نشرت صحيفة الجزيرة خلال الأيام القليلة الماضية خبراً يتعلق باستضافة العاصمة المصرية مؤخراً لندوة تحت عنوان «هجرة الكفاءات والتنمية في دول الجنوب» وقد ركزت تلك الندوة نقاشاتها على الآثار التنموية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الآثار المترتبة على هجرة الباحثين والكفاءات العملية من عالمنا العربي والإسلامي واستقرار تلك الكفاءات في دول العالم الصناعي المتقدم بحثاً عن الإمكانات البحثية المتاحة التي توفرها تلك الدول التي يمكن للباحث من خلالها مواصلة اهتماماته العلمية والبحثية.
وأنا أقرأ هذا الخبر تبادر إلى ذهني تلك المعاناة والقصور في الإمكانات والتجهيزات البحثية التي واجهها العالم العربي المسلم أحمد زويل في مصر عندما كان في بداية مشواره البحثي مما دفع به إلى هجرة وطنه مصر ومغادرتها قبل ثلاثين عاماً للولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة مشواره العلمي والبحثي في مراكز البحث والجامعات الأمريكية.
لقد خسر عالمنا العربي والإسلامي هذا العالم وغيره الكثير من الباحثين المتميزين نتيجة لأننا استخسرنا ان نوفر لهم احتياجاتهم البحثية ولقد كسبت الولايات المتحدة هذا العالم وغيره من العلماء بسبب ان القائمين على البحث العلمي هناك يدركون أهمية الاستثمار في البحث العلمي ويدركون المكاسب طويلة المدى التي سيجنيها الاقتصاد الأمريكي من خلال الاستفادة من تلك الانجازات العلمية التي حققها أحمد زويل.
لكن أكثر شفافية ووضوحاً ولنعترف بتقصيرنا غير المحمود في دعم البحث العلمي في عالمنا العربي والإسلامي ويكفي ان نعرف بأن نسبة مايتم تخصيصه للبحث العلمي في موازنات الدول الإسلامية لايتجاوز 07 ،0%(سبعة في الألف) في حين يصل ما تخصصه الدول الصناعية لذلك ما بين 5 ،2-9 ،2% من موازناتها السنوية وقد نتج عن ذلك ان أصبح نسبة المتفرغين للبحث العلمي في عالمنا الإسلامي لايتجاوزون ما نسبته 18 ،1% من مجموع المتفرغين للبحث العلمي التقني في العالم كما نتج عن ذلك أيضا ان بلغ اعداد المتميزين في المجال العلمي والبحثي في الدول الإسلامية الذين هاجروا خلال العشرين عاماً الماضية إلى دول العالم الصناعي إلى خمسمائة عالم وباحث مسلم، أما على المستوى الخليجي فيكفي ان أشير إلى ان 5% فقط من طلبات اصدار براءات الاختراع المرفوعة لمكتب براءات الاختراع في دول مجلس التعاون الخليجي هم من مواطني دول المجلس في حين ان بقية طلبات اصدار براءات الاختراع الأخرى لـ950%) هي من أشخاص لاينتمون لأي من دولنا العربية والإسلامية بأي صلة.
وأمام تلك الحقائق المريرة فيما يخص قصورنا في دعم البحث العلمي الذي نتج عنه هجرة الكثير من العقول العربية والإسلامية يتبادر للذهن العديد من التساؤلات ومنها:
- إلى متى سنستمر نتحدث عن دعم البحث العلمي دون ان نرى وقائع ملموسة.
- وإلى متى سيستمر الدور السلبي للقطاع الخاص في دعم البحث العلمي ألا يدرك رجال القطاع الخاص ان دعم البحث العلمي هو استثمار طويل المدى سيعود بالنفع عليهم قبل غيرهم.
- ثم متى سنعيد النظر في بعض جوانب السياسة التعليمية المتبعة لدينا ومناهجها وأهدافها.
وإلى متى ستستمر أجهزة الإعلام في ايضاح الأهمية الاستراتيجية للوطن لدعم البحث العلمي.
تساؤلات وتساؤلات ولكن اعتقد بأننا سنظل نعاني كثيراً من شحنا في دعم البحث العلمي قبل ان نتمكن من الإجابة عن تلك التساؤلات.
|