«في رثاء الشيخ محمد الصانع.. رحمه الله»
لقد كنت صديقا عزيزا خدوما لاصدقائك تمشي في حياتك متطلعا الى الأفضل في كل أعمالك.. لم تكن طبيبا.. ولكنك أسست اول مستشفى خاص في ام القرى، وكنت حريصا على ان يكون افضل مستشفى في البلاد فقد بذلت في سبيل ذلك جهودا مضنية، بدأته بمستوصف في المعابدة، قبل 53 عاما وتحول الى مستشفى في العزيزية.
فاجأك المرض بشلل نصفي ولكن ذلك لم يحد من عزيمتك .. وكنت وأنت على تلك الحال مديرا لمستشفاك تعمل ليلا ونهارا وتشرف على كل صغيرة وكبيرة فيه، وبذلك قدمت خدمة جليلة لبلد الله الحرام، ولحجاجه، وللقادمين من اطراف مكة، في وقت لم يكن فيه اي مستشفى خاص يقدم هذه الخدمات.
فقد كنت مثالا للصبر والجلد والكفاح.. رجلا يتعدى السبعين من عمره وهو مشلول نصفيا.. يقوم لسنوات طويلة بهذه الأعباء.. ولعل الله اراد ان يضاعف لك الثواب ويجزل لك الاجر.. فابتليت ببتر ساقك اليسرى وذلك بسبب مرض الشلل، وبعدها بثلاثة ايام استأنفت عملك بكل همة ونشاط وكأن شيئا لم يحدث.
بهذا الكفاح العظيم والهمة العالية والارادة الحديدية واجهت الحياة وضربت بذلك مثلا رائعا لابنائك وابناء جيلك والاجيال التي بعدك.
وقد كنت رائعا باحسانك تحمل القلب الرحيم في معالجة المرضى والعطف على فقيرهم والتسامح مع معسرهم..
وكنت يدا تمتد بالعلاج.. ويدا رحيمة بالمساعدة والمسامحة والعون، جعل الله ذلك في موازين حسناتك.
وعلى الرغم من انك كنت تعيش ردحا من الزمن بنصف جسم وساق واحدة، الا انك كنت تتفقد اصدقائك ومحبيك وتزاورهم وانت على كرسيك النقال.
ان القلب ليحزن، والعين لتدمع، ونحن نواريك التراب، ونودع جزءا رائعا من حياتنا وذكرياتنا.. جزءا ذهب ولن يعود، استغفر الله لك واسأله سبحانه وتعالى ان يرعاك برحمته وعنايته، وان يوفق ابناءك من بعدك بالمهمة التي كنت تقوم بها، وان يوفق بينهم ويصلحهم ويجعلهم خير خلف لخير سلف.
{انا لله وانا اليه راجعون}