يتحكم في غذاء الفرد عدة عوامل منها مركز الإشباع ويوجد في المخ تحت السرير البصري ويتحكم فيه مواد كيماوية من أهمها مادة السيروتونين وهناك العديد من الأمراض النفسية المرتبطة بخلل في هذه المادة وبالتالي خلل في غذاء الفرد وشهيته وطريقة غذائه.
من هذه الأمراض.. مرض الاكتئاب ومن الأعراض الرئيسية في هذا المرض اضطراب في الشهية. في معظم الأحيان يكون هذا الاضطراب في صورة نقص أو فقدان تام للشهية وبالتالي فقدان نسبة من وزن المريض. ولكن في بعض الأحيان يكون الاضطراب في صورة زيادة الشهية مع نهم في الأكل. وبعلاج المرض بمضادات الاكتئاب وتعديل مادة السيررتونين يتحسن اضطراب الشهية وتعود للمعدل الطبيعي.
هناك أمراض نفسية غذائية منها فقدان الشهية العصبي Anorexia Nervosa والنهم العصبي Bulimia Nervosa وهذه الأمراض تنتشر في البنات أكثر من الأولاد وعادة في سن المراهقة والشباب. وترتبط هذه الأمراض أيضاً بمادة السيروتونين المشار إليها سابقاً.
وفي مرض Anorexia Nervosa تصاب الفتاة بخلل في الاستقبال لصورتها الجسدية فتعتبر نفسها بدينة وتعزف عن الأكل تلاشياً للسمنة وقد تلجأ لبعض الأدوية كالملينات ومدرات البول أو للترجيع لإنقاص الوزن.
وهذا المرض يؤدي إلى مضاعفات عضوية خطيرة وعادة يستلزم التنويم بالمستشفى والعلاج لفترة طويلة.
مرض Bulimia Nervosa يتميز بالأكل على فترات (نوبات) وفي كل مرة أكل كمية كبيرة من المواد الكربوهيدراتية بسرعة ونهم في وقت قصير ثم الشعور بالندم مع الترجيع للتخلص مما أُكل.
مرض السمنة يعد من الأمراض التي انتشرت خاصة في الآونة الأخيرة.من المعروف أن مرض السمنة يحدث نتيجة تخزين الدهون في الجسم إما لزيادة تناول الطعام أو قلة حرقه.. والسبب في انتشار السمنة في الآونة الأخيرة هو:
1- زيادة تناول المواد الكربوهيدراتية والمواد الدهنية نتيجة انتشار عادات حديثة في الأكل مثل (السندويتشات - التيك أواي - البيتزا - الشيكولاتة..).
2- قلة حرق هذه المواد نتيجة انتشار التكنولوجيا وميكنة كل شيء والسيارات فقلّ المشي والحركة والمجهود.
ومن ثم يأتي دور الوعي الغذائي لتنظيم سلوك الأفراد وعاداتهم الغذائية وكذلك أهمية ممارسة الرياضة لحرق المواد الغذائية الزائدة عن حاجة الجسم وعدم تخزينها في صورة دهون وبالتالي حدوث السمنة.
وأخطار السمنة عديدة على صحة الفرد البدنية والنفسية. فمن الناحية العضوية هناك ارتباط وثيق بين السمنة وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون في الدم وكذلك مرض السكري وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطانات مثل القولون والمرارة وعديد من الأمراض الخطيرة الأخرى.
ومن الناحية النفسية فإن الشخص البدين معرض أكثر للإصابة بمرض الاكتئاب وكذلك اضطراب المزاج ثنائي القطب.
يجب الاهتمام بالوعي الغذائي وخاصة للأطفال حيث إن عدد الخلايا الدهنية يزيد في الطفولة ولا يقل بعد ذلك. ولهذا فإن السمنة التي تحدث في الطفولة تحدث نتيجة زيادة عدد الخلايا الدهنية وحجمها بينما السمنة في الكبار تحدث نتيجة زيادة الحجم فقط. وإنقاص الوزن في الحالتين يتم بنقص الحجم فقط وليس العدد.
ينصح المصابون بالسمنة بزيارة مراكز علاج السمنة بأحد المستشفيات ويعمل بهذا المركز فريق من أطباء الغدد الصماء والأطباء النفسيين وخبراء التغذية وكذلك أطباء الجراحة وجراحة التجميل. حيث يتم تقييم الحالة واتباع النظام المناسب لكل حالة على حدة.
ويتكون العلاج من النظام الغذائي الذي يتناسب مع المريض من حيث وزنه وحجمه البدني وعمره وحالته الصحية و... معايير أخرى كثيرة ويمكن استخدام بعض العقاقير وقد نلجأ لبعض العمليات الجراحية مثل تدبيس المعدة أو الجراحات التجميلية كشفط الدهون.
القولون العصبي من الأمراض المنتشرة هذه الأيام وأعراضه هي الانتفاخ والغازات وآلام البطن وهو مرتبط بالحالة النفسية حيث تنتشر أعراضه مع مرضى القلق والاكتئاب وتستخدم الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب كثيراً في علاج هذا المرض.
هناك بعض النوعيات من الطعام ترتبط بالحالة المزاجية للشخص فالأطعمة الغنية ببعض الأحماض الأمينية مثل التربتوفان تساعد على زيادة مادة السيروتونين وبالتالي ارتفاع المزاج مثل المواد الكربوهيدراتية والشيكولاتة ولكنها مع الأسف تؤدي للسمنة، من حيث الأكلات الثقيلة الغنية بالبروتينات كاللحوم.. تؤدي إلى عسر المزاج.
أ.د. عفاف عبدالسميع
استشاري ورئيس قسم الأمراض النفسية
|