ما ان يفتح أحدنا صندوق بريده حتى تنهال عليه «أظرف» تحوي كشف حسابات روتينية من البنوك، وفوتير كهرباء وهاتف ثابت وجوال، هذا عدا الرسائل الشخصية، والعامة من جمعيات خيرية تطلب المساعدة واوراق دعائية من محلات تجارية وشركات ومؤسسات ذات طابع استهلاكي تدعوك للانضمام لزبائنها، ومجلات شهرية واخرى اسبوعية فتعود لمنزلك وانت محمل بهذا الكم الهائل من الورق وتفاجأ باوراق دعائية قد أُدخلت من تحت باب منزلك من مطاعم قريبة وبعيدة عن بيتك تخطب ودك مهما كان بعدك! هذا فضلاً عن الصحف اليومية، وقد تطَّلع على تلك الكميات الهائلة من الورق او تصرف النظر عنها لاسيما الفواتير التي قد تكون سُدِّدت قبل وصولها للصندوق عن طريق الهاتف المصرفي او الانترنت، هذه الخدمة الرائعة التي قدمتها البنوك لعملائها حيث يمكنك تسديد جميع فواتيرك ما عدا فاتورة المياه خلال ثوان معدودة وبسهولة تامة دون الوقوف بطابور طويل للختم على الاوراق، ولعلها فرصة ان نهمس في آذان القائمين على الخدمات العامة كالهاتف والكهرباء والماء ان يمكّنوا المشتركين من الاطلاع على فواتيرهم شهرياً، والتسديد الفوري دون ارسال فواتير ورقية تكلف الشركات الاف الريالات «أجور بريد وأوراق وأحبار وخلافه» وذلك بارسالها عبر البريد الالكتروني، او الانترنت، وتسديدها عبر الهاتف المصرفي او استخدام رسائل الجوال لهذا الغرض، بحيث يمكن استثمار هذه التقنية الذكية بما يعود علينا بالنفع.وان المرء ليأسى حين يجد الشوارع مغطاة بكميات هائلة من الورق تشكل في مجملها نفايات، والامر ينسحب على المنازل ايضاً حيث حدثتني ربة بيت انها شرعت بجمع الاوراق والكتب المدرسية والجرائد بواقع جريدة واحدة يومياً فقط، وعدد افراد الاسرة خمسة اشخاص، اثنان منهم طلاب في المدرسة، وبعد جمع تلك الاوراق قامت بوزنها فوجدت الحصيلة «270» كغم من الورق في عام واحد!! ولكم ان تتصوروا كم أطنان من الورق تتخلص منها الاسر والمدارس والمصالح الحكومية من اوراقٍ مزخرفةٍ وملونةٍ وبعضها ورق مقوى وآخر مصقول، ثم تتحول الى نفايات، واسعار الورق حالياً ترتفع رويداً رويداً دون ان يشعر المستهلك بذلك، ولعلنا نتساءل عن سبب استخدام نصف الفائدة من الورق حيث لايكتب الا على وجه واحد فقط مع ان هناك امكانية الكتابة على الوجهين لاسيما في دفاتر الطلبة، والتعاميم الادارية مع وجود امكانية التصوير على وجهي الورقة بكل سهولة ووضوح!!ولعل دمج بعض الوزارات، وفصل بعضها قد أدَّى الى التخلص من كمياتٍ هائلة من الورق الذي لم يُستخدم بعد والاستعانة بأوراقٍ ذات دمغة جديدة تناسب مسمى الوزارة الجديدة، والتخلص من الورق قد طال اغلب الوزارات والادارات مما يُشكّل هدراً اقتصادياً بالغاً!!
ولقد اسعدنا حقاً قرار وزير التربية والتعليم بضرورة اعادة الكتب المدرسية للمدرسة بعد انتهاء الاختبارات، وحسم درجات على الطلبة غير الملتزمين بهذا القرار، ولو اننا نأمل من الوزير ان يكمل الجميل ويضيف «الدفاتر والمذكرات لطلاب وطالبات الكليات والمعاهد» وغيرها، كما نود من الوزير ذاته ان يستكمل قراره بالتأكيد على منع رمي مخلفات الورق في المدارس والمكاتب الادارية وجمعها لاعادة تصنيعها واستفادة الادارات والمدارس من مردودها بعد البيع، كما نأمل منه تضمين قراره بالدعوة للاقتصاد بالورق قدر الامكان، والاعتماد على الاجهزة الالكترونية، لاسيما ان الوزارة بدأت تستخدم البريد الالكتروني في مراسلاتها بدلاً من الاوراق، وتكاليف البريد.ولعلها تجربة رائدة للصحف حين تتم قراءتها عبر الانترنت بعيداً عن الورق، والحرج من امتهان اسم الله العظيم حين التخلص منها، بحيث تتصفح جريدتك المفضلة ويمكنك الاحتفاظ بالمقالات المفيدة والتحقيقات المهمة والرجوع اليها متى اردت!!!
تُرى: ألم يحن الوقت لنقول: مللنا الورق!!!
ص.ب 260564 الرياض 11342
|