إن من نعم الله على هذه البلاد المباركة أن جعل تأسيسها على أيدي رجال مخلصين وقادة ناصحين. فحازت المملكة قصب السبق في تطبيق الشريعة حتى صارت رائدة الأمم فحققت المثل والمثالية في تحكيم الشريعة الإسلامية القائمة على مبدأ العدل المنطلق من الكتاب والسنة والنزاهة والمساواة واعطاء الحق لمستحقه وتطهير المجتمعات من الفساد، فكانت دولتنا فريدة في تحقيق الأمن والرخاء في ظل الرعاية الملكية والدعم اللامحدود من حكومتنا الرشيدة.
ولن ننسى اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك من عام 1344هـ عندما اصدر الملك عبدالعزيز رحمه الله أول تنظيم لعمل المحاكم مشتملاً على (15 مادة) وفي يوم الجمعة 21/6/1346هـ أعلن الملك عبدالعزيز المزيد من التشكيلات للمحاكم ووظائفها وإنشاء عدد من المحاكم وفي عام 1346هـ ايضاً أصدر إنشاء وتنظيم كتابات العدل وفي عام 1381هـ انشئت محكمة التمييز. وتواصل العطاء بفضل الله ثم التخطيط السليم والدراسة الواعية والعمل الدؤوب فتم انشاء رئاسة القضاء برئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية وفي عام 1382هـ اعتمد الملك فيصل رحمه الله وزارة العدل فخطت خطوات موفقة الى ان اصبح في المملكة اكثر من مائتي محكمة يعمل بها سبعمائة قاض، وكذلك عدد كبير من كتابات العدل. واستفادت من معطيات العصر وسخرتها لخدمة القضاء أهم وظائف الأمة.
والحديث يطول في هذا المقام، الذي أحب أن أدونه هو القضاء في الخرج حيث تم افتتاح أول محكمة في مدينة الدلم عام 1362هـ حيث عين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله (مفتي عام المملكة سابقا) لمدة 15 سنة تقريبا منذ عام 1357هـ وافتتحت المحكمة في عهده، وبمرور الوقت ومع النقلة الحضارية التي تشهدها الخرج في ظل العهد الزاهر تم افتتاح محكمة في السيح ومحكمة في نعجان وافتتحت كتابة عدل في السيح وكتابة عدل في الدلم. ومع ما تشهده الخرج من توسع عمراني ومساحة كبيرة جعل الأمر يتطلب إلى تطوير تلك الادارات الشرعية ولقد سبق الكتابة بعدد الجزيرة 10844 في 26/3/1423هـ وكذلك العدد 10851 في 2/4/1423هـ وايضا العدد 10983 في 18/8/1423هـ وجميعها تطالب بانشاء مجمع الدوائر الشرعية بالدلم الذي طال أمده رغم وجود الأرض المملوكة لوزارة العدل واذا كان ثمة معضلة في صغر الارض فلماذا لا تقوم الوزارة ببيع الأرض وشراء أرض مناسبة أو اقامة مقر للمحكمة ويشترى مقر آخر لكتابة العدل؟
فالوضع الحالي يتطلب سرعة النظر كما ان تلك المطالبات تناشد بزيادة عدد القضاة وكتَّاب العدل والموظفين. كما ان الوضع في نعجان لم يبت فيه بعد قفل المحكمة وتحويلها إلى كتابة عدل ولماذا لا تقوم وزارة العدل بتعيين كاتب عدل في نعجان بدلاً من التكليف الذي نسمع عنه ولم يتم حتى الآن؟
ان مدينة الدلم بها اكثر من 60 ألف نسمة وعشرات المخططات السكنية والقرى والهجر مما يتطلب معالجة الوضع القائم. والحال كذلك في بلدة الهياثم الذي لا يوجد بها محكمة ولا كتابة عدل رغم الحاجة الملحة. ثم الأمر ينطبق على مدينة السيح عاصمة الخرج فهي بحاجة الى زيادة الكوادر من قضاة وكُتاب عدل وموظفين فسكانها 520 الف نسمة وبها 77 مخططا ومساحتها 62 الف كم 2 فنجد كتابة العدل تعاني من الزحام وضغط العمل المتواصل رغم الجهود المبذولة مما يحتم الأمر افتتاح كتابة عدل ثانية أسوة ببقية المدن حيث تختص الأولى بالمبايعات والثانية بالوكالات ونحوها.
إننا نضع مطالبنا على طاولة معالي وزير العدل الذي يسعى جاهداً لتحقيق المصلحة العامة.
|