انتهت هذا الأسبوع ندوة الغاز التي ضمت 41 شركة متخصصة في مجالات الغاز والطاقة كشفا وإنتاجاً وصناعة وكانت أجواء لندن الحارة مؤشراً رائعاً يوحي بأهمية الغاز وضرورة توفيره للأجيال القائمة والقادمة على حد سواء.
وإذا كانت الدراسات الأولية توصي بأن 12 بليون قدم مكعبة يومياً سوف تستهلكها المملكة في العقد القادم ففي بلد مثل بريطانيا تتضاعف هذه الكمية الى حدود غير قادرة على التوقف عند رقم معين.
ولم يعد التفاوض مع الشركات العالمية حول استكشاف مزيد من حقول الغاز بالمملكة خاضعا لإرادة تجارية محتكرة لأن السوق العالمية لها كلمتها التي لم تعد مجرد اماءة ضعيفة كما كانت في السابق، وإنما هي إرادة نوعية مدعمة بمقدرة السوق على خلق أجواء التنافس بين شركات توافرت فيها شروط الأهلية إيما كان ذلك الوجود وذلك الانتماء.لقد وجهت المملكة الدعوة الى خمسين شركة عالمية لها جانب من الخبرة في مجالات استكشاف الغاز إضافة الى الأهلية التقنية وفق مقاييس عالمية لقدرة الشركات، ووصل الى لندن مديرو شركات ورؤساء إذ وجدوا أنفسهم أمام فرصة تاريخية لم تكن في يوم ما متاحة لهذه الشركات.وقد وجد أعضاء كل وفد معلومات متكاملة تضمها حقيبة معلومات كانت في متناول أيدي المشاركين قبل البدء في مداولات الندوة.
ان قوانين استثمار رأس المال الاجنبي وقوانين تحويل الأموال وانتقال الملكية وقوانين الاعفاء الضريبي كانت في مقدمة الاطروحات التي تناولها الخبراء السعوديون في الحديث المباشر أمام حضور الندوة.. وقد تحدث معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي ليوضح للمشاركين تلك الفرص المتاحة للاستثمار في مجال الكشف والإنتاج. وفي هذا السياق أكد معالي الوزير ان هذه الفرص متاحة لجميع الشركات حتى لتلك الشركات الثماني التي حضرت الاجتماع الأول.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده معالي الوزير يوم الثلاثاء الماضي بعد جلسة الافتتاح في فندق فورسيزن أجاب معاليه على جميع الأسئلة المطروحة من الصحافة العالمية حتى تلك الأسئلة ذات اللون الضبابي، وظهرت وقائع المؤتمر لتشكل جزءاً اضافياً لنجاح أعمال الندوة بشكل عام.
أثناء استراحة الوفود بين جلسات الندوة دارت أحاديث مع عدد من أعضاء الوفود، هناك حضور صيني كبير لشركات ضخمة تملكها الحكومة الصينية وشركات أوروبية، وأخرى من اليابان وتايوان، ولم تتأخر شركات أمريكية عن الحضور لكي تبرهن على أن الفرص لم تكن محددة أو محدودة بل هي في متناول الجميع.
إن التقاء المصالح بين المملكة والشركات العالمية أساس يضمن النجاح، خاصة وأن التفاوض يتم بين شركات وحكومة كما يضمن جوا من التفاهم يؤكده الشعور بالمسؤولية والحرص على انتهاز الفرصة وسط مقدرة على العطاء من قبل الشركات بعيداً عن الانا التي ظلت مسيطرة على نواحي التقنية على مدى عقود متواصلة.
الغاز الطبيعي المصاحب للبترول، أو الغاز الجاف، أو ما يسمى الغاز الحر يمكن أن يلعب دوراً فاعلاً في الصناعة، فهو مادة القوة في محطات الكهرباء، وتحلية المياه وإدارة تقنية المصانع الضخمة والمصانع التحويلية والوسيطة، وتكلفته المنخفضة تجعله أكثر إغراءً من غيره من مكونات الطاقة، وفي وقت أقرب كانت المملكة تحتل المرتبة السادسة في العالم في إنتاج واحتياطي الغاز وتقدمت في العشر السنوات الأخيرة لتحتل المركز الرابع. والمملكة ليست في سباق مع الزمن في احتلال هذه المراكز المتقدمة فهي تعرض على العالم وضعا طبيعياً يؤهلها من مكانة منتظرة والغاز شأنه شأن النفط الذي احتلت المملكة فيه المركز الأول في الاحتياطي والإنتاج.إن المجال الآن متاح للشركات العالمية لزيارة المملكة والاطلاع عن كثب على تلك المناطق الثلاث المطروحة للمنافسة وتقع هذه المناطق شمالي مناطق الامتياز في الربع الخالي وجنوبي منطقة امتياز ارامكو السعودية، وهناك عدد من المناطق من وسط وشمال غرب المملكة سوف تتحول هي الأخرى إلى فرص تنافسية، وسوف تتواكب أعمال الإنتاج مع أعمال الكشف الجديدة وعندئذ سوف ترى المملكة نفسها في مكانة يفتخر بها الأصدقاء أما الأعداء فأنا أؤكد ان جو العداء لن يكون ملائماً؛ لذا فسوف يضطر الاعداء إلى أن يتحولوا الى اصدقاء وسط ترحيب بكل من تمتد يده للصداقة فالمال والأعمال لا تنمو إلا في أجواء نشطة تحيط بها النوايا الحسنة، وهذا ما هو متوافر بالمملكة التي تحتضن الأصدقاء حباً وعملاً.
|