* لقاء -ماجد التويجري:
تعد دار التربية الاجتماعية للبنين بمدينة بريدة واحدة من بين «تسع» دور اجتماعية، في المملكة ويأتي إنشاء هذه الدور لرعاية الأيتام بمختلف ظروفهم، وقد وفرت الدولة حفظها الله جميع الاحتياجات التي تشعر المنضمين لهذه الدور بأنهم يعيشون حياة طبيعية كغيرهم من أبناء المجتمع، عن أبرز أهداف وبرامج هذه الدور التقت «الجزيرة» بمدير دار التربية الاجتماعية للبنين بمدينة بريدة الأستاذ إبراهيم بن أحمد الضبيب الذي تحدث في البداية عن الأهداف فقال:
تهدف الدار إلى إيواء الأطفال الأيتام ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة وكذلك تهيئة المناخ المناسب لتكون الدار بمثابة عائل مؤتمن بديل عن الأسرة الطبيعية، وحيث تقدم أوجه الرعاية المتكاملة لهؤلاء الأطفال لنموهم نمواً سليماً وتكيفهم مع أنفسهم ومع المجتمع علماً بأن رعاية الطالب تستمر بعد تخرجه من الدار ويمنح مساعدة مالية قدرها 20 ألف ريال لتمكينه من تهيئة أسباب الاستعداد للزواج.
وتقبل الدار الفئات التي يكون فيها يتيم الوالدين أو أحدهما والظروف الخاصة والأطفال ذوي الأسر المتصدعة.
أما عن الشروط فهي أن يكون طالب الالتحاق من إحدى الفئات السابقة، وألا يقل عمره عن 6 سنوات ولا يزيد على 12 سنة ولا له أسرة من أقربائه يمكنها أن تتولى رعايته وأن تكون ظروفه المعيشية المحيطة به تهدد بإنحرافه إذا استمر فيها وأن يثبت التقرير الطبي سلامته ويجري البحث الاجتماعي له، كما يشترط اثبات الحاجة من خلال البحث الاجتماعي لانطباق الشروط في دخول الدار.
أنشطة متعددة
وعن أوجه الرعاية والأنشطة داخل الدار قال الضبيب: تعتمد الدار على التخطيط لبرامج الرعاية والأنشطة المختلفة والاشراف على تنفيذها ومتابعتها من قبل لجنة فنية مكونة من مدير الدار والاخصائيين الاجتماعيين والمدرب الرياضي والمدرب الفني حيث يتم التنسيق بين الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية وشغل أوقات الفراغ بالهوايات المفيدة، وتنظيم أوقات استذكار الدروس وغير ذلك، كما يقوم القسم الاجتماعي بالدار بالاشراف على جميع الأنشطة والبرامج داخل الدار وخارجها.
أما الرعاية الاجتماعية فتهدف إلى تنمية الشخصية بدمج الطالب في الجماعة التي تلقى بها تنمية قدراته واكتشاف مواهبه عن طريق المشاركة في برامج النادي الاجتماعي بالدار وعضوية لجان الخدمة الذاتية، ودعم علاقته بالأهل والأقارب عن طريق الزيارات المتبادلة، أما الرعاية الصحية فتهدف إلى العناية بصحة الطالب ووقايته من الأوبئة والأمراض، والرعاية الطبية تتضمن الكشف الطبي الدوري وتقديم العلاج للحالات المرضية تحت اشراف طبي من قبل الطبيب والممرض المنوط بهما خدمة المقيمين بالدار، كما يتضمن البرنامج نشر الثقافة الصحية بين الطلبة وتعويدهم على النظافة الشخصية والعامة، أما بخصوص الرعاية التعليمية فتهدف إلى مساعدة الطالبة على التحصيل العلمي عن طريق إلحاقه بالمدارس التابعة لوزارة المعارف ومتابعة تحصيله وحل المشكلات الدراسية التي تعترضه ووضع برنامج مناسب للمذاكرة كما يوجد بالدار مكتبة تضم مجموعة مختارة من الكتب تمكنه من زيادة معلوماته وتعوده على الاطلاع وكسب المعرفة وأحب أن أضيف نقطة وهي أن هناك نشاطاً ثقافياً ودينيا لتوسيع دائرة المعرفة وتهذيب النفوس من خلال المحاضرات والندوات والمسابقات الثقافية وجماعات تحفيظ القرآن الكريم وكذلك هنالك نشاط رياضي وآخر ترويحي.
الجهازان الإداري والفني
ويتوافر بالدار الجهاز الوظيفي باختلاف تخصصاته للقيام بالأعمال والواجبات والمسؤوليات الموطنة فالقسم الإداري يضم الإدارة والسكرتارية والمهن الأخرى المساعدة أما القسم الفني فيضم الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والطبيب والمدرب الرياضي وهنالك العديد من البرامج منها اقامة رحلات داخلية وخارجية «داخل المملكة» وكذلك المراكز الصيفية التي تقام داخل الدار بالاضافة إلى الأنشطة الثقافية والرياضية.
وقد بدأت الدار بالاستضافة خلال الفترة الأخيرة حيث يتم استضافة الطلاب خلال العطل الرسمية واجازات نهاية الأسبوع لمن يرغب في ذلك من الأسرة داخل المدينة بحيث تقوم عدد من الأسر ومحبي الخير باستضافة مجموعة من الطلاب وذلك بهدف دمج الطلاب مع المجتمع الخارجي، حيث تقوم الأسرة بتعبئة استمارة البرامج التي سوف يسير عليها الطالب خلال فترة الاستضافة وكذلك احضار أصل دفتر العائلة اضافة إلى جمع المعلومات عن الأسرة وأهليتها للاستضافة وذلك عن طريق الإخصائي الاجتماعي.
أقسام الدار
للدار ثلاثة أقسام:
وقسم الأشبال ويكون باشراف نسائي وتتراوح أعمارهم من ست سنوات إلى اثنتي عشرة سنة.
القسم الثاني قسم الشباب ويشرف عليه رجال وتتراوح أعمار هذا القسم من عشر سنوات حتى سن ست عشرة سنة.
القسم الثالث قسم الكبار ما بعد سن ست عشرة سنة، وهو من الأقسام التي يعتمد عليها اعتماداً مباشراً على الرقابة الذاتية للابن حيث تزرع عبارة الاخوة والبيت الواحد بين الشباب حيث يقع هذا القسم على الشارع العام وله مدخل مستقل وتعتبر هذه التجربة فريدة وناجحة على مستوى دور التربية وقد حققت نجاحاً متميزاً دراسياً وسلوكياً وذلك بفضل الله ثم تشجيع مدير عام الإدارة العامة لرعاية الأيتام وتوجيه وكيل الوزارة للشؤون الاجتماعية ومتابعة مدير عام الشؤون الاجتماعية بالقصيم.
دور الحضانة
أما عن دور الحضانة فقال الضبيب: دور الحضانة مؤسسات اجتماعية مستقلة تابعة لوكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية وتهدف إلى تقديم الرعاية المناسبة للأطفال الصغار ذوي الظروف الخاصة ومن في حكمهم ممن لا تتوافر لهم الرعاية السليمة في الأسرة ويشرف عليها قطاع نسائي من ذوي الكفاءات، وتقدم العديد من الخدمات منها إيواء الطفل والعناية به ومتابعته الصحية الدورية وتقديم الغذاء تحت اشراف طبي وتوفير الملابس خلال فصلي الصيف والشتاء بما يتناسب مع سنه وجنسه كما يُدخرُ مبلغ من المال منذ إيداع الطفل كمكافأة شهرية في حسابه حتى طي قيده واكساب الصغار العادات والتقاليد الإسلامية، السائدة في المجتمع بالاضافة إلى العديد من الخدمات التي لا يسع المقام لذكرها التي منها نشاطات داخلية وخارجية.
الأسر البديلة
من أهم أهداف الدار البحث عن الأسر البديلة لرعاية الأطفال كي يتم من خلالها تعويضهم عن فقدهم والديهم وتتولى مكاتب الاشراف النسوي الاجتماعي الاشراف والمتابعة الكاملة لنظام الأسر البديلة من حيث دراسة الطلب المقدم للمكتب باحتضان أحد الأطفال بالدار واجراء البحث الاجتماعي الميداني للتعرف على تاريخ الأسرة الراغبة في احتضان الطفل ومن ثم تحديد مدة صلاحيتها للاحتضان من عدمه بعد ذلك يتم تسليم الطفل للأسرة الراغبة من خلال لجنة مكونة من مديرة دار الحضانة الاجتماعية والاخصائيين الاجتماعيين ومندوبة مكتب الاشراف النسائي الاجتماعي، ومتابعة هذا الطفل يكون بين فترة وأخرى حتى يكبر ويعتمد على نفسه.
أما الظروف الخاصة فهم من الفئات التي ترعاها الدار ولا يوجد فرق بينهم وبين الفئات الأخرى وتقدم الخدمات والرعاية الاجتماعية والنفسية لهم بما يلبي حاجاتهم المعنوية والاجتماعية ومن خلال التجربة ثبت أنه بالاندماج والاحتكاك بالمجتمع يمكن أن ينشأ جيل صالح من خلال الفهم لحاجاتهم ومتطلباتهم الاجتماعية والقبول بهم كأفراد فاعلين في المجتمع، وتفهم المجتمع لطبيعة هذه الفئات والنظر إليها كعضو اجتماعي فعال قد أثر على مسألة القبول الاجتماعي المتبادل مما انعكس على نفسية هذه الفئة واسهاماتها الاجتماعية.
علماً بأن الاتصال الاجتماعي المباشر وغير المباشر من خلال القنوات المرئية وغير المرئية قد غيرت النظرة لهم، اضافة إلى أن برامج دور التربية المفتوحة قد ساهمت مساهمة فعالة في تعزيز النظرة الطبيعية لهم ودمجهم في المجتمع.
كما يتم وضع الخطط الاجتماعية من قبل القسم الاجتماعي للقيام بالمهام الاجتماعية تجاه الطالب المعني بهذا الأمر بعد أن يصل إلى مرحلة من الادراك والوعي بما يكفل حرية المناقشة وتتم هذه العملية عن طريق أحد الاخصائيين من ذوي الخبرة والكفاءة في هذا المجال مع ملاحظة التدرج في ايصال المعلومات المطلوبة وفق ما كفلته الشريعة الإسلامية من حيث تقرير المصير لأفراد المجتمع وفق منظور شرعي واجتماعي وتربوي حيث يعمل المختصون في الدار بدعم من ولاة الأمر على هذه الفئة على أنهم مواطنون مثلهم مثل غيرهم ولا تنقصهم الفرصة في تحقيق طموحاتهم سواء على المستوى التعليمي أو المهني أو الوظيفي أو الاجتماعي وعلى الأصعدة كافة فهم من أبناء الوطن وجميع ما يقدم لهم من برامج هو بمثابة تهيئتهم لاعتمادهم على أنفسهم مستقبلاً وتكوين أسرة كريمة.
أما برنامج التآخي فمستمد من قوله تعالى: {إنَّمّا المٍؤًمٌنٍونّ إخًوّةِ} الآية ومن فِعِل الرسول صلى الله عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين والأنصار لما يعلمه «صلى الله عليه وسلم» من أهمية رباط الأخوة وتوثيق عرى المحبة والاخاء.
حيث يأتي هذا البرنامج بعد برنامج الأسرة البديلة والأسرة الصديقة وفكرته هو ايجاد صلة قربى لأبناء الدور فيما بينهم أو مع أفراد المجتمع عن طريق الرضاعة بنسبة لدور الحضانة بإيجاد مرضعة كإحدى الحاضنات أو الأسر الكريمة أو الصديقة، وذلك استناداً لفتوى مكتوبة لسماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
أما دور التربية فيتم اختيار أحد الأفاضل والاتفاق معه ليقوم بزيارات دورية للطفل في دار التربية وتقديم بعض الهدايا له تحت اشراف الاخصائي الاجتماعي بالدار ويتعامل معه كأخ أكبر للابن في الدار.وبالنسبة للطلاب الكبار «الذين يتم طي قيدهم» فيتم اجراء اتفاق أخوي مع أحد الأشخاص الذين تتوافر لديهم الصفات المناسبة خلقاً واستقراراً اجتماعياً بحيث يتعهد هذا الشخص برعاية أحد الأبناء ليتولى الاشراف عليه سواء في سكن مستقل تماماً أو في سكن مستقل من سكن أسرة المتقدم، مع تقليص المتابعة من قبل الوزارة إلا عند الضرورة، ويطلق على هذا الشخص الأخ البديل.كما يوجد هناك حوافز مادية لهذا البرنامج لتشجيع أفراد المجتمع على التآخي مع الأبناء في هذه الظروف وإعادة صياغة ذوي القربى لهم التي هم بأشد الحاجة إليها.
والتجربة والحمد لله أكثر من جيدة وفي نظري أن العمل في هذا المجال يحتاج إلى تأن وصبر ونظرة مستقبلية لأن التربية تعديل اتجاهات وهذه تتطلب فترة طويلة من الزمن وبالتالي فإني ومن خلالكم أثني بشكري على القائمين من الزملاء في هذه الدار والدور الأخرى وعدم استعجال النتائج والأخذ في الحسبان العملية التراكمية للتربية والاستفادة من التجارب السابقة.
|