* القاهرة مكتب الجزيرة
عبد الله الحصري:
الطريق أمام اقامة السوق العربية المشتركة ليس مفروشا بالحرير بل يمتلئ بالعديد من المعوقات التي تقف حجر عثرة امام اقامة هذا الحلم العربي ويحتاج إلى مساهمات جادة وارادة قوية لازالة هذه المعوقات. وقد شهدت الفترة الماضية العديد من المبادرات والمساهمات في تمهيد هذا الطريق ويستعد الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعه والزراعة للبلدان العربية برئاسة خالد ابو اسماعيل لعقد دورة استثنائية للمجلس يوم 25 اغسطس الحالي لمدة يومين بمدينة الاسكندرية تحت رعاية الرئيس حسنى مبارك وذلك لبحث معوقات اقامة السوق العربية المشتركة ودور القطاع الخاص فيها، وكان الاتحاد قد عقد اجتماعا بمدينة المنامة بالبحرين في شهر مارس الماضي لمناقشة التقرير الذي اعدته الأمانة للإتحاد، ودعا الاجتماع إلى الإسراع في تأسيس منطقة التجارة العربية الحرة الاسهامات السابقه وخاصة الاجتماع الاستثنائي الذي سيعقد بالاسكندرية هل تستطيع التغلب على معوقات إقامة السوق العربية المشتركة ، خاصة أن المعوقات كثيرة فى الوقت الذى لاتريد فيه الدول العربية تقديم أي تنازلات تجاه إقامة تلك السوق؟
يؤكد خالد ابو اسماعيل بأن جميع الدول العربية ستشارك في اعمال هذه الدورة التى تنعقد بناء على دعوة من الرئيس مبارك بهدف الاسراع فى اقامة السوق العربية المشتركة.
مشيرا إلى أن الاجتماعات ستناقش معوقات التكامل الاقتصادي العربي ودور القطاع الخاص في ظل المتغيرات الراهنة إضافة إلى برنامج عمل الاتحاد لتعزيز دوره في التكامل الاقتصادي العربي وبحث الخطوات التي اتخذت حتى الآن لتنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبري.
والمعوقات التي تواجه تنفيذ ها والتى أهمها مشاكل اجرائية وتنفيذية تتصل بتطبيق البرنامج التنفيذي ومدى قدرة الدول العربية على تخطي القيود والاتجاه نحو تحرير سياساتها التجارية ازاء بعضها البعض ، إضافة إلى بحث السياسات الاقتصادية اللازمة للانتهاء من تنفيذها وتحرير الخدمات، بما يشجع الاستثمارات.
ويضيف: ان الاجتماعات ستركز على ازالة القيود غير الجمركية بين الدول العربية، خاصة تلك التي تلتزم بها الدول العربية في اطار منظمة التجارة العالمية، مع وضع جدول زمني واضح لإزالة القيود التي يتم الاتفاق بشأنها في كل دورة من دورات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية، والاسراع بوضع قواعد منشأ تفصيلية للسلع العربية لتحقيق التكامل الانتاجي العربي، مما يتيح المجال امام القطاع الخاص للاستفادة من المنطقة، مع ضرورة الاتفاق على آلية لحل المنازعات الناجمة عن المبادلات التجارية بين الدول العربية، وتطبيق المعاملة الوطنية على السلع المستوردة، وإلغاء أي معاملة تمييزية لصالح المنتج الوطني، مما يلغي فرص المنافسة العادلة، وذلك تطبيقا لأحكام البرنامج التنفيذي للمنطقة فيما يتعلق بقواعد المنشأ والمواصفات والمقاييس واشتراطات الوقاية الصحية والأمنية والرسوم والضرائب المحلية، وكذلك تخفيض الرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل.
ويقول خالد ابو اسماعيل أن أهم العقبات التي تواجه التطبيق الفعلي لمنطقة التجارة الحرة هى عدم الالتزام الكامل بتطبيق التخفيضات على الرسوم الجمركية بالنسبة للسلع العربية ، موضحا ان ضعف حركة الاستثمار العربي البيني والمشترك يؤديان إلى محدودية النتائج حتى الآن لمنطقة التجارة الحرة رغم انها دخلت عامها الخامس، ومبينا ان تنويع القواعد الانتاجية والصادرات من شأنه تدعيم حركة التجارة البينية، مع فتح المجال امام الاستثمارات الخاصة فيما بين الدول العربية شريطة العمل على تطوير الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1981.
القوائم السلبية
ويؤكد الخبراء ان إقامة السوق العربية المشتركة يتطلب فى المقام الأول إلغاء القوائم السلبية التي تواجه التطبيق الفعلي لمنطقة التجارة الحرة والمشكلات الخاصة بقواعد المنشأ حيث توجد قائمة طويلة من السلع العربية لا يشملها تحرير التجارة في اطار المنطقة الحرة بما يتعارض مع منظمة التجارة العالمية.
ويشير محمود العربى رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية السابق انه خلال السنوات العشر الماضية لم يطرأ أي تحسن ملموس على التجارة العربية البينية حيث لم تتجاوز نسبتها 9% من حجم التجارة العربية الخارجية، فى الوقت الذى تتراوح فيه الاستثمارات العربية في الخارج ما بين 800 مليار دولار إلى 2400 مليار دولار بينما لم تتجاوز الاستثمارات العربية داخل الدول العربية خلال خمس عشرة سنة الماضية 15 مليار دولار.
وأوضح ان اهم عقبات تواجه السوق المشتركة هي ضغوط اصحاب المصالح اضافة إلى ان معظم اتفاقات تحرير التجارة العربية تجاوزتها قواعد التجارة العالمية، وأضاف ان العلاقات التجارية بين الدول تحكمها حاليا قواعد وشروط منظمة التجارة العالمية وأهمها حق الدولة الاولى بالرعاية حيث تتيح المادة 24 في هذه الاتفاقية للدول الأعضاء الاستفادة بمزايا التجمعات الاقليمية في شكل مناطق حرة اقليمية أو ثنائية، وهو ما لم تستفد منه الدول العربية حتى الآن.
ويرى انه اذا ما طبقت هذه المعايير على اتفاقات التجارة الحرة الثنائية أو منطقة التجارة الحرة العربية الشاملة فسنجد ان القوائم السلبية في هذه الاتفاقات تتضمن حوالي 2950 سلعة لا يشملها التحرير معظمها سلع رئيسة تشكل جزءا كبيرا من تجارة الدول، مشيرا إلى أن مشكلة قواعد المنشأ لاتزال من المسائل العويصة التي لم تتوصل إلى وضع ضوابط لها عربيا مما يثير كثيرا من الخلافات والاختلافات وتعوق تنشيط وتفعيل اتفاقات تحرير التجارة البينية.
بينما يؤكد د0 حمدى عبد العظيم مدير مركز الدراسات الاقتصادية فى أكاديمية السادات انه لم يطرأ على التجارة البينية العربية اي تحسن من حيث القيمة والهيكل السلعي حيث استقرت عند مستوى 27 مليار دولار، أي نحو 8 ،6 % من جملة التجارة العربية الخارجية ، مشيرا إلى ان هناك عدة عوامل هامة تحول دون اعتبار العالم العربي احد التكتلات المهمة أهمها ضعف جذب الاستثمارات الاجنبية حيث لم يتجاوز نصيب الدول العربية من جملة الاستثمارات العالمية 1% أي بقيمة 9 ،5 مليار دولار.
ومن جانبه اعد اتحاد الغرف العربية تقريرا مفصلا حول مراحل تحرير تجارة الخدمات وتفعيل تطبيق البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطور المبادلات التجارية العربية والمشاكل والمعوقات التي تواجه القطاع الخاص خلال تطبيق البرنامج التنفيذي ومقترحاته لمعالجتها، وذلك بناء على طلب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ، حيث تعرض التقرير للتحديات التي تواجه الدول العربية في اطار القيود الادارية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل.
أكد التقرير ان فرص النجاح قائمة أمام تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية لوجود عدة عناصر إيجابية أهمها أن العديد من الدول العربية قد انتهت من عمليات الإصلاحات الاقتصادية النقدية والمالية والبنيوية ، وأفسحت المجال أمام القطاع الخاص ، الأمر الذي حقق قدرا من الكفاءة في مختلف المجالات، كما أدى إلى تقريب النظم الاقتصادية العربية ، كما أزالت الدول العربية العديد من العوائق التي كانت تعرقل الجهود المشتركة مثل تخفيف شدة الاعتماد على الرسوم الجمركية في الإيرادات الحكومية ، حيث أوجدت بدائل من الضرائب المختلفة مع تسوية المدفوعات وتصحيح الأسعار وشفافية الأسواق وتحسين مناخ الاستثمار.
وأشار التقرير إلى أن من عوامل نجاح منطقة التجارة العربية الحرة عدة عوامل منها وجود المؤسسات العربية ودورها المتزايد في تمويل وضمان الصادرات، مثل صندوق النقد العربي والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، ومثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب توافر المعلومات التجارية لدى صندوق النقد العربي وبرنامج تمويل التجارة العربية ومن مصادر عربية وأخرى دولية.
سبع دول لم توقع على إنشاء
منطقة التجارة الحرة
ورغم التقرير الوردى الذي أعده اتحاد الغرف العربية حول السوق العربية المشتركة، إلا أن مجلس الوحدة الاقتصادية أصدر تقريرا أكد فيه موافقة 19 دولة عربية فقط على التوقيع على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية حتى الآن، رغم أن منطقة التجارة الحرة العربية قد بدأ تنفيذ العمل فيها عام 1998 وتستمر لمدة 10 سنوات أي حتى عام 2007 ويتم تخفيض الجمارك فيها سنويا بنسبة 10% على تجارة السلع دون الخدمات.
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي هو الجهة الاشرافية على تطبيق البرنامج. حيث يقوم المجلس بالآتي:
* اجراء مراجعة نصف سنوية لمدى التقدم في تطبيق البرنامج التنفيذي.
* اتخاذ القرارات الملائمة لمواجهة أي عقبات تعترض تطبيق البرنامج التنفيذي، وفض المنازعات الناشئة عن تطبيق البرنامج التنفيذي.
* تشكيل اللجان الفنية والتنفيذية التي يفوضها المجلس بعض اختصاصاته وصلاحياته في المتابعة والتنفيذ وفض المنازعات الناشئة عن تطبيق البرنامج.
وأكد المجلس في تقريره إصرار الدول العربية الموقعة على الاتفاقية والبالغ عددها 19 دولة عربية على تقديم قائمة كل ستة أشهر بالسلع التي تطلب استثناءها في التخفيضات الجمركية، الأمر الذي يؤثر على الاتفاقية سلبا ويفقدها مصداقيتها وفاعليتها.
وأشار مجلس الوحدة الاقتصادية فى تقريره إلى وجود العديد من التحديات التي تصادف إنشاء السوق العربية المشتركة يأتي في مقدمتها طبيعة الموارد المائية في الوطن العربي الذي يقع في حزام الجفاف ، حيث تبلغ كميات المياه المتاحة في الوطن العربي 260 مليار متر مكعب سنويا ، تستخدم مصر منها بمفردها أكثر من الثلث، في حين يبلغ نصيب المواطن العربي 1000 متر مكعب سنويا وهو ما يمثل الحد الأدنى من الاستخدام ، في وقت يتوقع فيه انخفاض نصيب الفرد إلى 600 متر في العام، مما يمثل عنصر ضغط على الاقتصاد العربي ويتجه نحو زيادة استيراد الغذاء إضافة إلى المشكلات الحالية في المياه في الشرق الأوسط بين سوريا وتركيا وكذلك العراق ولبنان وإسرائيل وفلسطين.
وأشار التقرير أيضا إلى ضغوط معدل النمو السكاني في الدول العربية والذي يصل إلى 5 ،2 % وبلوغ نسبة البطالة في الوطن العربي إلى 11% من حجم القوى العاملة البشرية إلى ما بين 9 و10 ملايين عامل سنويا من خريجي الكليات والمعاهد الفنية وتزايد حجم الفجوة الغذائية التي تزيد قيمتها على 5 ،12 مليار دولار، كل ذلك يؤثر سلبا على الاقتصاد العربي ، إضافة إلى أن حجم التجارة العربية الدولية يبلغ 30 مليار دولار سنويا أي 7 ،2 % من حجم التجارة العالمية التي يبلغ حجمها 11 تريليون دولار سنويا.
وفيما يتعلق بمواقف الدول العربية الاعضاء في منطقة التجارة الحرة فانه يمكن تلخيصها فيما يلي:
* فيما يخص ابلاغ الجهات الرسمية بشأن الانضمام إلى عضوية البرنامج التنفيذي للاتفاقية: بلغ عدد الدول العربية التي اتخذت قرارات من قبل الجهات الرسمية للانضمام إلى البرنامج التنفيذي لاقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لغاية شهر سبتمبر الماضي عشرون دولة (20)، وتشمل كلا من الأردن والامارات والبحرين وتونس والسعودية والسودان وسوريا والعراق وسلطنة عمان وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وفلسطين واليمن و الجزائر والصومال وموريتانيا.
16 دولة فقط
* فيما يخص ابلاغ المنافذ الجمركية:بلغ عدد الدول الاعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية و التي أنهت اجراءات إبلاغ منافذها الجمركية لتطبيق البرنامج التنفيذي للمنطقة، وبدأت في الخفض التدريجي للرسوم الجمركية والضرائب والرسوم (16) دولة، وهي نفس الدول المذكورة اعلاه باستثناء الجزائر واليمن والصومال وموريتانيا حيث ما زالت تلك الدول بصدد اتخاذ الاجراءات اللازمة للانضمام. بلغ عدد الدول العربية التي قامت بابلاغ منافذها الجمركية بتخفيض الشريحة الرابعة والخامسة حتى شهر فبراير (شباط) من العام 2002م (13) دولة تشمل كلا من الاردن، الامارات، البحرين، تونس، السعودية، سلطنة عمان، العراق، قطر، لبنان، مصر، الكويت، ليبيا و سوريا.
اما فيما يتعلق بباقي الدول الاعضاء فتفيد التقارير الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي (تقرير الدورة (69) والدورة (70) بان المغرب ولغاية شهر فبراير من العام الماضي لم يبلغ منافذه الجمركية بتخفيضات الشريحة الرابعة والخامسة ، وان السودان سوف يباشر بالتخفيض اعتبارا من عام 2005 وبواقع 20% سنويا. وباستثناء كل من سورية والعراق، فقد التزمت الدول العربية الأعضاء بما نص عليه البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بأن تتبع الدول الأطراف النظام المنسق HS)) في تصنيف السلع الواردة في البرنامج، والتي سيطبق عليها الخفض التدريجي للتعريفات الجمركية.
|