* الرياض حازم الشرقاوي:
تعد قضية انهيار المباني في المملكة وخاصة الحديثة منها من القضايا الشائكة لأن ضحاياها كثيرون سواء كانت نهايتها الموت أو الإصابة أو الخسائر المالية الكبيرة، ويعيد المتخصصون أسباب انهيار المنشآت إلى عدم تطبيق المواصفات الفنية الخاصة بالمواد المستخدمة في عمليات البناء، أو استخدام عمال وفنيين من العمالة الرخيصة ممن ليس لديهم خبرة كافية عن إقامة المنشآت، أو حتى عن النسب و الكميات المستخدمة في عمليات التشييد، ويعيد فريق آخر من المتخصصين الأسباب إلى وجود عدد هائل من مقاولي الباطن الذين يقومون بتنفيذ معظم الأعمال في المملكة ويسعون إلى توفير أكبر قدر من الأموال «الجزيرة» تفتتح ملف المقاولين وانهيار المباني.
فيما رصدت ورقة عمل صادرة عن الغرفة التجارية الصناعية في جدة أهم التحديات التي تواجه قطاع المقاولات، وهي: عدم وضوح واستقرار التصاميم وتحديد مواصفات المواد التي ينبغي استخدامها في المشروع، التغيرات المفاجئة في الشروط التي لم تؤخذ عند تقديم العروض، اعتبار فترة التحضير للمشروع كجزء من المدة اللازمة لتنفيذ المشروع وبالتالي ابتداء العد التنازلي في هذا المجال من اللحظة التي يتم فيها تسليم الموقع، وعدم التطبيق الموضوعي للقواعد التي تحكم نظام المناقصات مثل: محدودية الفترة الزمنية المتاحة في إعداد المناقصات، وجود تناقض في الوثائق، التي تتضمنها تلك المناقصات وتأخر البت في تمديدها أو إعادة طرحها أو إلغائها ناهيك عن عدم وجود جداول كميات تفصيلية تمكن المقاولين المتنافسين من تقديم عروضهم وفق أسس وقواعد محددة وواضحة.
بينما كشف عدد من المهندسين المتخصصين في التشييد والبناء في المملكة عن الأسباب الحقيقية لانهيار بعض المنشآت وهي: عدم وجود متابعة دورية من قبل الجهات الإشرافية المختصة لمطابقة استخدام المواصفات المطلوبة للمواد المستخدمة في عملية التشييد والبناء، بالإضافة إلى متابعة وضع الكميات المحددة من المواد البنائية حسب الشروط المطلوبة، وكذلك لجوء بعض مقاولي الباطن إلى استخدام عمالة رخيصة غير مدربة وليس لديها خبرة عن عمليات التشييد والبناء، وقيام بعض المقاولين بعدم استخدام الكميات المحددة من المواد في عملية التشييد، بالإضافة إلى ظهور مجموعة من مقاولي الباطن من بعض الجنسيات ممن يسيطرون على هذا القطاع الحيوي والمهم.
أعداد المقاولين
أما بالنسبة لعدد المقاولين السعوديين المصنفين فأوضحت «ورقة عمل» في غرفة جدة أن عدد المقاولين ما زال محدوداً جداً بالمقارنة بالعدد الكبير لهؤلاء المقاولين الذين ما زالوا يعملون داخل السوق حيث إنه في الوقت الذي وصل فيه عدد السجلات التجارية للمقاولين حتى الربع الثالث في عام 1421هـ 108648 سجلاً تجارياً إلا أن عدد المقاولين السعوديين الذين تم تصنيفهم حتى نهاية عام 1419هـ/1420هـ لم يتجاوز 8417 مقاولاً مما يعني أن إجمالي عدد من تم تصنيفهم حتى هذا التاريخ من المقاولين السعوديين لا يمثلون أكثر من 7 ،7% من إجمالي عدد المقاولين فيما لم يتجاوز عدد المجالات التي صنف فيها هؤلاء المقاولون 22767 مجالاً أي ما يمثل 21% من إجمالي هذه السجلات التجارية الخاصة بالمقاولين السعوديين، وشكلت أعداد المقاولين المصنفين في الدرجة الخامسة النسبة الأكبر من إجمالي أعداد المقاولين السعوديين المصنفين وبنسبة 7 ،61% فيما شكلت أعداد المقاولين المصنفين في الدرجة الأولى النسبة الأقل وبنسبة 4 ،3% من الإجمالي، أما بالنسبة لأعداد المقاولين المصنفين في الدرجة الثانية والثالثة والرابعة فقد شكلت ما نسبته 7 ،5% و5 ،9% و7 ،19% بالنسبة لكل منها على التوالي.
إن وجود هذا العدد الكبير من المقاولين السعوديين الذي يصل إلى نحو 100 ألف مقاول خارج نطاق التصنيف الذي تضعه وكالة تصنيف المقاولين التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان لتأهيل المقاولين للمنافسة على المشاريع الحكومية حسب قدرات وامكانات وتخصص كل مقاول ويساهم في إضعاف المركز التنافسي لهؤلاء المقاولين غير المصنفين داخل السوق، وبالتالي يحرمهم من الاستفادة من فرص الأعمال الإنشائية المتاحة لهم فيه، وهذا فضلاً عن تقليص فرص الحصول على تمويل اللازم لتنفيذ مشروعاتهم من البنوك التجارية نظراً لعدم امتلاكهم ما يكفي من القدرات التي تعزز من جدارتهم الائتمانية التي من الممكن أن تتوافر لهؤلاء المقاولين فيما لو عمدوا إلى الدخول ضمن مجموعة المقاولين المصنفين.
إحصاءات
بينما يمثل نصيب قطاع المقاولات من الطاقة المستهلكة في المملكة 4 ،13%، كما يعد قطاع المقاولات من أكبر القطاعات توظيفاً للقوى العاملة حيث يبلغ عدد العمالة فيه عام 1999م حوالي 019 ،1 مليون عامل أي ما يمثل 2 ،14% من مجموع القوى العاملة بالمملكة ويتوقع أن يزداد هذا الرقم إلى 101 ،1 مليون عامل في عام 2004م أي ما يمثل 7 ،14% من مجموع القوى العاملة، وهذا الازدياد ناتج عن توقعات بنمو مطرد لهذا القطاع في سنوات الخطة السابعة الجديدة وبمعدل نمو سنوي متوقع يبلغ 17 ،6%.
فيما يستحوذ قطاع المقاولات على النسبة الأكبر من رأس المال الثابت المستثمر في المملكة حيث تبلغ حصته 70 بليون ريال من أصل ما مجموعه 97 بليون ريال كاستثمارات ثابتة بالمملكة عام 1998م أي ما يمثل نحو 72% من إجمالي التكوين الرأسمالي في البلاد «مؤسسة النقد العربي السعودي 1999م»، وتمثل الشركات والمؤسسات العاملة في قطاع المقاولات النسبة الأكبر في المنشآت العاملة والمسجلة في السجل التجاري على مستوى المملكة حيث يعمل في هذا النشاط 108648 منشأة أي ما يمثل نحو 40% من إجمالي المنشآت العاملة بالمملكة «وزارة التجارة 1421ه».
بينما يساهم قطاع المقاولات في قدر يعتد به من الناتج المحلي الإجمالي حيث زادت القيمة المضافة المتولدة عن هذا القطاع من نحو 34 بليون ريال في عام 1990م إلى نحو 74 بليون ريال في عام 1998م أي نسبة زيادة تقدر بنحو 40% مستحوذاً بذلك على ما نسبته 10% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
أما بالنسبة لحصة هذا القطاع في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي فتشير آخر الإحصائيات «التقرير الاقتصادي للمركز الاستشاري 1999م» إلى أنها بلغت ما نسبته 4 ،14% في عام 1998م، وهذا باستثناء ملكية المساكن المشمولة تحت قطاع الخدمات المالية وخدمات التأمين والخدمات العقارية وخدمات الأعمال التي تشكل بدورها نحو 5 ،2% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
أنواع أنشطة المقاولات
وحول طبيعة الأنشطة التي يتكون منها قطاع المقاولات بينت ورقة عمل غرفة جدة أن هذا القطاع يتكون من نشاطين أساسيين هما نشاط الإنشاء ونشاط الصيانة والتشغيل حيث يغطي نشاط الإنشاء، نحو ثلاثة أرباع قطاع المقاولات فيما يغطي نشاطه الصيانة والتشغيل نحو ربع هذا القطاع، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الإحصاءات الرسمية «وكالة تصنيف المقاولين 1420هـ» التي تشير إلى أن 72% من المقاولين المصنفين يعملون في مجالات الإنشاء المختلفة في مقابل 28% يعملون في مجال الصيانة والتشغيل، وقد حددت مجالات النشاط في هذا القطاع بثلاثة عشر مجالاً وهي:
المباني: وتشمل المباني العامة والسكنية والتجارية والتعليمية والترفيهية ومباني المطارات والمباني مسبقة الصنع.
الطرق: وتشمل الطرق الرئيسية والجسور والأنفاق والسكك الحديدية والمطارات.
أعمال المياه والصرف الصحي: وتشمل شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي وتصريف السيول ومحطات تنقية المياه ومحطات تنقية المجاري ومشاريع الري والصرف.
الأعمال الكهربائية: وتضم توليد الطاقة وشبكات نقل وتوزيع الطاقة وأعمال الإنارة وشبكات الاتصالات وتركيبات إلكترونية.
الأعمال الميكانيكية أعمال التكييف والتبريد ومحطات الضخ والتقنية.
الأعمال الصناعية: مثل إنشاء المصانع والتكرير وأعمال البتروكيميائية وتمديد أنابيب الزيت والغاز وتحلية المياه.
الأعمال البحرية: وتحتوي على الموانئ وأحواض السفن وأعمال التعميق والتمديدات والأنفاق تحت الماء والجسور المائية.
السدود: وتشمل السدود الترابية والسدود الخرسانية.
حفر الآبار: وتشمل آبارا سطحية وآبارا عميقة ثم تشجر الحدائق وتنظيم المواقع وإنشاء المسالخ.
الصيانة والتشغيل: وتشمل صيانة المباني والطرق وصيانة تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي وصيانة المنشآت الكهربائية والميكانيكية ونظافة المدن وصيانة المراكز الطبية وصيانة وتشغيل المسالخ والتشجير وصيانة الحدائق وصيانة وتشغيل الأعمال الصناعية وصيانة الأعمال البحرية
|