تعتبر ولادة طفل مصاب بأحد العيوب الخلقية خصوصا في منطقة الوجه حدثاً مأساوياً لأي أسرة، حيث تتبدل فرحة الأسرة لحزن عميق وتصاب بالصدمة بعد طول انتظار وتبدأ رحلة العذاب بحثاً عن حل للمشكلة الوليدة.
ونظراً لشيوع الإصابة بأي من العيوب الخلقية والتي تصيب أي عضو من أعضاء الجسم، فسوف نلقي الضوء على أحد أهم هذه العيوب وأكثرها شيوعاً وهو ما يسمى بالشفة الأرنبية.
نسبة حدوث الشفة الأرنبية
لوحظ أن هناك اختلافات عرقية واضحة في نسبة حدوث الشفة الأرنبية وكذلك شق سقف الحلق والذي عادة ما يصاحب الشفة الأرنبية في الكثير من الحالات.
أثبتت الدراسات الإحصائية أن نسبة الإصابة في الشعوب الاسكندنافية تبلغ 1:750 مولود، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 1:760 في البيض بينما تنخفض في الزنوج لتصل إلى 1:2500 مولود، وفي الجنس القوقازي «شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط» 1:1000 بينما ترتفع هذه النسبة إلى الضعف في الشعوب الآسيوية لتبلغ 1:500 مولود حي.
أسباب حدوث الشفة الأرنبية
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الشفة الأرنبية ولكن ثبت أن للعامل الوراثي دوراً حيوياً، حيث وجد أن هناك من 33 36% من الأطفال المصابين يوجد قريب من الدرجة الأولى أو الثانية يعاني من نفس المشكلة. كذلك هناك بعض الأدوية التي في حال تناولها أثناء الفترة الأولى للحمل قد تؤدي إلى ظهور هذه المشكلة مثل عقار Acutone وكذلك Phenytoin وكذلك في حال تعاطي الكحوليات أو التدخين أو حدث بعض الالتهابات الليوسية أثناء الحمل.
كيفية الإصابة
الشفة الأرنبية تحدث في الجهة اليسرى أكثر من اليمنى وتصيب الأولاد أكثر من البنات على عكس شق سقف الحلق والذي يصيب البنات أكثر من الأولاد. وهي تتراوح من شق بسيط غير كامل إلى شق كامل بالشفة بجهة واحدة وقد تكون ثنائية بمعنى أنها تصيب الجهة اليمنى واليسرى للشفة العليا وتكون مصحوبة بتشوه شديد بالأنف وكذلك بعظام الفك العلوي والوجه.
المشاكل الصحية التي قد يواجهها الطفل المصاب
يواجه الطفل المصاب العديد من المشاكل الصحية فبصرف النظر عن العيب في الشكل الخارجي، هناك الكثير من الخلل الوظيفي مثل:
يصعب على الطفل أن يتمكن من الرضاعة الطبيعية مما يؤدي إلى إعاقة النمو.
تكرار الالتهابات الرئوية خصوصا إذا كانت مصحوبة بشق في سقف الحلق.
تكرار التهابات الأذن الوسطى.
عدم القدرة على تعلم الكلام بطريقة صحيحة وسليمة.
عدم النمو الطبيعي للأسنان.
وكما نرى فإن الطفل يواجه هذه المشاكل منذ اليوم الأول لولادته لذلك فإننا ننصح بأن يبدأ العلاج منذ اللحظة الأولى للولادة وذلك بوضع برنامج متكامل لعلاج هؤلاء الأطفال لتقليل المشاكل الصحية والتأثيرات المستقبلية.
1- العلاج الوقائي: حيث إن الوقاية خير من العلاج لذلك نوصي بالتالي:
- عدم تعاطي الأدوية أثناء الفتر ة الأولى للحمل إلا تحت إشراف طبي تام وذلك لتجنب الأدوية التي قد تحدث عيوباً خلقية.
- عدم التدخين أو تعاطي الكحوليات.
- في حالة وجود فرد مصاب في الأسرة بحالة شبيهة أو في حالة تقدم الأبوين في السن، يوصي بالمتابعة الجيدة للحمل حيث من الممكن تحديد العيوب الخلقية خصوصا في الوجه باستخدام الأجهزة الحديثة للموجات فوق الصوتية مما يمكن من تقديم المشورة الصحية السليمة وتجنب الصدمة التي تحدث بعد الولادة والاستعداد للعلاج مباشرة بعد الولادة.
وإن كان هناك بعض المحاولات لإصلاح العيب الخلقي داخل الرحم إلا أن هذا لم يتم تعميمه حتى الآن.
2- العلاج الجراحي: يخضع الطفل لإشراف فريق طبي مكون من:
- جراح التجميل المتخصص.
- طبيب الأسنان.
- طبيب الأطفال.
حيث إنه لا ينصح بإجراء الجراحة إلا في الأسبوع العاشر من عمر الطفل فإنه أثناء هذه الفترة يجب إعطاء الطفل غذاءه بكميات مناسبة وبطريقة غذائية صحيحة وذلك تحت إشراف طبيب الأطفال.
ويقوم طبيب الأسنان المتخصص بعمل بعض الأجهزة التي بواسطتها نستطيع تقليل الفجوة بين طرفي الفك العلوي مما يسهل من الإجراء الجراحي بعد ذلك.
يوجد الآن تطور مذهل في مجال جراحات الشفة الأرنبية وشق سقف الحلق حيث نستطيع بالجراحة حل الكثير من المشاكل التي كان يصعب علاجها في الماضي وقد مر التطور الجراحي لإصلاح الشفة الأرنبية في عدة مراحل.
- في المرحلة الأولى كان التركيز فقط على إصلاح الشفة بدون مراعاة أي نواح جمالية Simple closure of the lip defet.
- ثم بدأ الاهتمام بشكل الجلد Refinement of skn repair.
- ثم التركيز على إصلاح العضلات Functional muscle repair.
- ثم امتد إلى إصلاح عظام الفك العلوي Restoration of the bony platform.
- ثم امتد ليشمل الأنف وذلك في المراحل المبكرة من عمر الطفل.
ويقدم التدخل الجراحي الآن بشمولية كل هذه الجوانب حلاً ناجحاً تماماً حيث يعيد الطفل إلى ما يقارب حالته الطبيعية وذلك بعملية جراحية لا تستغرق وقتاً طويلاً وتجرى تحت مخدر عام حيث يتم إصلاح الشفة والأسنان مع مراعاة إصلاح العضلات ولا يحتاج الطفل للإقامة بالمستشفى لفترة طويلة حيث يمكنه الخروج في اليوم التالي مباشرة ويتم رفع الغرز بعد العملية بثلاثة إلى خمسة أيام.
أ.د صلاح ناصر
استشاري ورئيس قسم جراحة التجميل
|