بداية نتكلم عن جوانب مختلفة من المياه البيضاء ونخص تركيبة العدسة البللورية للعين - التكوين الخلقي للعدسة البللورية، الوظيفة التي تختص بها العدسة البللورية للعين أو للعينين معاً، الأمراض التي يمكن أن تؤثر على العدسة البللورية - العقاقير التي يمكن أن تؤثر على العدسة البللورية - التغيرات التي تحدث في العدسة البللورية للعين - العتامات المختلفة والأشكال المختلفة للأمراض - العمليات الجراحية والعقاقير التي استخدمت سابقاً لعلاج العتمات والمياه البيضاء - أنواع العدسات المستخدمة كبديل للعدسة البللورية للعين والقياسات التي تسبقها - احتمالات الجراحة ما بين النجاح التام وخلاف ذلك. نبدأ أولاً:
ما هي تركيبة العدسة البللورية وما مكانها في المقلة؟
تتكون من آليات بروتينية معينة وتأخذ اشكالاً وتوزيع خاص شبه مستدير أو في اتجاهات دورانية وتتميز أشكال خلايا هذه الآليات بأنها مستطيلة ومضغوطة في الشكل ومدببة الطرف حتى تتناسب مع شكل العدسة البللورية النهائي وتكون في تناسق وترتيب وصفوف كثيرة مما يؤدي إلى تركيبة بللورية مستديرة ويكون أبعادها كدائرة في الشكل الأفقي أما في الجزء الرأسي فلها شكل مثل كرة البيسبول أي تميل إلى السمك في الوسط أما في الطرف فتكون في وضع رؤية المسافات بشكل أكثر نحافة من رؤية القريب أو القراءة وخلاف ذلك وهي عبارة عن محفظة من مادة مطاطة أو لها قدرات مطاطية وبالطبع فهي خلايا في السطح من العدسة البللورية وقد تكون أكثر سمكاً وذلك بسبب وجود الخلية نفسها المكونة من صف أو اثنين أما في الجزء الخلفي من المحفظة فتكون مكونة من غشاء فقط بدون النواة مما يظهر أن أكثر الحركة التي تحدث تكون عن الجزء الخلفي المطاط في طبيعته - وتكون العدسة البللورية في طبيعتها موجودة في مكان خاص بها مركزي في الحجرة الخلفية من المقلة وهي متصلة بالجسم الهدبي ومتداخلة مع العضلات الطولية والعرضية في الجسم الهدبي بنتوءات طولية تمسك زمام العدسة البللورية من الأطراف وبالتالي فإن العدسة تكون مثبتة في مكان مركزي في وسط الفراغ ما بين القزحية والجزء الأمامي من الجسم الزجاجي.
وهذه النتوءات الطولية لها قدرات مطاطية محددة، وتعتمد على أنها تجذب سطح المحفظة من عدة اتجاهات مما يساعد على تحريك نقطة بؤرة الإبصار على الشبكية طبقاً للمسافات القريبة أو المتوسطة أو البعيدة ولكن مع تقدم العمر يحدث أن القدرة الجيلاتينية للعدسة البللورية تتغير وتصبح أكثر صلابة ويبدأ هذا من سن الأربعين وإن كان بعض الذين يتحلون بقصر النظر يتأخر هذا التصلب لديهم كما أن قدرات المقلة الطويلة في حالات قصر النظر تغير من هذه الخواص وتجعل كثيراً من مرضى قصر النظر يستمرون حتى سن 45 سنة بدون أن يحتاجوا لنظارات أو تعديل في النظارات للقراءة.
وهناك جزء هام في هذا المضمار وهو أن النتوءات أو الآليات التي تمسك عدسة العين قد تختلف في التوزيع في بعض الأحوال وتظهر في شكل غير الشكل الطبيعي خاصة على السطح الأعلى من العدسة البللورية وهذا مهم جداً في عمل فتحة الكبسولة على شكل مستدير من أحوال مثل المياه البيضاء في الأطفال أو بعض أحوال المياه البيضاء المضاعفة في السن المتوسطة مما يحتاج لحركة خاصة في ازالة هذه الأنسجة.
كما أن وضع العدسة في مكانها مهم جداً للإبصار حيث تتجمع الأشعة في نقطة مركزية عند الجزء الأسفل من العدسة البللورية مما يتيح أكبر قدرة على أحسن صورة ممكنة من المرئيات.
ووضع العدسة المركزي مع هارمونية الحركة للبنين يتيح تكوين مراكز الحس في الطرف الدماغي الخلفي وتكوين الإبصار ثلاثي الأبعاد بكفاءة وهذا موضوع مهم بالنسبة للحول أو التركيز المتفصل للعينين أو كسل إحدى العينين أو بعد عملية مياه بيضاء وعدسة أو بدون من الأطفال في السن من 2-5 سنوات أو يحتاج الأمر إلى استخدام عدسة لاصقة على زرع عدسة من الأطفال عند سن العام أو أقل مع المثابرة حتى يتكون الإبصار ثلاثي الأبعاد ومراكزه الحسية في الفص الطرفي من المخ وأي خطأ في التكوين الخلقي للعدسة البللورية يؤدي إلى اختلال إما في تكوين العدسة أو في وضعها أو عدم تكوينها على الإطلاق وهذه التكوينات الخلقية المختلفة تؤدي إلى إما كتاركت خلقي يولد به الطفل أو كتاركت يحدث ويزداد بعد الولادة بأشكال مختلفة تبدأ من احتكاك عن تكوين القرنية فيحدث الكتاركت في الجزء الأمامي من العدسة البللورية أو يحدث خلل في تكوين الجسم الزجاجي الثاني والثالث من التكوين مما يؤدي إلى كتاركت خلفي بطبيعته أو خلل في تركيبة الخلايا داخل العدسة البللورية فيظهر بشكل قرص أو أشكال هندسية أو نجمة تشكل شكلاً هندسياً أو عجلة خشبية لها أكثر من 6-8 مذنبات وهذا النوع قد يسمح بالرؤية وبالتالي تتكون وظائف المنطقة المركزية ولا يتم التشخيص إلا عن الفحوص الروتينية وقد يقلل النظر ويحتاج المريض للعملية بعد سن 20 سنة أو أكثر.
كذلك لا بد أن نتطرق إلى أن بعض الأمراض قد تكون سبباً عن تكوين مكان خطأ للعدسة البللورية خلقياً مثل مرض (مارفان) أو أي خطأ من تشكيل الجزء السطحي للجسم أو تكوين العظام في الوجه فقد يحدث أن المقلة على وجه العموم تكون صغيرة أو تكون العدسة في وضع غير صحيح أو تكوين القزحية والشبكية غير مكتمل أو يعاني من اعتلال في حدوث الالتحام النهائي في الجزء الأسفل في أكثر الأوقات وخلاف ذلك.
وهنا تظهر الخبرة في قياس تركيز الإبصار ومدى امكانية حدوث تقدم في الإبصار من عدمه حيث أن العين التي لم تتكون فيها القدرة على الإبصار لن تتحسن بأي جراحات وهذا يمكن قياس قدراته بإستخدام رسام الشبكية الكهربائي وحساسية العصب البصري وقياس كهربائي لقدرات المسار البصري في الدماغ حتى سطح المخ الخلفي والطبيعي أن يتكون هذا في السطحين الخلفيين معاً ولا يكون واحد منهم والآخر لم يتكون فيه أي تركيز أو ترجمة للصورة المرئية.
من المعروف أن بعض العقاقير التي قد نضطر لاستخدامها في علاج التهابات بالعين أو يستخدمها تخصصات أخرى مثل النساء والتوليد مثل حبوب منع الحمل وبعض العقاقير التي تعالج الغدد تحتاج لاستشارة طبيب العيون وذلك في محاولة لتجنب أي آثار جانبية لهذه العقاقير على العين ومنها الكورتيزون والعقاقير المضادة للملاريا والمضادة للالتهابات الحادة والعقاقير التي تحمل في مكوناتها علاج للغدد الصماء مثل الغدة الدرقية والغدة النخامية تحتاج رعاية للعيون كل 6 شهور.
كذلك لا نغفل غسيل الكلية الذي باستخدام مواد مثل الهيبادين وبعض العقاقير الأخرى قد تؤدي إلى النزف بالعينين وكتاركت مضاعفة هذا غير أضرار الشبكية والعصب البصري بالطبع.
مرض البول السكري والسكر مثل السكر في الطفولة المبكرة أو الناشئ عن أمراض بالغدة الدرقية أو الغدة النخامية كل ذلك يؤدي إلى مضاعفات إما مباشرة في التمثيل الغذائي للعدسة البللورية فتعاني من الكتاركت المضاعفة أو من خلال تذبذب ضغط العينين فتكون الجلوكوما سبباً في تغيير شفافية العدسة البللورية.
أمراض التهابات القزحية والالتهاب الهدبي المتكرر المزمن بأسبابه الكثيرة مثل مرض بهجت أو أمراض الروماتويد أو بعض أمراض الجهاز المناعي أو منها مرض الزئبقية الذي تعاني منه العينان والجلد وخلاف ذلك. كل هذه النوعية تؤدي إلى الكتاركت المضاعفة التي لا بد أن نقف عندها لأنه لم يعد هناك عذر في عدم تحويل المرضى لكشف العيون خاصة مع استمرار استخدام هذه الأدوية فترات طويلة مما يؤدي إلى ظهور المضاعفات بالنسبة للتخصص الدقيق في عالم المياه البيضاء قد أصبح من الممكن بداية تحديد سرعة تكون المياه البيضاء من زيارتين أو ثلاث كما أصبح من شكل المياه البيضاء يعرف النوع سواء كان طرفية مركزية خلفية أو أمامية أو في البؤرة، أو ناتجة عن اصابة أو جسم غريب صغير أو خلقية بالطبع مما يؤدي إلى طريقة مختلفة في التعامل مع الحالة أو درء السبب في تكوين المياه البيضاء أو اختيار الأسلوب الأمثل الجراحي في ازالة المياه البيضاء وكذلك هذا يؤدي إلى نجاح أكثر خاصة مع استخدام العدسات المزروعة الملائمة وذلك في حالات عمليات الكتاركت المضاعفة.
العلميات الجراحية لها تاريخ قديم في ازالة العدسة البللورية كلية وبدون أي زرع لعدسة بديلة ثم ازالة مع زرع عدسة أمامية أو عدسة مثبتة على القزحية ثم ازالة محتويات العدسة وزرع عدسة داخل المحفظة أو مرتكزة على المحفظة بدون أن تكون داخلها تماماً إلى عمل عملية متكاملة من فتحة دقيقة في المحفظة ثم ازالة المكونات ثم زرع عدسة داخل المحفظة سواء صلبة أو لينة بما لا يزيد عن 4-5 ملل وعدم وضع غرز على الإطلاق أو في بعض الأوقات الاضطرارية توضع غرزة واحدة..
المهم في هذا الموضوع هو النظرية الحديثة في الجراحة عن طريق عمل جرح متناه في الصغر بالقرنية.
استخدام جهاز شفط مكونات العدسة (الفاكو) أو الجهاز الذي يستخدم الليزر وما زال تحت التجارب والتحسينات (فاكو بمساعدة الليزر) كل هذه الأجهزة أو المهارات المكتسبة الهدف منها في النهاية عمل عملية من خلال فتحة صغيرة بدون غرز واستخدام المخدر الموضعي أصبح أساسياً في عمليات طب العيون والذي له أصول لا بد أن يتدرب عليها طبيب التخدير ومن هنا فإن العمليات التي اخترعت أساليبها هي للاسترشاد ولا بد للجراحيين في القرن الواحد والعشرين من اتباع هذه الطرق الحديثة والإلمام بهذه الأجهزة التي تحتاج إلى التدريب والأدوات الخاصة بها وهنا تجدر الإشارة بأن هذه العمليات آمنة والمهم هو حساب قدرات العصب البصري حتى لا نعد بأشياء لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى، وعليه فإن هناك دوراً هو تفهم المريض لحالته حيث أن أكثر مرضى المياه البيضاء من كبار السن ويكون هناك في بعض الأحوال القليلة أمراض أخرى مصاحبة مثل الجلوكوما أو المياه الزرقاء واعتلال شبكي وجسم زجاجي سكري أو ضعف في منطقة الماقولا أو ضغط العصب البصري مما لا بد أن يعرفه المريض قبل العملية حتى يدرك مقدار التقدم الذي سوف يحصل عليه.
قياس قوة العدسة المزروعة باستخدام موجات فوق صوتية وكذلك قياس تحدب القرنية مقدماً هو من الطرق الأساسية اليوم في التحضير لعمليات المياه البيضاء حتى يمكن الوصول إلى نظر شبه طبيعي.
وهذا هو نوع من تحسين حدة الإبصار خاصة لمن يعانون من بعد النظر أو قصر النظر أو خلاف ذلك مما يجعل الأسلوب الأمثل في العلاج القياسات الدقيقة واختيار الوقت المناسب للعملية الذي يشعر المريض بأنه استفاد من الجراحة وزاد في حدة الإبصار وبدون ذلك لا يمكن أن نصل إلى رضا المريض الذي هو أساساً يعرض نفسه على الطبيب بهدف الاستفادة وزيادة الإبصار.. وعلى ذلك هناك نوعية من المياه التي قد تظل على حالها سنوات طويلة وهي عبارة عن عتمات طرفية في العدسة البللورية وتعتبر نوعاً من التصلب في ألياف العدسة البللورية ويظل النظر بنظارة بسيطة حوالي 6/9 أو (9 ،0) ولا يجوز في هذه الأحوال عمل العملية إلا بعد التأكد من أسلوب الجراحة وكذلك التأكد من وجود صعوبة شديدة لدى المريض عند التعرض للشمس، أو الضوء القوي ليلاً.
أنواع العدسات المستخدمة تبدأ من صلبة ولها مقاسات وأشكال مختلفة وقد خضعت لكثير من التطوير من حيث الموديل والشكل طبقاً لوضعها داخل العين أو المرض الذي تعالجه لدرجة أن هناك أنواعا يتم عمل تثبيت لها بغرزها بالعين من طرفي أى الجسم الهدبي في الصلبة.
وأنواع خاصة ومختلفة توضع داخل المحفظة في حالة المحافظة عليها أن عدم وجود أي مرض يتسبب في فقدانها، كما أن هناك طرقا في الجراحة نفسها بوضع دعامات داخل المحفظة من السيلكون لكي نتفادى وضع عدسة في غير مكانها أو خلاف ذلك من الأساليب الجراحية التي يعرفها المتمرسون في حالات خلقية أو اصابية قد تقطع القزحية أو لا تكون موجودة على الإطلاق وهذا يحتاج لعدسة كبيرة 7مم وتكون عليها صبغة تشبه في الشكل القزحية بلون العين الأخرى والموضوع أكثر من التجميل هذا حيث يكون فيه حفاظ على الوظيفة الحقيقية للقزحية وهي التحكم في الضوء الداخل إلى العين حتى تكون الصورة أكثر دقة وحفظاً.
كذلك هناك أنواع مختلفة من العدسات الرخوة التي توضع في الحافظة مثل السيلكون والأكريليك وغالباً ما يتم عمل حقن لها من خلال فتحة 3 مل أو 4 مل على الأكثر وغالبا ما تكون الفتحة جانبية في القرنية ويتم غلقها باستخدام حقن محلول معقم في أنسجة القرنية فيحدث تورم موضعي وتغلق الفتحة بدون اللجوء للغرز كما أن هناك أنواعا تحت التجارب والتقييم مثل العدسات متعددة الدرجات التي تسمح بالرؤية القريبة والبعيدة في آن واحد أو العدسات التي تقاوم الأشعة الضارة وهذه في كثير من العدسات لتقاوم الأشعة فوق البنفسجية الضارة والتي أصلاً تكون ميزة موجودة في نسيج العدسة البللورية الطبيعية التي خلقها الله في الإنسان.
من هذه التفاصيل نرجو أن نكون قد طرقنا الكثير من النقاط التي تحير القارئ والمريض عن المياه البيضاء أو الكتاركت أو أمراض العدسة البللورية التي يصاب بها الإنسان على وجه العموم وفي كافة الأعمار حيث أنه ما زالت المياه البيضاء ومضاعفاتها هي أكبر مسببات العمى في مناطق كثيرة وخاصة بسبب زيادة متوسط الأعمار.
والله الموفق.
( * ) أستاذ طب العيون
|