة أو مشروع توافرت له كل فرص النجاح إلا أنه فشل بسبب سوء الإدارة.. وكم من إدارة حققت نجاحات هائلة رغم شح الموارد والإمكانات.. وكم من شركة ارتفعت أسهمها بانتساب مدير متميز لفريق إدارتها.. والأمثلة والنماذج الوطنية والدولية لا حصر لها.
وفي المملكة كما في أغلب الدول النامية تختتم المؤتمرات والندوات واللقاءات الإدارية بتوصيات تدعو للتطوير الإداري.. كتبسيط الإجراءات.. وتأهيل الموارد البشرية.. وتطوير نظم المعلومات.. لكنها لا تنفذ!!.. وإن نفذت فهي دون المأمول.. لأسباب عدة أهمها عدم إيجاد وسائل فعالة لتحقيقها.. ومن أهم هذه الوسائل المدير.
إن الأهداف الشاملة لا يمكن تحقيقها دون تفاعل الاطراف المستفيدة من تحقيقها.. كما أن الجفاء الملحوظ بين المديرين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص وقطاع النفع العام عائق كبير يجب معالجته.. فالعلاقة غير المرضية بين المديرين في هذه القطاعات يجب أن تتحول إلى وئام وترابط وتعاضد فعال.. فالاستراتيجيات والخطط التنموية كافة، تدعو إلى الانسجام إلى حد التطابق بين دور الحكومة وقطاع الاعمال وقطاع النفع العام.. ودور الفرد الذي يعتبر هدف وغاية ووسيلة التنمية المستدامة.
إن مشروع تطوير الفكر الإداري السعودي يجب أن يسعى لايجاد مديرين وطنيين قادرين على تحقيق التغييرات المستهدفة.. من خلال خطة عملية واقعية قابلة للتطبيق والتحقيق بوسائل فعالة.. خاصة وأن الخطة السابعة تشير إلى ضرورة أن تدار أجهزة الخدمات العامة في الدولة وفق معايير اقتصادية كمنهج أساس.. وهذا سوف يسهل الإنسجام بين مدراء القطاعات.. حيث تتماثل الأهداف في تخفيض التكاليف ورفع الجودة وتحقيق الربحية.. أو تحقيق نقطة تعادل المصاريف والإيرادات في أسوأ الأحوال.. حتى تتم الاستمرارية في تقديم الخدمات أو المنتجات.
|