إذا قالت أمانة جدة، إنها لا تملك المال الذي يعينها على تجديد تزفيت الشوارع المحفرة والمكسرة، لأن وزارة المالية، تمارس دورها الجاد بعدم الانفاق إلا بالقطارة، أو إذا أمر ولي الأمر، إذا كانت المطالبة عبر الروتين والوزارات والإطارات العامة، لا تلقى استجابة ولا انفاقاً.!
* إذا كان هذا هو منطق الواقع الذي نعيش، فإن ثم بدايل أخرى، إذا كانت أمانات المدن وبلدياتها تملك سبلها، وهو عملية الترقيع، حتى تفرج، وهذه الحال نراها في العالم، مثل جنيف وغيرها، وهي تتم ليلاً، بلا تعطيل حركة الشوارع، ويتم الترقيع على أحسن مستوى، لأن وضعية التزفيت الموقوت، دأبنا عليه، لأنه أرخص، وإن الحال تدعو إلى تجديده كل بضع سنين، المهم أن العملية سائرة سلباً أم ايجاباً، غير مهم.!
* ونسمع في الأمثال ان - البخيل يتناول عشاءه مرتين - لأنه مقتّر، ونحن كذلك، بدل أن نصنع تزفيتاً يعيش سنوات وسنوات، كما هي حال الأمم المتقدمة، والتي تهطل عليها الأمطار طوال السنة، غير ان الطرق التي أحسن تزفيتها وأنفق عليها بسخاء تبقى سنوات طوالاً فلا تتلف، إلا أننا دأبنا على أشياء وأشياء، اسميناها موقوتة، لننفق المزيد، ونبدد المزيد من المال، ليس مهماً.!
* إذاً أمانة جدة، تستطيع معالجة مشاكل الحفر والمطبات التي في الشوارع، لترحم أصحاب العربات من العناء، وترحم العربات نفسها من الخلخلة، عبر - الجراويل - والغربلة، لأنا في بلد سياحي، ولأن من متطلبات السياحة الحقة أن تكون المدن، بجانب ما تحفل به من فنادق فارهة ومعارض وتجارة، لابد أن يرى السائح شوارع نظيفة وسليمة، وأرصفة جميلة تغري بالسير والتأمل في جمال المدينة.. غير أن السياحة عندنا - عرجاء -، ذلك أننا نهتم بأشياء ونهمل أشياء.!
* لعل مواضع الاهتمام، ما يقوم به القطاع الخاص، من تجارة في الفنادق ومعارض، فيها مختلف السلع.. أما الأشياء الأخرى العامة، المتعلقة بالحكومة ومشروعاتها، فإنها لا تلقى الاهتمام إلا في جانب واحد، وهو الأحاديث التي لا حدود لها، عن السياحة والتطور، ودعوة رؤوس الأموال للاسهام في نهضة البلاد، والسياح كي يأتوا ويجوبوا البلاد، ليروا النهضة التجارية والعمرانية وكتل المسلح والبحر وحسن الضيافة والناس المستقبلين، والمطار الذي يستقبل الزوار عبر الحافلات قدوماً وسفراً، حتى الذين لا يستطيعون استعمال سلالم الطائرات ودرج الحافلات ومدرجات المطار، يحملون بسهولة ويسر، وينسون التعب، لأن حرارة الاستقبال أكبر مما يلاقون!
* إذاً أمانة جدة وفروعها، يستطيعون ترقيع الشوارع والأرصفة المبهدلة والمكسرة، بلا كثير انفاق إذا شاءوا.. وقد قلت لمعالي الأمين المهندس عبدالله بن يحيى المعلمي، يوم جاء إلى جدة، ليباشر عمله كأمين لها.. قلت له: ان وظيفة رؤساء البلديات وحتى الأمين، ليست القبوع بين كتل المسلح في المكاتب، لكن ينبغي ان يسيروا في الطرقات والشوارع والأسواق بعض الأوقات، واثنى معاليه على ذلك، لكن لم يحدث شيء، لان اخواننا تعودوا أن يقضوا كل أوقاتهم في مكاتبهم، ويظنون ان ذلك وحده هو مهماتهم ولا شيء سواه.!
* مع الاعتراف ان المدن الكبيرة تشغل كل الوقت للأمانات وفروعها، غير أن رؤية الشوارع المبهدلة والأسواق وحركة العمل، لا يكفي فيها مراقبو البلديات، وقد اصبحوا ندرة، فقد لحقتهم عدوى رؤسائهم، فبقوا بجانبهم، ولا حد أحسن من حد.!
* إذاً من يتابع الأخطاء في بقايا العماير التي تشغل الشوارع والسلع التالفة في الأسواق وتهريب الممنوع والطراطيع، وقد أقبل رمضان وهو موسمها؟ وأكرر المثل السائر: اتسع الخرق على الراقع، وإلى الله المصير.!
|