في هذه الصحيفة الغالية طالعت ما جاد به الاخ الفاضل محمد بن صالح الداود وذلك في العدد 11254 الصادر يوم الثلاثاء، فقد تطرق في كلماته إلى موضوع في غاية الأهمية في مقاله الموسوم ب «لا لزرع الفكر المنحرف في عقول شبابنا» وفي الحقيقة انني حينما قرأت هذا المقال عرضت لي بعض الوقفات التي احببت أن اقدمها لاخي القارئ الكريم في هذه الصحيفة المباركة التي عودتنا دائما الإنصاف وتقبل الآراء من كلا الطرفين المؤيد والمعارض بلا انحياز او عدول، إن هذا الموضوع متشعب جدا ولا يمكن الإحاطة به بسهولة إلا أنني الحظ على بعض من يعرجون على مثل هذه القضايا حصرهم إياها في امور معينة وإلغاء ما سواها مما قد يفوقها بالخطورة والاهمية، وهذا في الحقيقة بمنأى عن الانصاف المطلوب عند معالجة القضايا الاجتماعية والاخ محمد الداود قد تطرق في حديثه لبعض الامور التي منها ما ذكره في بداية كلامه عن الوزارة حيث قال «.. قول الوزارة للمسؤولين في إدارات التعليم ما يصدر من الوزارة ليس قرآنا.. فتركت الإدارات التعليمية الحبل على الغارب لمديري المدارس..» قد اوافقك شيئا ما على هذاالامر ولكن الا ترى انه من الصعوبة بمكان الاحاطة ببرامج وانشطة المدارس على مستوى المملكة فهذا يحتاج الى اقسام متخصصة في ذلك ويحتاج كذلك الى اشخاص عندهم القدرة على إدارة ومعرفة هذه البرامج والانشطة. واما أن الإدارات العامة قد تركت الحبل على الغارب لمديري المدارس فهذا في الحقيقة فيه نوع من تهميش وازدراء بعض مديري المدارس. والوزارة حينما وضعت ونصبت مديري المدارس لم تأت بأناس عامة وجهلة لا تدرك القيمة ولا الامانة التربوية في التعليم وتسعى لإفساد النشء والشباب كلا ولكن إنما هم نخبة وكوكبة من الاساتذة الافاضل ممن لهم معرفة ودراية في التربية والتعليم ولا نخالهم الا قناديل تضيء للطلبة دروبهم في مسيرتهم التعليمية، وهذا ما نتوسمه في مديري المدارس بل هذا هو ما لمسناه وما عايناه في الغالبية العظمى من المدارس، وما احوجنا في الحقيقة الى الانصاف حينما نود ان نخرج بنتيجة ايجابية تعود علينا جميعاً بالخير والفلاح فكلمة الحق مطلوبة وجميلة وما احوجنا الى الصدع بها بعيدا عن تشنجات وعواصف العواطف.
وذكر الاخ الفاضل ان كثيراً من المخلصين كتبوا عن خطورة بعض الاساليب. . الخ نعم هذا شيء جميل وحسن بأن يوجد من ينقل الى كل مسؤول صوت المواطن ورؤيته ولكن الا ترى بان المخلصين كما ظهر لي في مقالك قد يكونون غفلوا عن كل ما من شأنه زرع الافكار المنحرفة والمعوجة في عقول شبابنا وحصروا ذلك قسرا في الاناشيد والاشرطة التي يرددها الطلاب. ينبغي علينا جميعا حال طرحنا لبعض القضايا مراعاة جوانبها جميعا وتطبيق ذلك على حال من تعمه القضية. فالاناشيد اليوم اضحت لا تأثير لها عند الاغلبية العظمى من الشباب ولا عادت اهتماماتهم كما كانت من قبل وان كانت تشكل لهم متنفسا يطردون به عن قلوبهم السآمة والملل الا اننا لم نعلم ولا نعلم ولا سمعنا يوما بأن هنالك مدارس يردد فيها الطلبة اناشيد غير معروفة وغير التي قد حددت لهم في اي مناسبة كانت، فينبغي علينا جميعا ان نعاود التفكير الجاد من جديد وان نعطي هذه القضية حقها كاملاً بلا نقصان، فبالله عليكم ايهما اشد خطراً واعظم جرماً ان يردد الطالب ابيات قد لا يدرك ما هي وما فيها «ان وجدت تلك الابيات» ام ان يحمل في جيبه سلاحاً او آلات حادة؟؟
وايهما اعظم واخطر على الطالب دقائق معدودة يقضي فيها الطلبة جميعهم نشاطاً ما سمعنا من قبل بأضرار نتجت من جرائه، ام ان يترك الحبل على الغارب للمراهقين ليقضوا اوقاتهم داخل اروقة المدرسة بلا رقيب او متابع؟؟!
اما عن عمل الوزارة فيمن يستغلون الدروس في مواضيع بعيدة كل البعد عن المادة.. الى آخر كلام الاخ الفاضل وهذا الماحة طيبة ولكن معذرة اليك اخي الكريم فلدينا رسالة تحثنا على تجاوز ما في الكتب حيناً ما وطرح المفيد والجديد تجد ذلك في حديث لوزير المعارف - وكلام الوزير نقلاً عن مقال لاحد زملائي الكتاب - حيث قال في لقاء مديري التعليم والمنعقد في بريدة قبل سنتين تقريباً:« المعلم الذي لا يتجاوز معلومات الكتاب معلم لم يؤد دوره التربوي..» الى ان قال في رسالة لمعلم التربية الإسلامية « فانك ستكون سعيداً بإذن الله اذا وفقت بجعل طالبك الذي تعلمه وتربيه مسلماً حقاً تتمثل في شخصيته وفي سلوكه اليومي اخلاق الاسلام وفضائله..» الى آخر كلامه الطيب الجميل الذي كم كنت اتمنى لو نفذ الى قلب كل معلم وهو بحد ذاته يحمل رسالة عظيمة للمعلم وما يجب عليه داخل القاعة الدراسية حيال تلامذته بتنمية وتغذية افكارهم واشعارهم بثقل وعظم الامانة التي تنتظرهم في الغد بعون الله.
اما عن العبارة التي آلمتني كثيرا وودت والله لو جاءت من غيره اذ كيف يؤاخذ الناس بنياتهم وبما في قلوبهم ان هؤلاء القائمين على المراكز الصيفية هم اناس من خيرة المخلصين الذين افنوا اوقاتهم وايامهم خدمة وتربية وترفيه لابناء المسلمين فهم منذ تأسست المراكز الصيفية وهم في عمل دؤوب وجد وحرص عظيم لا يريدون لا جزاء ولا شكورا. لماذا؟ كما قلت:
لانهم تملكهم حب الخير للغير وارادوا ان يخدموا دينهم وامتهم بكل ما يستطيعون وليس معقولا بأن ينظر إلى كل من لا يريد اجرا ويشار اليه بالبنان.
والوزارة بوركت بمن فيها قد تنبهت لهذا الامر وادركت ذلك منذ زمن فقامت مأجورة ممثلة برئيسها الموقر بالدعم المادي والمعنوي لهذه الزمرة الطيبة و سخرت كل ما من شأنه الرقي بأعمالهم وتفوقها.
واخيرا معذرة لاخي الكاتب الكريم ان حصل شيء من الجفاء في العبارات والتعبير وانما كما ذكرت سابقا لا بد لنا من الانصاف والعدل واتاحة الفرصة للرأي الآخر لتتلاقح الافكار ويشخص الداء ومن ثم يوصف الدواء ايا كان نوعه اذا كان فيه قطعا لادنى عارض قد يؤثر على افكار شبابنا وارجو من الاخ الكريم ومن له اهتمام في مثل هذه الامور عدم التسرع في انزال الاحكام والمجازفة في ذلك كذلك الاحاطة العميقة والواسعة بجميع اطراف ومحاور القضية ولله الشكر اولاً واخيراً.
محمد بن عبدالعزيز الكريديس/بريدة
|