بالأمس التقينا مجموعة من الأحباب مودعين رجلا عرف بالكرم والطيبة والخلق والدين.
فاجأني أحد الأحبة باتصاله الهاتفي إذ قال لي إن جاركم الشيخ عبدالرحمن بن ابراهيم التركي قد رحل إلى مثواه الأخير.. فكانت المفاجأة مع إيماني بقدر الله سبحانه وتعالى.. رحيل الشيخ أبو إبراهيم عزاء لأبناء حي القادسية بالمجمعة ولأسرتي (الركبان والتركي) معاً، لانه رحمه الله كان يعاملنا معاملة الأبناء.
دمث الخلق.. سلس اللسان.. وله صبر لا تقوى عليه الجبال.. أذكر عندما كنا في الحي صغارا في السن كان رحمه الله ينهرنا بلطف عندما يجدنا على الأرصفة ونشعل الحي بالصراخ والمزاح.. ينهرنا لأداء الصلاة وخوفا علينا من حوداث السير رحمه الله أبوّة والدنا أبو ابراهيم آنذاك كانت تحمل لنا عدة معان فأوجدت فينا لحمه أسرية بيننا وبين أبنائه.. قد يكبرني أبناؤه الكبار إبراهيم فسامي فعبدالله.. وكنت ملازماً لابنه فهد.. ويصغرنا ابنه الشيخ عماد.. الوالد أبو إبراهيم عودنا على اللطف.. عودنا على التلاحم والتراحم.
في طفولتنا نشعر معها بأبوية وكنا نهابه دائماً لأنه يزجرنا زجر الآباء.. حرصا منه رحمه الله على أن نكون خلوقين ومتميزين.. وقد تحقق له ذلك رحمه الله، واليوم يعاملنا معاملة الكبار فتحولت تلك الأبوة الصارمة إلى أخوة أصدق.. لأنه وكما يقول رحمه الله أنكم أصبحتم اساتذة كباراً.. تواضعا منه يرحمه الله هذا الرجل العظيم يحرص على التآخي وعلى التراحم.. فهو سباق في أيام الأعياد.. وخاصة عيد الفطر المبارك.. يحرص على جمع الجيران امام منزله كباراً وصغاراً.. ويبادر بإتيان الإفطار صباح العيد.. ويفتح بابه لكل متعيد ليلة العيد يشعر الحي بحماسه وحرصه.. يأتي بالفرش وأروقة الخيام وكان يربطها ويقيمها بنفسه دون وسيط.. وفي عيد الفطر المبارك المنصرم وجدته رحمه الله ليلة العيد بنفسه يفرش الأرض ويعد اروقه الخيام.. قلت سأساعدك.. إلا أنه أبى وأقسم أن لا تتسخ ثيابي من الغبار رحمه الله وقال هذه ليلة عيد وأنا أسعد من في الحي لأني سألتقي بإخواني وأبنائي.
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بذكر محاسن موتانا فإنني لا أنسى صنيعه رحمه الله في افطار كل يوم من أيام رمضان المبارك حيث يحرص على افطار الصائمين في المسجد المقابل.. هكذا كان الشيخ التركي يرحمه الله .
هذا الرجل رغم كبر سنه إلا أنه استطاع وزوجته أم ابراهيم صديقة الوالدة يحفظها الله.
استطاع أن ينجب أبناء صالحين متعلمين ومثقفين منهم رجل الأعمال والشيخ والمهندس والعسكري والطبيب.. وجميعهم متميزون أبناء وبنات وانعكس ذلك التفوق على شخصية الشيخ رحمه الله .
تقول لي والدتي التي اتصلت بأم إبراهيم حفظها الله بدأت أم إبراهيم تتذكر زوجها ونحن في اليوم الرابع لكن والدتي اوصت لها بالصبر والتحمل والتعوذ دائماً من هموم اللمز والسرحان.. وتركز على الدعاء له.. حيث أن هذه الأم عرفت بأخلاصها للشيخ أبو ابراهيم وتدينها.. ورقة مشاعرها.. وحنان الأمومة الصادقة.. هذه الأم الصابرة لها وفاء كبير مع زوجها وأبنائها.. استطاعت هذه الأم أن توفق بين رضا الزوج ورضا الأمومة مع من ترعى شؤونهم.
رسالتي إليها بالصبر.. والاحتساب بالاجر والمثوبة وعلى فراق زوجها.. ووصيتي لأبنائه إبراهيم وسامي وعبدالله وفهد وعماد أن يحملوا نفس توجه أبيهم رحمه الله في الأعياد ولقاء الأحبة.. رسالتي إلى أحفاده وبناته أن يتحملوا فراق أبيهم.. اسأله تعالى أن يرفع درجته في الجنة وأن يلهم أهله وذويه الصبر.. لا أنسى صداقة الشيخ بأبي عبدالعزيز والعزاء لوالدي أن يفتقد جاره وصديقه وعزيزه.
{انا لله وانا اليه راجعون}.
|